في مثل هذا اليوم -10 نوفمبر- ولد الكاتب المصري عبدالرحمن الشرقاوي عام 1920 وهو بن لقرية مصرية في محافظة المنوفية، قرية الدلاتون بمركز شبين الكوم، كما رحل في نفس التاريخ عام 1987، درس في كلية الحقوق وتخرج منها عام 1943، وعُين مفتشاً للتحقيقات بوزارة المعارف بعد عامين من تخرجه، ثم دخل إلى عالم الصحافة وشغل مناصب صحفية مختلفة فيما بعد.
وترك عبدالرحمن الشرقاوي مؤلفات كثيرة ومتنوعة في مجل الفكر والأدب شعرا ومسرحية ورواية وقصة قصيرة، وحصل خلال رحلته الأدبية على وسام العلوم والفنون وجائزة الدولة التقديرية في الآداب.
وترصد "الشروق" في ضوء ذكرى ميلاد ورحيل الشرقاوي بعض سمات كاتبته الأدبية من خلال قراءة في كتاب "مبدعون وجوائز" للكاتب والناقد يوسف الشاروني.
* في مجال الشعر
يعتبر عبدالرحمن الشرقاوي أحمد رُوَّاد الشعر الحديث في مصر، فهو من المجددين في شكل القصيدة وحاولوا تطويرها لتستوعب نوعاً جديداً من التجارب المستحدثة في المجتمع.
لم يكن السطر الشعري عنده محددا بل يطول ويقصر مرتبطا بنوع الصورة والشحنة الانفعالية والغرض، وقصائده منها ما هو عمودي على بحور الخليل وما هو على نظام التفعيلة، وبرر الكاتب عبدالرحمن أبو دومة هذا في كتابه عبدالرحمن الشرقاوي شاعرا أنه بحثا من الشرقاوي على شكلا جديدا في كل قصيدة على حدة يصب فيها تجربته مازجا بعضها حينا بالأبيات المشطرة، وحينا بالموشح أو محاولات ختم نهايات الأبيات دون الالتزام بالتشطير.
وكانت قصائده معبرة عن واقعه الاجتماعي وعن تجارب صادقة، فنجد قصائد ضمت مضمونا نضاليا ضد الاستعمار مثل "لومومبا" و"جميلة"، وأخرى تحوي مضمونا عن الحرية والسلام مثل "أنشودة الحرية".
* في المسرح
يقول الشاروني أن الشرقاوي لم يتجاهل الوحدات التقليدية في مسرحه –وحدة الزمان والمكان والحدث- وإن لم يلتزم بها جميعا، لكنه إلتزم بوحدة الأثر العام، أما لغته المسرحية فاختار أن يغلب عليها الفصحى كأساس في نصه، إلى جانب كلمات عامية متناثرة سواء في شعره أو رواياته.
وكانت القضية التي تؤرق تفكير الشرقاوي في مسرحه هى العدل الاجتماعي حيث مثلت محور أعماله الإبداعية، كما أنه مزج بين القضية الوطنية في إطارها الخاص وبين الإنسان في أي مكان، ومزج أيضا بين الهموم العربية بالهموم الإنسانية، فهو يربط بوعي بين التحرر الوطني وبين التحرر الخارجي.
ومن الأمثلة الواضحة على مسرح الشرقاوي الشعري "ثأر الله" والفتى مهران" التي قال علا عنهما الدكتور مصطفى عبدالغني، في كتابه "الشرقاوي متمردا.. الدلالة الذاتية والاجتماعية"، (إن قضية الحسين في مسرحية ثأر الله هى نفسها قضية الفتة مهران لكن بشكل آخر، فقد رفض الحسين أن يساوم بالرخم من أنه كان متاكدا من مصيره، أما مهران فقد ساوم وتنازل؛ ومن هنا وقع في محظور السقوط، وكلاهما تناقش قضية المثقف والسلطة وهى علاقة تبدأ بالأزمة وتنتهي بالسقوط).
* في القصة القصيرة
كانت القصة القصيرة هى أولى خطوات مسيرة الشرقاوي الأدبية وبدأت في الأربعينيات، وكتب مجموعتين قصصيتين فقط بين عامي 1943 و1956، وتضم المجموعتان اكثر من 30 قصة قصيرة.
كما احتوت قصص المجموعة الأولى على قضية العدالة الاجتماعية وركزت عليها، والتي كتبت في الفترة بعد الحرب العالمية الثانية، واستمر نفس الخط في المجموعة القصصية الثانية مع وضوح الخط السياسي بشكل أكبر.
وركزت قصصه القصيرة على 3 قضايا أساسية الريف وهمومه، وافتقاد العدالة الاجتماعية، والحساسية الواقعية، ومن سمات قصص الشرقاوي القصيرة اتخاذ من التاريخ مسرحاص لأحداثها، لأنه يرى التاريخ اطار صادق ووحيد لتفسير الماضي ومن ثم تفسير الحاضر وإعادة طرح المستقبل بصيغة جديدة.
* في الرواية
بين حياة الفلاح وقضايا ومشاكل الإقطاع وبين النضال ضد الاحتلال دارت روايات الشرقاوي الأربع، وكانت أولى روايته عام 1952 وهى "الأرض" التي حولت لفيلم سينمائي من إخراج يوسف شاهين، ثم "قلوب خالية" وبعدها "الشوارع الخلفية" ثم "الفلاح".
وناقش الشاروني تحول روايات الشرقاوي إلى السينما، حيث تم تحويل روايتين إلى فيلمين سينمائيين، الأولى هى الأرض والتي حققت نجاح كبير، بينما لم تحقق رواية الشوارع الخلفية والتي أخرجها كمال عطية ذات النجاح.
وعند الحديث عن تاريخ الشرقاوي وعلاقته بالسينما سوف يذكرون الأرض فقط، على حد تعبير الشاروني، لأن مخرج الفيلم الثاني قد خانه التوفيق بسبب ابتعاده عن روح الرواية وعدم معرفته بطبيعة المرحلة التي تجري فيها أحداثها، وأدى ذلك لابتعاد المممثلين أنفسهم عن فهم أبعاد الرواية الصحيحة، وارتبك الجميع في أداء ادوارهم.