كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فحوى اللقاءات التي جرت بين مسئولين كبار في إدارة إدارة الرئيس دونالد ترامب ومسئولين من حركة حماس في مجمع مغلق محاط بسور في قطر ثلاث مرات في مارس الماضي.
واتهم مسئولون أمريكيون كبار، إسرائيل بإفشال تلك المفاوضات في اللحظة الأخيرة، من أجل التوصل إلى صفقة تبادل.
وبحسب التقرير، فإن إسرائيل لم توافق على شروط حماس، وبعد عدة أيام جددت الحرب على غزة ردا على ذلك.
وكانت تلك اللقاءات بمثابة تحول جذري في السياسة الأمريكية المتبعة منذ فترة طويلة، والتي كانت تحظر أي اتصال مع الجماعة.
لكن ترامب جعل من إطلاق سراح المحتجزين أحد أهدافه الرئيسية، وكان على استعداد لبذل كل ما في وسعه لتحقيق هذا الهدف.
ولكن في نهاية المطاف، وفي ظل المعارضة الشديدة من جانب إسرائيل، وتردد حماس، والتغييرات في المواقف داخل إدارة ترامب، لم يتم توقيع الاتفاق.
وقالت أربعة مصادر مطلعة على تفاصيل المحادثات، إن آدم بوهلر، المبعوث الخاص لشئون الأسرى، حاول إقناع حماس بالموافقة على إطلاق سراح المحتجز الأمريكي يدان ألكسندر حتى يتمكن الرئيس ترامب من الإعلان عن ذلك خلال خطابه أمام الكونجرس.
واستمرت المفاوضات حتى مع وصول ترامب إلى مبنى الكابيتول، لكنها لم تتمكن من التوصل إلى نتيجة قبل الخطاب، لذلك ذكر الرئيس قضية المحتجزين في غزة بشكل موجز فقط.
وبدأت المحادثات في الثاني من مارس، وجرت بشكل منفصل عن الجهود الرامية إلى تمديد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس إلى ما بعد مرحلته الأولى، والتي توقفت ولم يكن من الممكن تحقيق أي اختراق.
ورفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المضي قدما في المرحلة التالية من الصفقة، والتي تهدف - بالإضافة إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين - إلى إنهاء الحرب أيضا، طالما لم يتم تجريد حماس من قدراتها العسكرية والحكومية.
• كيف كان رد حماس؟
ومن جهتها، أبدت حماس موافقتها على التخلي عن سيطرتها المدنية على القطاع فقط، ولكن ليس عن أسلحتها.
وقد ترك الجمود في المحادثات الأمريكيين مع الانطباع بأن الأمر لم يعد سوى مسألة وقت قبل أن تجدد إسرائيل هجومها على غزة.
وبحسب مصدرين، يعتقد بوهلر أن حماس ربما تريد تكريم ترامب، وأن اتفاقا منفصلا قد يؤدي إلى محادثات أكثر جدية حول المرحلة الثانية.
في يوم الاجتماع الأول، وبعد وجبة الإفطار التي تكسر الصيام اليومي خلال شهر رمضان، رحب ثلاثة من كبار المسئولين في حماس، باسم نعين، وأسامة حمدان، وطاهر النونو، بالمبعوث الأمريكي ومستشاره ــ وهو خريج حديث من كلية هارفارد للأعمال ــ في غرفة استقبال تضم جدارية كبيرة للمسجد الأقصى في القدس وصورة لإسماعيل هنية، زعيم حماس الذي اغتالته إسرائيل في يوليو، بحسب تقرير الصحيفة.
وبعد منتصف الليل، ناقش المتحدثون الطبيعة التاريخية للاجتماع، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعملية طوفان الأقصى التي وقعت في السابع من أكتوبر.
وقال النونو، إن حماس تسعى لتحقيق الحرية للفلسطينيين، وهي القيمة التي قال إن الأمريكيين يقدسونها، وبعد يومين من الاجتماع الأول، التقى بوهلر مع خليل الحية، كبير المفاوضين في حماس.
