- العرض يضع خطوط فاصلة بين الخير والشر لمجتمع اختلطت فيه المفاهيم

شهد مسرح الهناجر تجربة فنية جديدة في مجال مسرح الطفل، وذلك من خلال العرض المسرحي "الشيطان مش شاطر"، والذي قدمته فرقة أطفال مسرح مؤسسة ساقية مصر للثقافة والفنون، وسط إهتمام جماهيري لافت؛ بدعم من القائم بأعمال رئيس البيت الفني للمسرح، المخرج خالد جلال، رئيس قطاع الانتاج الثقافي، والفنان شادي سرور مدير مركز الهناجر للفنون.
"الشيطان مش شاطر" هو العرض المسرحى الرابع للفرقة المكونه من أطفال فقط؛ تبدأ أعمارهم من خمس سنوات وحتى 14 سنه، وهذا السن الصغير الذى يصعب تعليمه أساسيات العمل المسرحي، للوقوف بمفرده على خشبة المسرح دون ممثل سنيد من الراشدين أو المشاهير، كما هو متبع فى أغلب عروض مسرح الطفل، ومن هنا تعمل فرقة ساقية مصر على تدريب اعضائها الصغار على تجاوز التحدى فى كل عرض تنتجه، وتراهن على قدرات الطفل فى اجتياز مخاوف الوقوف على خشبة المسرح بمفرده، واعتماده على نفسه فى تعلم تدارك أخطائه ايضا دون مساعدة، وذلك عبرة ورش التدريب التي تعتمد على الارتجال وتوليد الأفكار، والتي يبدأ بعدها العمل على سكريبت المسرحية والالتزام به مع وضع لمسات كل طفل في رسم ملامح دوره والشخصية التي يلعبها.
عرض "الشيطان مش شاطر" من تأليف الكاتبة الصحفية وكاتبة قصص الأطفال ناهد السيد، وإخراج الفنان محمد زكريا، ويقدم نوعا من الكوميديا السوداء لأشكال وأنماط بشرية تؤثر على محيط الطفل، مما يحول دون تربيته فى بيئة صحية، ويرصد مساوىء المجتمع التى جعلت الشيطان يقف حائرا بعد أن فقد هيبته وسط أفعلا البشر الشيطانية، والتي تفوقت على ألاعيب الشيطان واتباعه، حتى وصل به الأمر إلى إعتزال الشر، بعد أن استولى بنى البشر على الأرض وحولوها لشيء أعظم من الجحيم بأفكارهم وأفعالهم، من خطف للأطفال وبيع أعضاءهم، والعنف المتزايد والذى صار أسلوب حياة، من التحرش ومسانده المتحرش، من السلبية المقننه فى رصد ومشاهدة كل أفعال الشر والاكتفاء بتصويرها وعرضها على الشاشات الزرقاء، بدلا من مد يد العون للضحايا، وأكل حقوق اليتامى، والنصب فى المواريث، من خيانة الاخ لأخيه، والجشع الذى تلجأ إليه الأسر على حساب رعاية أطفالها.
ويطرح العرض التساؤلات حول غياب التربية في المجتمع، ومنح حريات بلا حدود حتى تداعت بسببها الأخلاق، وفرض قيم واساليب كانت أفعالا شيطانية فى السابق، وصارت الآن جزءا لا يتجزأ من الحياة، ويفترض أن يتعامل معها الطفل، الذي يفترض ان ينشأ فى تلك البيئة التي يختلط فيها العيب بالحرام ويختفى الصواب تدريجيا.
وعبر هذه التساءلات تحاول الكاتبة ناهد السيد إسقاط الضوء على اوجاع المجتمع، استعادة التوازن بوضع خطوط فاصل بين الصواب والخطأ والمنطقى والغير منطقى، لكى يدركه الطفل حقائق مجرد فى زمن اختلطت فيه المفاهيم.
وفي تصريحات خاصة لـ"الشروق" تقول ناهد السيد أن فرقة مسرح مؤسسة ساقية مصر حققت فى وقت قياسي تواجدا ملموسا فى ساحة مسرح الطفل والمراهق، وذلك عبر تقديم تجربة خاصة؛ تقوم على بشكل اساسي على الطفل والمراهق، ورصد موضوعات خارج الصندوق فى مسرح الطفل، لا تنتمى للمدارس التى تعيد إحياء عروض قديمة أو قصص مألوفه ولى زمانها، بل تتناول موضوعات تمس الأجيال الجديدة وتضعها بين أياديهم للمشاركة في صياغتها، وعرضها على المسرح من وجهه نظرهم.
وأشارت إلى اختار أطفال الورشة "العنف الأسرى"عنوانا للعرض المقبل، حيث تتبع حاليا مفاهيم الاطفال حول موضوع العرض من خلال لقاءها معهم واستعراض أفكارهم حوله، لتكون المشكلات منهم وإليهم، وهو ما يجعل الأطفال متحمسين لعرضهم الذى وضعوا بأنفسهم حجر أساسه وشاركوا فى تأليفه وكتابته، فيما يقوم المخرج محمد زكريا مشاركة الطفل فى سكريبت المسرحية لمنحه الثقة بأنفسهم وتدريبهم على التفكير والخيال.
وأوضحت أن ساقية مصر تأسست قبل اربعة أعوام تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعى، وتقدم ورشة مسرحية للطفل والمراهق كل عام، تستمر أربعه أشهر تنتهي بتقديم عرض مسرحي عن مشكلة من المشكلات التى تؤثر سلبا على الأطفال، وبدأت بعرض مسرحية "صندوق الأوامر" فى معرض كتاب الطفل بالشيخ زايد، وتناولت العناد والتمرد الناتج عن اسلوب خاطىء فى التربية، وجاء العرض الثانى بعنوان "تايه بمزاجى"، وتناول اضرار السوشال ميديا والتى جعلت الأطفال مثل الايقونات الشهيرة للثلاثة قرود "لا أرى ولا اسمع ولا أتكلم"، وتم تقديمه على مسرح سيد درويش بدعم من أكاديمية الفنون، وحمل العرض الثالث عنوان "الأقوى"، وتناول قضية التنمر وتم عرضه على مسرح الهناجر.
يذكر ان مسرحيات "ساقية مصر" انتاج ذاتي للمؤسسة، وتكتبها ناهد السيد، ويقوم بالإخراج والتدريب الفنان محمد زكريا، ويساهم فيها الفنانين ملك صلاح مساعد مخرج، وشاهيناز اشرف "المكياج"، وهايدى رضوان "الازياء"، وتصميم الاضاءة أابو بكر الشريف، وتنفيذ إضاءة أحمد رجائى.