- "الأدب له أثر إيجابي في تحقيق النضج الفكري للإنسان.. ويجب التشجيع على قراءة الأدب"
- "تستهويني قراءة القصص التي تتناول المأساة لأنها تمسنا جميعًا بشكل إنساني"
سلط بابا الفاتيكان، البابا فرانسيس، الضوء حديثًا على أهمية الأدب والأثر الإيجابي الذي يوقعه بنفس الإنسان من خلال قراءة الروايات والقصائد المختلفة، واصفًا قراءة الأدب بـ "الخطوة الضرورية في رحلة المرء صوب النضج الشخصي"، كما شدد على ضرورة تشجيعها كهواية خلال فترات تدريب الكهنة في المستقبل.
وتحدث البابا فرانسيس رئيس الكنيسة الكاثوليكية - عبر رسالة كتبها في 17 يوليو الماضي وتم نشرها بثماني لغات - عن بعض الأيقونات الأدبية المخضرمة على غرار الكاتب الإنجليزي سي إس لويس و الأديب الفرنسي مارسيل بروست وكذلك الشاعرين تي إس إليوت وبول سيلان ، كما كشف عن ذوقه الشخصي في قراءة الأدب؛ فقال: "أُفضِّل القصص التي تتناول فكرة المأساة بشكل عام؛ لأنها تمسنا جميعًا بشكل إنساني، ونستطيع بسهولة التفاعل معها لما تعرضه من دراما شخصية محاكية لما يجري في حياتنا"، وأضاف: "حينما نحزن على مصير شخصيات الرواية حزنًا حقيقيًا مفضيًا للبكاء فإننا - في حقيقة الأمر - نبكي على أنفسنا وعلى فراغنا ونقائصنا ووحدتنا".
وقال البابا فرانسيس إن الأدب غالبًا ما يُنظر إليه على أنه "فن ثانوي" - أو مجرد شكل من أشكال الترفيه - ومن ثمّ يُعتبر غير ضروري لتعليم الكهنة. وقد وصف هذا النهج في التفكير بأنه "غير صحي"، مضيفًا أنه قد يؤدي إلى "إفقار فكري وروحي خطير" للكهنة، ولذلك دعا إلى تغيير جذري في المسار التعليمي.
وأوضح أنه يعتز للغاية بموقف بعض المعاهد اللاهوتية التي قررت تكريس جل اهتمامها بالأدب بعيدًا عن هوس "الشاشات" والتكنولوجيا الحديثة والأخبار المزيفة السامة والسطحية والعنيفة، نقلًا عن صحيفة الجارديان البريطانية.
وكشف عن أن لديه تجربة حية في هذا الصدد؛ لأنه قام بتدريس مادة الأدب في مدرسة رهبانية في سانتا في الأرجنتين بين عاميّ 1964 و1965 وكان يبلغ من العمر حينها 28 عامًا، وقال عن تلك المرحلة: "لقد درّست آخر عامين من المدرسة الثانوية وكان عليّ التأكد من أن تلاميذي يدرسون مواد التاريخ"، وأضاف: "لكن الطلاب لم يكونوا سعداء بتلك المواد وكانوا يفضلون قراءة أشعار الشاعر الإسباني جارسيا لوركا بدلاً من دراسة أمراء أسبانيا على سبيل المثال، لذلك سمحت لهم بمذاكرة السيرة الذاتية للقائد الحربي الإسباني إل سيد في المنزل، وخلال الدروس كنت أتحدث معهم عن الأدب والمؤلفين المضلين لديهم".
وقال إنه لا يوجد شيء أكثر ضررًا على المرء من قراءة شيء ما من باب "عمل الواجب" وبذل جهد كبير لاستيعابه لمجرد أن الآخرين قالوا إن ذلك أمرًا ضروريًا.
وقد عددت الرسالة أيضًا فوائد القراءة، بما في ذلك زيادة المفردات، وتحفيز الخيال والإبداع، وتحسين التركيز، والحد من التدهور المعرفي والقلق، وتمكين القارئ من الاستعداد و"التعامل" مع مجموعة متنوعة من المواقف الحياتية المختلفة، كما قال البابا فرانسيس إن الكتاب الجيد يمكن أن يوفر لنا "واحة فكرية" تحمينا من الخيارات الأخرى الأقل فائدة لعقولنا.
ومن فوائد الأدب الأخرى أنه يسمح لنا برؤية الحياة من منظور الآخرين، مما يسمح للقراء بتطوير نمط من أنماط "التعاطف المبني على الخيال"، وأكد البابا على ضرورة الاستماع إلى آراء الآخرين، لأننا إن لم نفعل، نقع على الفور في بئر من العزلة وندخل في نوع من "الصمم الروحي"، والذي له تأثير سلبي على علاقتنا بأنفسنا وعلاقتنا بالله، بغض النظر عن مقدار اللاهوت أو علم النفس الذي قد ندرسه.