وأضاف الحية، أن حماس تطالب بالإفراج عن 500 أسير فلسطيني مقابل إطلاق سراح محتجز مثل ألكسندر، ولكن كبادرة حسن نية ولتوفير الوقت، فإنها ستطلب فقط 250 أسيراً، بما في ذلك 100 يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد، ذاكرا أنه يعتقد أن الولايات المتحدة قادرة على الضغط على إسرائيل لإطلاق سراح هذا العدد من الأسرى.
بالنسبة لبوهلر، كان 250 أسيرا عددا كبيرا جدا - ولكن في وقت لاحق من ذلك اليوم وافق على تقديم 100 محتجز محكومون بالسجن مدى الحياة مقابل ألكسندر، إلى جانب وعد بالإفراج عن 150 آخرين في وقت لاحق.
لكن هذا الاقتراح لم يتم تنسيقه على الإطلاق مع إسرائيل، وقال مسئولون إسرائيليون إن هذه الإجراءات ضرورية لإطلاق سراح الأسرى المتبقين، ولذلك فهم حريصون على عدم إطلاق سراح عدد كبير منهم مقابل محتجز واحد.
وتميل الولايات المتحدة إلى التشاور مع إسرائيل بشأن القضايا الأمنية الحساسة، ولكن إدارة ترامب ربما فضلت عدم إبلاغها بذلك لأنها كانت تعلم أنها أحبطت محاولة سابقة للقاء حماس.
في هذه الحالة، سافر بوهلر مباشرة بعد تنصيب ترامب في 20 يناير، إلى الدوحة على أمل لقاء شخصيات بارزة في حماس، ولكن عندما اكتشف مكتب نتنياهو ذلك، اتصل مسئولون إسرائيليون بشخصيات رفيعة المستوى في البيت الأبيض، وتم إلغاء الاجتماع.
خلال محادثات مارس، كان بوهلر على اتصال دائم مع ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، لتنسيق المواقف وتقديم التحديثات.
وقبل الاجتماع الثالث والأخير مع حماس، في الخامس من مارس، لم يعد الأمريكيون يعتقدون أن اقتراحهم القديم واقعي؛ وقد قرروا أن يكون العرض الأقصى هو 100 محتجز فلسطيني مقابل ألكسندر، إلى جانب إطلاق سراح النساء والأطفال الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية مقابل المحتجزين الأمريكيين الإسرائيليين الأربعة الذين لقوا حتفهم، واستئناف نقل المساعدات إلى غزة.
وتضمن الاقتراح أيضا خطة لإرسال ويتكوف إلى الدوحة، لتسوية الخلافات، وإتمام الصفقة بشأن المحتجزين الإسرائيليين الأمريكيين، والبدء في المحادثات بشأن المرحلة الثانية.
وعندما قدم بوهلر الاقتراح، ألمح الحية إلى أن حماس لن تكون قادرة على الموافقة عليه، حتى لو أرادت ذلك بنفسها، قائلا إنه لن يكون قادرا على مناقشة عدد أقل من 250 اسيرا، وفقا لأربعة مصادر مطلعة على المحادثة، مضيفا أن القرار ليس في يديه.
وتركزت اللقاءات مع الحية على الاتفاق المحتمل، ولكن أيضا على رؤية حماس لمستقبل غزة. وقال الحية للأمريكيين إن حماس منفتحة على وقف إطلاق النار لمدة تتراوح بين خمسة إلى عشرة أعوام، تقوم خلالها بإلقاء سلاحها.
وأضاف الحية، بحسب الصحيفة الأمريكية، أن حماس تريد إطلاق سراح رؤساء مؤسسة "هوليلاند" من تكساس، الذين حكم عليهم بالسجن لفترات طويلة في الولايات المتحدة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بتهمة تحويل ملايين الدولارات إلى حماس.
وفي ختام اللقاء الأخير، قال بوهلر للحية إن عرضه نهائي وسيتم سحبه من على الطاولة إذا لم تقبله حماس بحلول موعد مغادرته الدوحة، لكن الحية رفضه.
وبعد أسبوع أصدرت حماس بيانا أعربت فيه عن استعدادها لإبرام صفقة لإطلاق سراح ألكسندر والرهائن الأمريكيين الإسرائيليين.