حلمي التوني: شعرت بالرهبة والمسئولية قبل البدء في رسم أغلفة نجيب محفوظ - بوابة الشروق
الخميس 19 سبتمبر 2024 6:22 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حلمي التوني: شعرت بالرهبة والمسئولية قبل البدء في رسم أغلفة نجيب محفوظ

حوار ــ أسماء سعد:
نشر في: الجمعة 10 ديسمبر 2021 - 8:16 م | آخر تحديث: السبت 11 ديسمبر 2021 - 2:04 ص

تفاصيل رسوماتى أردت لها أن «تتوازى» لا أن «تتطابق» مع نصوصه
ــ جمعتني بأديب نوبل علاقة تشبه «الضيف بالمضيف» عبر مجموعة «الحرافيش»

ارتبط اسم الفنان والرسام الكبير حلمى التونى بالأديب العالمى نجيب محفوظ، وذلك بعدما تقاطع المشروع الفنى والتشكيلى الضخم للفنان حلمى التونى مع المنجزات الأدبية والروائية الرائدة لمحفوظ، حيث قام بتصميم 52 غلافا لأعمال نجيب محفوظ، فى تجربة فنية فريدة امتزجت فيها عناصر الإبداع الفنى مع الأدبى.
وتمكن الرسام والفنان الكبير حلمى التونى من امتلاك بصمة فنية مميزة، تستطيع التعرف عليها بمجرد النظر، خاصة فى أغلفة أعمال نجيب محفوظ الروائية، حيث خليط مدهش من الأشكال والألوان التى تعبر عن طقوس شعبية، أيقونات نسائية، وعوالم أخرى وحكايات لها طابع الحركة والحيوية.
قال حلمى التونى: «بدأ الأمر بطلب من الصديق الناشر الأستاذ إبراهيم المعلم، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الشروق، أن أقوم برسم أغلفة أعمال نجيب محفوظ، ولا يمكن إنكار أن أول رد فعل ليّ على هذا الطلب، هو شعورى الفورى بـ «الرهبة و المسئولية الثقافية الكبرى» حينها، ولكن رغم ذلك انطلقت فى قبول هذا التحدى، وشعرت بشغف هائل وحماسة منقطة النظير لإنجاز تلك المهمة».

لماذا وصفت رسم أغلفة أعمال نجيب محفوظ بـ «التحدى»؟
ــ الأمر لا يقل أبدا عن كونه «تحديا كبيرا»، وذلك لعدة اعتبارات فنية فى المقام الأول، فهناك ذائقة تكونت لدى شريحة كبرى من قراء نجيب محفوظ، ممن تكونت لديهم انطباعات بصرية، عن أغلفة اعتادوا أن يروها فى كتب نجيب محفوظ، فهؤلاء القراء اعتادوا أن يروا الكتب مصحوبة بغلاف يكاد يسجل بالرسم أحد مشاهد العمل الأدبى فقط لا غير، دون الخوض فى مزيد من التفاصيل المطلوبة والتى تليق بعوالم نجيب محفوظ.
هذا الأسلوب الفنى كان شائعا حينها، ويسمى بـ «الأسلوب الوصفى»، ومن وجهة نظرى فإن هذا الأسلوب لا يضيف قيمة تشكيلية حقيقية للعمل، وأنه على المضى فى طريق التغيير والتقدم واعتماد رؤى جديدة لكل أعمال أديب نوبل، فليس من الممكن أن تظل بعد 50 عاما الأغلفة هى ذاتها دون تغيير، وإنما ما يليق هو أن تكون هناك أعمال فنية تغلف نصوص محفوظ، ولها سمات «رمزية وأكثر تقدمية».
حينها رأيت وجوب أن أتدخل بأسلوب فنى آخر خاص بى، ويكون له القدرة على إضافة أبعاد فنية أخرى لأغلفة أعمال كاتب بحجم وأهمية نجيب محفوظ، فكان الأمر بالنسبة لى تحديا حقيقيا، عملت بجدية لكى أكون على قدر المسئولية فيه وإحراز نجاح فنى من خلاله.



**وما الأسلوب الفنى الذى اعتمدت عليه فى رسم أغلفة أعمال نجيب محفوظ؟

ــ أردت أن أمتلك الأسلوب الفنى الخاص بى، وفى الوقت ذاته أردت أن أتمعن جيدا فى أن تكون لأعمالى أثر متعلق بإضفاء مزيد من التفاصيل عبر لوحات زيتية كبرى، فتوكلت على الله وفتشت فى مخيلتى الإبداعية، واهتديت إلى أن أقوم برسم أغلفة ثرية بالتفاصيل وتحتشد بالمعانى التى أردت لها أن «تتوازى» لا أن «تتطابق» مع مشاهد روايات أديب نوبل.
وقد استهدفت من خلال أسلوبى الفنى فى رسم أغلفة روايات وأعمال نجيب محفوظ، أن يكون بتلك الأغلفة ما يشبه «الحوار الصامت» بين محتويات الغلاف وبين النصوص الواردة فى العمل الأدبى ذاته، وبهذا قصدت أن أقوم بتقديم رؤية مختلفة وجديدة بعدما قررت دار الشروق إصدار أعمال نجيب محفوظ برسم جديد للأغلفة.

