تعيش منطقة الشرق الأوسط توترات أمنية شديدة بسبب انعاكاسات حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، والتي تدخل عامها الثاني، مسببة فتح جبهات حرب أخرى في لبنان واليمن وإيران.
ومع دخول أمريكا حقبة رئاسية جديدة، تحبس المنطقة أنفاسها مترقبة تغير السياسات الأمريكية تجاه المنطقة الأكثر سخونة في العالم وسط نزاعات وحروب غير متناهية.
ورغم وقوع إسرائيل ضمن دول الشرق الأوسط، وباعتبارها سببا ومحفزا رئيسا في توترات المنطقة كافة، إلا أنها تحظى بدعم أوروبي وأمريكي مستمر غير مشروط، بزريعة "حقها في الدفاع عن نفسها"، ما يدفع المنطقة بالكامل للتساؤل حول "ماذا ستكون سياسات الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب تجاه إسرائيل؟ " بعد تمكنه من الفوز بولاية رئاسة ثانية متغلبا على كامالا هاريس الديمقراطية.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز من خلال تقرير لها أُعد من داخل تل أبيب، أمس السبت، أن مشاعر التهنئة الإسرائيلية تعكس تاريخ ترامب من الدعم القوي لإسرائيل.
وطالما خذل الموقف الأمريكي نصرة القضية الفلسطين، حيث بقت سياساتها الحديثة تجاه القضية مماثلة لسياساتها القديمة.
ولذا قد لا تختلف مواقف ترامب القادمة تجاه القضية عن مواقفه السابقة القوية والفريدة في دعمه للكيان، حيث كان المسئولون الإسرائيليون من أوائل الزعماء الأجانب الذين هنأوا ترامب بفوزه في الانتخابات وأشاد به البعض باعتباره فوزًا لإسرائيل.
فيما يلي نظرة على سياسات ترامب القوية والفريدة الداعمة لإسرائيل سابقا، خلال فترة ولايته الأولى كرئيس..
- توقيع اتفاقيات إبراهيم مع العرب
اتفاقيات إبراهيم هي سلسلة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية وهي الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، وقد وقعت في النصف الأخير من عام 2020.
ليرتفع يذلك عدد الدول العربية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل من دولتين إلى 6 دول.
كما أدت الاتفاقيات الجديدة مع المغرب والسودان والبحرين والإمارات العربية المتحدة إلى توسيع القائمة التي كانت لعقود من الزمان تقتصر على مصر والأردن فقط.
وعقدت البحرين والإمارات العربية المتحدة الاتفاق الإبراهيمي في الوقت الذي تتوقان فيه إلى تعزيز التحالفات مع الغرب ضد إيران.
وتم التوصل إلى اتفاقيات منفصلة مع المغرب والسودان بعد أسابيع من التوصل إلى اتفاقيات إبراهيم.
- الاعتراف بالقدس عاصمة لتل أبيب.. "وعد بلفور الثاني"..
بعد فترة وجيزة من توليه منصبه، اعترف ترامب في عام 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل وقال إن الولايات المتحدة ستنقل سفارتها إلى المدينة، وبالفعل تم نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس في العام التالي، في توقيع أشبه بوعد بلفور، عندما قررت بريطانيا إعطاء مالا تملك "فلسطين" لمن لا يستحق "إسرائيل".
وكانت إسرائيل قد أعلنت القدس الغربية عاصمة لها في عام 1949، عندما تم تقسيم المدينة، فيما خضعت القدس الشرقية وسكانها العرب لحكم الأردن، لكن موقف الولايات المتحدة ومعظم البلدان الأخرى كان أن وضع المدينة يجب أن يتحدد من خلال المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، الذين أرادوا أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
وبذلك يكون ترامب قد أعطى فرصة من ذهب لإسرائيل، بعدما أصبحت قضية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أكثر تعقيدا عندما استولت إسرائيل على القدس الشرقية في حرب عام 1967 ثم ضمتها إليها، فيما لم يعترف المجتمع الدولي بهذا الضم على نطاق واسع.
يذكر أنه في عام 1995، أقر الكونجرس قانونا يقضي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، لكن الإدارات الرئاسية المتعاقبة أرجأت تنفيذ القانون بسبب المخاوف من أنه قد يؤدي إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
-اعتراف أمريكا بسلطة إسرائيل على مرتفعات الجولان
أصبحت الولايات المتحدة، في عهد إدارة ترامب الأولى، أول دولة في العالم تعترف بسلطة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية التي تريد إسرائيل انتزاع ملكيتها عنوة.
وفي عام 2019، وقع ترامب على إعلان رئاسي يعلن أن هذه المنطقة جزءًا من إسرائيل، وكانت هذه الخطوة أيضًا بمثابة تراجع عن السياسة الأمريكية القديمة بشأن مرتفعات الجولان، التي احتلتها إسرائيل من سوريا خلال حرب الشرق الأوسط عام 1967 ثم ضمتها لاحقًا، في أنصار جديد غير مستحق لإسرائيل.
ولم تعترف الأمم المتحدة قط بضم مرتفعات الجولان، بل أدانته في ذلك الوقت، وتعرض قرار ترامب لانتقادات دولية.
وتكريما لقرار ترامب، خططت الحكومة الإسرائيلية لبناء مستوطنة جديدة في الجولان تحمل اسمه "مرتفعات ترامب".
-قطع التمويل الأمريكي عن "الأونروا"
بعد الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، قطعت إدارة ترامب في عام 2018 كل التمويل الأمريكي عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، التي هي شريان النجاة الوحيد للفلسطينيين.
بعدها قررت الإدارة تخفيض الدعم السنوي الذي تقدمه الولايات المتحدة للوكالة من 365 مليون دولار إلى 125 مليونا، لم تقدم منها إلا 60 مليونا فقط.
وكان التمويل الأميركي للوكالة يمثّل سابقًا ثلث الميزانية السنوية للوكالة، السنوية البالغة 1.24 مليار دولار.
وقد أثار هذا القرار استنكاراً واسع النطاق من جانب زعماء العالم، ووصفه البعض في ذلك الوقت بأنه تكتيك سياسي للضغط على الزعماء الفلسطينيين للتخلي عن حق اللاجئين الفلسطينيين بموجب القانون الدولي في العودة إلى الممتلكات التي انتزعت من أسلافهم أثناء إنشاء إسرائيل في عام 1948.
وكانت الأونروا محل تركيز في الأشهر الأخيرة منذ بدء الحرب في غزة، وزعم المسئولون الإسرائيليون أن عددًا صغيرًا من موظفي الأونروا كانوا على صلة بالهجوم الذي قادته حماس في 7 أكتوبر على إسرائيل العام الماضي، وهو الادعاء الذي دفع العديد من البلدان إلى تعليق التمويل بالرغم من فشل إسرائيل في تقديم أدلة عليه، وفي الأسبوع الماضي، أقر الكنيست قانونًا يحظر على الوكالة العمل في إسرائيل.