أفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، اليوم السبت، بأن القصف الإسرائيلي دمر مبنيين تراثيين في مدينة النبطية جنوب لبنان.
وأوضحت الوكالة، أن المقاتلات الحربية للاحتلال استهدفت دارة الوزير والنائب السابق الراحل رفيق شاهين، المعروفة بدارة آل شاهين في حي الميدان، والتي تُعد من أبرز المنازل التراثية والتاريخية في المدينة.
وتأتي هذه الحادثة ضمن سلسلة من الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد المواقع التراثية ذات القيمة التاريخية، حيث شهدت الفترة الأخيرة استهدافات مماثلة في كل من غزة ولبنان؛ مما يشير إلى نمط ممنهج في تدمير التراث الثقافي.
وفي هذا السياق، نشرت مؤسسة الدراسات الفلسطينية، دراسة بعنوان: "التراث الثقافي في قطاع غزة: شاهد وشهيد"، تناولت فيها المواقع الأثرية التي طالها العدوان الإسرائيلي، مسلطة الضوء على القيمة التاريخية لكل موقع منها.
- انتهاك اتفاقية اليونسكو
تشير الدراسة، إلى أن الاحتلال تعمّد تدمير أكبر عدد ممكن من الأماكن الأثرية والتراثية الثقافية، في محاولة منه لطمس الحضارة والثقافة الفلسطينية العريقة، وإنكار الوجود الفلسطيني الثابت. يتجاهل الاحتلال بذلك الاتفاقية الصادرة عن اليونسكو المتعلقة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972.
وعددت الدراسة أبرز المواقع المستهدفة في غزة:
- حي الدرج.. قبر جد النبي
يُعد من الأحياء الأثرية المهمة في مدينة غزة، إذ يضم عددًا كبيرًا من الأماكن الأثرية، مثل سوق القيسارية الذي بُني في العصر المملوكي، ومسجد السيد هاشم الذي يحوي قبر جد النبي محمد، والمسجد العمري الكبير، وقصر الباشا. تعرض الحي لأضرار جسيمة، حيث دُمرت معظم الأماكن التراثية فيه.
- ساحة الجندي المجهول.. شاهد على تاريخ النضال الفلسطيني
تقع على امتداد شارع عمر المختار في حي الرمال غربي غزة، وهي نصب تذكاري للجنود المجهولين الذين دافعوا عن فلسطين في خمسينيات القرن الماضي، وتعرضت الساحة للقصف الكامل خلال الغارات الإسرائيلية.
- متحف العقاد
يضم المتحف، قطعًا أثرية قيمة تعود إلى عصور ما قبل التاريخ وحتى العصور الحديثة، وتعرض المتحف لقصف ألحق أضرارًا بعدة قطع أثرية، وأدى إلى تكسير بعضها.
- المسجد العمري الكبير
يقع في حي الدرج في البلدة القديمة وسط مدينة غزة، وقد بُني قبل 1400 عام، يُعد ثالث أكبر مسجد في فلسطين، ويمر بعدة حضارات وعصور تاريخية، مما يضفي عليه أهمية ثقافية كبيرة.
- كنيسة القديس برفيريوس
تقع في حي الزيتون، وتُعد ثالث أقدم كنيسة في العالم، إذ بُنيت في القرن الخامس الميلادي، تعرضت الكنيسة لتدمير جزئي، مما أدى إلى استشهاد 20 شخصًا وتدمير أجزاء من معالمها التاريخية.
وطالت يد الاحتلال مواقع أثرية عديدة خلال الشهرين الماضيين:
- قلعة بعلبك
تعرضت القلعة الأثرية لغارات جوية إسرائيلية في أكتوبر الماضي، استهدفت السور الروماني المحيط بها، مما أدى إلى تدمير حوالي 30 مترًا منه، كما تضررت مبانٍ تراثية أخرى في المنطقة، مثل مبنى المنشية الأثري وأوتيل بالميرا.
- مدينة صور
وتعرضت مدينة صور، المعروفة بـ"سيدة البحار"، لقصف مكثف أدى إلى تدمير أجزاء من مواقعها الأثرية، وتضم صور العديد من المعالم التاريخية، وهي مدرجة أيضًا على قائمة التراث العالمي، حسبما نقلت الشرق الأوسط اللندنية.
وتعرضت قبة دورس لأضرار جسيمة نتيجة موجة انفجارات ناجمة عن غارة جوية في 14 و15 أكتوبر الماضي، كما تضررت العديد من المنازل في ضربات لاحقة، حسب الشرق الأوسط اللندنية.
وتقع بلدة دورس على بُعد حوالي 3 كيلومترات جنوب مدينة بعلبك، وتضم معلمًا أثريًا يُعرف بـ"قبة دورس"، يُعتقد أنه بُني في القرن الثالث عشر الميلادي، وتتميز القبة بموقعها على الطريق السريع الرئيسي المؤدي إلى بعلبك.
وفي أواخر التسعينيات، اكتُشفت في دورس عدة توابيت رومانية.
وفي عام 2018، أجرى المعهد الأثري الألماني حفريات كشفت عن جزء من تل استيطاني يعود إلى العصر البرونزي.
- قلعة عنجر
تعرضت قرية مجدل عنجر لهجمات صاروخية، إلا أن بقايا الحرم الروماني بقيت حتى الآن بعيدة عن نطاق الأضرار.
بالقرب من بلدة عنجر الحديثة، تظهر بقايا مدينة أموية أسسها الخليفة الوليد الأول في أوائل القرن الثامن الميلادي، وتُعرف بـ"قلعة عنجر".
وتقع مجدل عنجر جنوب عنجر، على بُعد 5 كيلومترات من الحدود السورية، وتحتضن على تلة غربية بقايا معبد روماني.
- دعوات لحماية التراث الثقافي
حذّرت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت، من الخطر الذي تشكّله هذه الهجمات على المواقع الأثرية، لا سيما في بعلبك وصور، ودعت إلى ضرورة حماية هذه المعالم التاريخية من التدمير.
وتُظهر هذه الاعتداءات المتكررة على المواقع التراثية في فلسطين ولبنان محاولة ممنهجة لطمس الهوية الثقافية والتاريخية للشعوب؛ مما يستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا لحماية هذا الإرث الإنساني من التدمير.