**وكيف استقبلت الاحتفاء بأغلفة الكتب حينها؟

ــ استقبلت ردود الأفعال على الأغلفة الجديدة التى قمت بتصميمها بكل سعادة وفرحة، لقد راهنت على ذائقة الجماهير، وهناك مقولة للمخرج الراحل حسن الامام مفادها أن «الجماهير عايزة كده»، الأغلفة القديمة كانت تطبق هذه المقولة بشكل كبير، لكن فى رأيى «الجمهور ليس دائما على حق»، الجمهور أحيانا لا يتطلع إلى الرؤى الفنية الأخرى من زوايا مختلفة.
لذلك لابد على الفنان أن يشير إلى ذلك ويعرض رؤية أخرى وفى اعتقادى هذه «مغامرة كبيرة»، إذا نويت أن تقوم بأعمال غير معتادة هذا يعتبر سباحة مشروعة «ضد التيار». وأهم وأكثر ما قصدت الاهتمام به، هو أن تكون موضوعات لوحاتى المختلفة بأغلفة نجيب محفوظ، فى حالة «تناسب وارتباط» مع موضوعات الأعمال والروايات المختلفة، فكما ذكرت كنت أستهدف أن تكون معبرة بحق مع ما كان يذهب إليه نجيب محفوظ فى نصوصه البديعة، لذا فقد أمعنت فى قراءة جادة لمشروع نجيب محفوظ.
ومع الانتهاء من تلك القراءة، كنت أصنع لوحاتى لتتواءم مع روح تلك النصوص، وعلى سبيل المثال لا الحصر، جسدت بريشتى شخصيات أمينة وزنوبة من الثلاثية، وحميدة من رواية زقاق المدق، كما استشعرتهن تماما من نصوص محفوظ، كما أننى فى رواية محفوظ، «اللص والكلاب» ذهبت إلى التعبير عن الأمر باستخدام لوحة لأمرة تتموضع فوق نخلة، وتسعى الكلاب جاهدة من أجل الوصول إليها.
وإجمالا فإننى كنت حريصا بشدة على أن يكون هناك حالة من «الحكى البصرى» لعالم راويات نجيب محفوظ عبر أغلفتها الخارجية، وذلك دون التورط فى الاختزال أو الإخلال، وهى المعادلة التى كانت تكمن قوتها فى أن تكون هناك تفاصيل رمزية وإن بدت بسيطة، إلا أنها تملك القدرة على التعبير عن حكاية بأكملها.

**ما الوقت الذى كنت تستغرقه من أجل رسم غلاف لنجيب محفوظ؟

ــ الأمر لم يكن حرفيا او صارمة فى كل المرات، لم أتقيد بوقت معين أو محدد، أحيانا كنت أرسم الغلاف بمجرد أن أقوم بقراءة سريعة للنص، فأجد الصورة فى ذهنى قد اكتملت على الفور، وفى أوقات أخرى كان يتخذ الأمر أوقاتا أطول من ذلك بكثير.
المساحات الزمنية التى كان يتطلبها رسم أغلفة العديد من أعمال نجيب محفوظ، كانت ترتبط كثيرا بحالتى النفسية والذهنية وقتها، والدرجة التى أتفاعل من خلالها مع نص محفوظ، فكان يتقرر وفق ذلك الوقت الذى يتطلبه رسم غلاف لعمل أديب نوبل.

**ما طبيعة العلاقة التى جمعت بينك وبين نجيب محفوظ؟

ــ تربطنى بالأستاذ نجيب علاقة تشبه علاقة «الضيف بالمضيف»، فقد كنت أثناء إقامتى الجبرية فى سبعينيات بيروت، إذا حضرت زائرا إلى القاهرة يصحبنى الصديق رسام الكاريكاتير بهجت عثمان إلى بيت الصديق الكبير الفيلسوف الكاتب الساخر محمد عفيفى، وقد صممت للأخير ورسمت له كتابا أعتز به، كان بيت عفيفى بمنطقة الهرم هو مقر اجتماع مجموعة الحرافيش الشهيرة.
ومن هنا كنت فى القلب تماما من التجمع الذى كان يحرص نجيب محفوظ على أن يتوسط أقطابه، حيث مجموعة الحرافيش التى تكونت فى أواخر أربعينيات القرن الماضى، وهم مجموعة من الأصدقاء، بينهم نجيب محفوظ، حافظوا على لقاء أسبوعى لتبادل الأفكار والرؤى، ومن بينهم الممثل أحمد مظهر والمخرج توفيق صالح وغيرهم.



**ما الذى كان ينقله إليك نجيب محفوظ فى تلك المجالس؟

ــ كان لدى نجيب محفوظ حرص واضح حينها على أن يستمع من وقت إلى آخر إلى كل ما يتعلق بالتطورات والمستجدات حول أخبار الحرب الأهلية فى لبنان، كنت ألاحظ بشده اهتمامه الفائق بهذا الأمر، عندما كانت يميل برأسه نحوى، ويستفسر باستمرار عما يجرى فى لبنان.

وكان نجيب محفوظ حينها يتمتع بروح من الدعابة واللطف الواضح، كان حينها يداعب مفتاح الصوت فى الجهاز الطبى المساعد، كان نجيب محفوظ يعانى من ضعف السمع ولكنه يخفى ذلك عن الناس حتى لا يستدر عطفهم.

** نلمس اهتمامك الخاص بالمرأة كأيقونة فى العديد من أعمالك، هل هناك مدلول بعينه وراء الأمر؟
ــ هذه حقيقة، أنا أُولى المرأة اهتماما يعود من وجهة نظرى إلى أنه ورغم كل ما قد تحققه من مكتسبات إلا أنها تعانى «ظلما ما»، فى مسائل عديدة تتعلق بحقوق لم تحصل عليها بعد، لذا فقد اعتمدت أن أدفع بها إلى الواجهة من خلال أعمالى المختلفة.

** تملك بصمة بصرية مميزة فى أعمالك كيف حافظت عليها؟
ــ هذا ما أعتبره أحد الأسرار التى لا أمانع من الإفصاح عنها: «كن نفسك وإنس كل شىء، لا تتذبذب أبدا بين رؤى الآخرين لتنجح، كن نفسك لتملك بصمتك المميزة».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك