عقدت مبادرة سؤال، فعالية من فعاليات نادي السينما، لمناقشة العرض الأول والخاص لفيلم "ممر الألم" وهو فيلم وثائقي درامي من إنتاج المبادرة، بحضور بعض صناع الفيلم والمشاركين فيه والشخصيات الفنية والإعلامية والدينية المختلفة.
شارك في النقاش بعد عرض الفيلم الكاتب عبد الرحيم كمال، والمخرج وصانع المحتوى هشام عفيفي، والدكتور مايكل مدحت، مدرس الفلسفة بكلية الآداب، والشيخ علاء عبد الحميد مدرس الفقه الحنفي والأصول وأحد المشاركين في الفيلم، والكاتب الصحفي سامح فايز أحد المشاركين في الفيلم، والكاتب والباحث الدكتور حسين القاضي، والأب موسى نيابة عن الأنبا أرميا رئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، ودكتور سامح شراقي الأستاذ بكلية الإعلام جامعة الأزهر، والدكتور عاصم عبد القادر الأستاذ بجامعة الأزهر، والدكتور أحمد كامل البحيري الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية، والدكتورة مريم وحيد المدرسة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والدكتور طاهر زيد أمين الفتوى ومدير إدارة حوار بدار الإفتاء المصرية، والشيخ الحبيب علي الجفري رئيس مجلس أمناء مؤسسة طابة، والشيخ مصطفى ثابت مدير مبادرة سؤال، والباحثة كوثر السعدني، والباحث أحمد رأفت.
أدارت اللقاء مخرجة الفيلم شيماء شرف الدين، وهي مدير وحدة الإنتاج المرئي بمؤسسة طابة، والفيلم من بطولة جهاد حسام الدين، وتدور فكرته الرئيسية حول الأسئلة التي تهاجم الأفراد أثناء رحلتهم في التعرف على الله، ومدى التشتت الذي ينتاب هذه الرحلة، ويزلزل أركان أصحابها، وقد استغرق الإعداد له وانتاجه بشكل نهائي ما يزيد عن 4 سنوات.
ظهر في الفيلم عدد من الشخصيات الحقيقية، التي تحدثت بصراحة حول أسئلة متعلقة بالشر والعدالة والظلم والألم في الدنيا، وعلاقة ذلك بالإله وخلق البشر، وعن شعور الأفراد بالألم والتردد داخل هذه الرحلة الشاقة، لذلك حمل اسم "ممر الألم".
وقال الكاتب عبد الرحيم كمال أثناء مداخلته: "فيلم جيد ومحترم وجريء، ومصنوع باحترافية، ولكن رغبة الفيلم في الوصول للإجابة جعلته غير مريح بعض الشيء، الفيلم السينمائي ليس دوره العثور على إجابات، ولكن بالتأكيد كل الأسئلة المطروحة حلال، الحرام يبدأ من تأويل الإجابات"، مضيفا: "منهم لله اللي خلوا قواعد الدين أهم من الدين نفسه".
وعلق الدكتور مايكل مدحت قائلا: "القائمون على الفيلم قاموا بعمل جهد فني جيد بصرف النظر عن المحتوى المعرفي المقدم، هناك حبكة وتعريف بالأحداث في البداية، وهناك ما يشبه بـ الذروة الدرامية، وهناك النهاية التي تضمنت محاولة الوصول إلى إجابة، لذلك الفيلم فنيا جميل جدا".
وتعمق مايكل في السؤال الرئيسي الذي تدور أحداث الفيلم حوله، وهو سؤال الشر الذي أرق كثير من الحالات التي ظهرت وتحدثت عن تجربتها، وحاول تفكيك سؤال الشر من منظور فلسفي، وقال منطلقا من فلسفة الفيلسوف الألماني غوتفريد لايبنتس: "الشر يقسم إلى أنواع: الشر الطبيعي مثل الزلازل والبراكين وغيرها، دي قوانين الطبيعة الثابتة لو الانسان تضرر منها يسميها شر وإذا استفاد يسميها خير، والألم الطبيعي وهو المرتبط بأمراض الإنسان أو الموت أو الفقدان، وهذا ليس شر يمارس على الإنسان ولكن هي طبيعة الإنسان وطبيعة وجوده الإنساني، والشر الميتافيزيقي، مثل تعرض الإنسان لمساوئ أخلاقية، وهذه الممارسات متعلقة بممارسات الإنسان نفسه، وإرادته الحرة، والإله يسمح للإنسان بممارسة بعض الشر لكن هو تمهيد لخير أعظم لا يعلمه الإنسان".
وأضاف مايكل: "سبب الألم الذي يشعر به الإنسان عندما يقع عليه شر ما، هو التنافر المعرفي، أي شبكة المعتقدات والأفكار في عقولنا وعندما يحدث خلل لهذه الشبكة، ينتج عنها الشعور بالألم والمضايقة".
بدأ الحبيب الجفري حديثه بشكر الحضور إلى مؤسسة طابة، ثم تحدث عن الفيلم، وقال: "ميزة مثل هذه الأفلام تشعرنا بمعنى الحياة، أي الشعور بمن حولنا، وهو معنى مهم من معاني الحياة، الذين ظهروا في الفيلم مروا بمعاناة وألم، منقسم إلى نوعين، ألم ناتج عن الرحلة وألم ناتج عن التعامل مع هذه الرحلة، أنا لم أرى ملحدا في هذا الفيلم، والمسألة ليست أجوبة عقلية، لو كان العقل في كل الحالات يستطيع أن يسعف صاحبه ما كان الإنسان إنسانا لكان الإنسان آلة، وأهم ما في الفيلم هم الذين في الفيلم وشعورهم أن هناك من يشاركهم معاناتهم، كما أن المتخصصين دينيا الموجودين لم يستخفوا بألم هؤلاء، لأن استشعار المعاناة مهم جدا".
يذكر أن مبادرة سؤال، جزء من مجموعة مبادرات تطرحها مؤسسة طابة، وهي مبادرة مجتمعية ترحب بالأسئلة الوجودية الشائعة بين الشباب والالتزام بحوار هادئ يحترم عقل الإنسان، ويملأ قلبه، ويناسب وجدانه، إذ تعمل على خلق مساحة للاستفادة المتبادلة بين فريق المبادرة والشباب، من خلال عدة فعاليات وأنشطة متنوعة لمناقشة الأسئلة التي تشغل الأذهان، وتعتبرها شرائح مختلفة من المجتمع أسئلة محرمة أو ممنوعة، ومؤسسة طابة هي منظومة غير ربحية تُعنى بتقديم أبحاث ومبادرات واستشارات وتطوير كفاءات، وتسهم في إعادة تأهيل الخطاب الإسلامي المعاصر للاستيعاب الإنساني.