الاقتصاد الألماني بين الركود والاستثمار الأجنبي: هل الصين هي الحل؟ - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 2:24 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاقتصاد الألماني بين الركود والاستثمار الأجنبي: هل الصين هي الحل؟

بسنت الشرقاوي
نشر في: الجمعة 8 نوفمبر 2024 - 1:22 م | آخر تحديث: الجمعة 8 نوفمبر 2024 - 1:22 م

يعاني الاقتصاد الألماني من أزمة ركود كبيرة، حيث صنف صندوق النقد الدولي ألمانيا في المرتبة 39 من بين 41 اقتصادًا متقدمًا من حيث النمو، مما يسلط الضوء على الصعوبات التي يواجهها.

وفي أكتوبر، توقع نائب المستشارة الألمانية ووزير الاقتصاد روبرت هابيك انكماشًا إضافيًا بنسبة 0.2% للاقتصاد الألماني في عام 2024، مما يشير إلى عام ثانٍ على التوالي من الركود، مشيرا إلى تحديات هيكلية كبيرة، بما في ذلك نقص العمالة الماهرة، ونقص الاستثمار في البنية التحتية، والبيروقراطية المفرطة، التي لا تزال تحد من إمكانات النمو في ألمانيا على المدى الطويل.

وذكرت صحيفة برلينر تسايتونج أن الشركات الأجنبية تسرع وتيرة استحواذها على الشركات الألمانية في ظل الركود الاقتصادي. وقد أصبحت بعض الشركات الألمانية التي تعاني من ضعف مالي الآن عرضة بشكل متزايد للاستحواذ الأجنبي، حيث وصفت صحيفة فاينانشال تايمز الوضع بأنه "الشركات الألمانية معروضة للبيع".

ويحذر خبراء الصناعة من أن تأخر ألمانيا في الابتكار والتحول البنيوي يشكل ضغطًا كبيرًا على نموذجها الاقتصادي. ومع ذلك، لا تزال قطاعاتها الأساسية و"أبطالها الخفيون" تجذب اهتمامًا استثماريًا عالميًا قويًا.

أزمة سياسية.. حكومة منحلة

تدخل ألمانيا في أزمة سياسية بعد قرار مستشار الحكومة أولاف شولتز إقالة وزير المالية، ما عرض الحكومة للحل. ودعا زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرز إلى إجراء انتخابات مبكرة في يناير المقبل عقب انهيار حكومة أولاف شولتز، محذرًا من أن البلاد لا يمكن أن تخاطر بفترة طويلة من عدم اليقين السياسي.

ورفض رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ يوم الخميس الجدول الزمني الذي حددته المستشارة الألمانية بعد أن قام بتفكيك الائتلاف الحاكم، وهي الخطوة التي مثلت ذروة الخلاف الطويل الأمد حول كيفية تعزيز النمو وأغرقت أكبر اقتصاد في أوروبا في اضطرابات سياسية.

استطلاع: نظرة متشائمة للشركات تجاه الاقتصاد الألماني

وقد وجد استطلاع حديث أجرته جمعية غرف التجارة والصناعة الألمانية أن العديد من الشركات لديها نظرة متشائمة للاقتصاد في الأشهر المقبلة، حيث تخطط ثلث هذه الشركات لتقليص استثماراتها المحلية. وقد ارتفع هذا الرقم إلى 40% بين الشركات الصناعية.

وقال مارتن وانسليبن الرئيس التنفيذي لاتحاد الصناعات الألمانية: "الاقتصاد الألماني يتعثر، وقدرته التنافسية على الساحتين الأوروبية والعالمية تتآكل... وأصبحت علامات نزع الصناعة أكثر وضوحًا".

وأشار تشنغ تشون رونغ، مدير مركز الدراسات الألمانية بجامعة تونغجي الصينية، إلى أن الشركات المصنعة الألمانية كانت تؤدي بشكل جيد تقليديًا، مما يجعلها مترددة في متابعة التحول. وقد أدى هذا التحفظ إلى تخلف ألمانيا في مجالات مثل المركبات الكهربائية والرقمنة، حيث تعتمد بعض الشركات الآن على الشراكات الأجنبية للوصول إلى التقنيات المتقدمة.

ويشير المحللون إلى أن الشركات الألمانية تحتاج إلى استعادة قدرتها التنافسية من خلال التحديثات التكنولوجية والتحولات الاستراتيجية. وسوف يعتمد مستقبل ألمانيا الاقتصادي على قدرتها على الجمع بين نقاط القوة التقليدية والابتكار، بمساعدة الشراكات الرأسمالية الدولية القادرة على ضخ زخم جديد في النمو.

الشركات الألمانية بين التمويل الأجنبي وبيع الأصول

وتسعى الشركات الألمانية بشكل متزايد إلى "نقل" عملياتها إلى الخارج بحثًا عن فرص نمو أفضل، ويلجأ العديد منها إلى التمويل الأجنبي أو بيع الأصول للتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة.

وشهد هذا العام ارتفاعًا ملحوظًا في عمليات الاستحواذ الأجنبية على الشركات الألمانية. ففي أكتوبر استحوذت مجموعة تكساس باسيفيك كابيتال على شركة إدارة الطاقة الألمانية تيشيم مقابل نحو 6.7 مليار يورو (7.2 مليار دولار أميركي). وفي وقت سابق، أبرمت شركة الخدمات اللوجستية العملاقة الدنمركية دي إس في صفقة بقيمة 14 مليار يورو (15.04 مليار دولار) لشراء وحدة الخدمات اللوجستية شينكر التابعة لشركة دويتشه بان.

وبحسب بيانات مجموعة بورصة لندن، شارك مستثمرون أجانب في صفقات الاندماج والاستحواذ الألمانية بقيمة إجمالية بلغت 111 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 39% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

ورغم أن ألمانيا تظل رائدة في مجال التصنيع، فإن التقدم البطيء في التكنولوجيات الناشئة والرقمنة والمركبات الكهربائية يقوض قدرتها التنافسية العالمية.

وأشار محللون صناعيون إلى أن الضغوط الاقتصادية المطولة تعمل على إعادة تشكيل المشهد المؤسسي الألماني.

وكمحاولة لمواكبة الوتيرة المتسارعة، تتجه بعض الشركات الألمانية الآن إلى رأس المال الأجنبي لدفع عجلة التحول. وقد دفع هذا التحول إلى عمليات استحواذ استراتيجية من جانب مستثمرين أجانب حريصين على الاستفادة من الخبرة التكنولوجية الألمانية والاستفادة من حاجتها إلى التجديد.

ويشير ارتفاع عمليات الاستحواذ الأجنبية إلى أن الشركات الألمانية تتجه بشكل متزايد إلى الدعم الخارجي لمواجهة التحديات البنيوية وتكثيف المنافسة العالمية. وفي الوقت نفسه، لا تزال زعامة ألمانيا في القطاعات الرئيسية تجعلها هدفًا جذابًا للمستثمرين الدوليين.

مع ركود الاقتصاد الألماني، اشتدت موجة من عمليات بيع الشركات، مما يعكس حالة من الذعر تشبه حالة الذعر في سوق الأوراق المالية. ومع ذلك، فإن جذر المشكلة يكمن في التحديات الأعمق التي تواجه الاقتصاد نفسه.

هل تسهم الصين في دعم الاقتصاد الألماني؟

أشارت وكالة الصين الرسمية "شينخوا" إلى أنه مع تباطؤ الاقتصاد الألماني، برزت الصين كمحرك نمو حيوي للشركات الألمانية. وتظهر بيانات البنك المركزي الألماني أن الاستثمار الألماني في الصين بلغ مستوى قياسيًا بلغ 7.3 مليار يورو (7.84 مليار دولار) في النصف الأول من عام 2024.

وقد وسعت بعض الشركات الألمانية المتعددة الجنسيات استثماراتها في الصين هذا العام، فأنتجت فولكس فاجن أكبر مركز للبحث والتطوير خارج ألمانيا في هيفاي؛ واستثمرت بي إم دبليو 20 مليار يوان (2.79 مليار دولار) لتوسيع وتحديث مصنعها في شنيانغ؛ وأعلنت باير عن استثمار بقيمة 600 مليون يوان (83.62 مليون دولار) في مركز إمداد جديد في تشيدونج، جيانغسو.

وعلاوة على ذلك، لا تزال بيئة الأعمال المحسنة في الصين تجذب الشركات الألمانية. ووفقًا لمسح ثقة الأعمال السنوي 2023/2024 الذي أجرته غرفة التجارة الألمانية في الصين، فإن أكثر من نصف الشركات الألمانية التي شملها الاستطلاع تخطط لزيادة الاستثمارات في الصين على مدى العامين المقبلين، حيث أعرب 91% عن التزام طويل الأجل بالسوق.

وقال والتر دورينغ، رئيس أكاديمية الأبطال الخفيين الألمان: "إن السوق الصينية توفر إمكانات نمو كبيرة للشركات الألمانية، مما يساعدها على تعزيز قدرتها التنافسية العالمية".

ويشير ستيفان كوثس، مدير معهد كيل للاقتصاد العالمي، إلى أن "الشركات لا تمتلك جوازات سفر"، مضيفًا أن ازدهار أي دولة لا يعتمد على جنسية أصحاب الشركات فيها، بل على جودة بيئة الأعمال فيها.

وقال مايكل بورشمان، الرئيس السابق لقسم الشؤون الأوروبية والدولية في ولاية هيسن الألمانية، إن "زيادة استثمارات الشركات الألمانية في الصين تعكس استراتيجية أساسية لتحديد مجالات نمو جديدة".

وقال بورشمان: "من خلال الشراكات مع الصين، تتمكن هذه الشركات من الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة وفرص السوق، مما يعزز قدرتها التنافسية العالمية في ظل التحديات. إن تعميق الاستثمار في الصين خطوة ضرورية لمواجهة الصعوبات الحالية وضمان النجاح والابتكار على المدى الطويل".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك