أهوال سجن صيدنايا.. هل يمكن أن يتصور الإنسان العيش في مثل هذا الجحيم؟ - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 10:45 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أهوال سجن صيدنايا.. هل يمكن أن يتصور الإنسان العيش في مثل هذا الجحيم؟

منال الوراقي
نشر في: الثلاثاء 10 ديسمبر 2024 - 7:05 م | آخر تحديث: الثلاثاء 10 ديسمبر 2024 - 7:05 م

بعد سنوات من المعاناة والظلم، نجحت قوات المعارضة السورية في دخول العاصمة دمشق، وإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وفي خطوةٍ هامة خلال الصراع، اقتحمت هذه القوات أحد أعتى السجون العسكرية في سوريا، سجن "صيدنايا"، لتحرير كل المعتقلين الذين ظلوا رهائن التعذيب والإهانة.

يعد سجن "صيدنايا" واحدا من أكثر الأماكن تحصينًا وسرية في العالم، ورمزا من رموز القمع الوحشي في سوريا. أطلق عليه المعتقلون اسم "المسلخ البشري" بسبب ظروفه المروعة، حيث تجتمع فيه شتى أنواع التعذيب، والحرمان، والاكتظاظ البشري. كما لُقب بـ"السجن الأحمر" بسبب المجازر والدماء التي شهدها على مر السنوات.

في عام 2019، صدر كتاب "سجن صيدنايا خلال الثورة السورية: شهادات" عن "رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا"، الذي يروي تجارب مأساوية وحية لعدد من الناجين، يعكس تفاصيل مرعبة عن الحياة في هذا السجن سيئ السمعة. ومن خلال شهادات 14 شخصًا ناجيًا من الموت، يكشف الكتاب عن أقسى أنواع التعذيب والترهيب التي تعرض لها المعتقلون في هذا الجحيم البشري.

- تماما كأنك تدخل إلى مسلخ

نقل الكتاب شهادة أحد المعتقلين، أشرف الحسين، الذي وصف رحلته إلى سجن صيدنايا: "اعتقلونا من الكلية الحربية، ثم اقتادونا إلى الفرع 293 بدمشق. بقينا هناك أكثر من مئة يوم قبل أن نُحول إلى سجن صيدنايا. عند وصولنا، أدخلونا إلى بهو يشعرك بالرعب الشديد. الأجساد غارقة في دمائها على الأرض، مختلطة بدماء متجمدة قديمة، تماما كأنك تدخل إلى مسلخ. سجلوا أسماءنا وأمرونا بخلع ملابسنا، ثم تعرضنا لحفلة طويلة من الضرب".

ويستكمل الحسين قائلاً: "أدخلونا إلى زنازين يسمونها منفردات، لكنهم كانوا يحشرون فيها العدد الذي يريدونه. كان السقف يدلف بغزارة وكأنك جالس تحت المطر في الهواء الطلق. أعتقد أن ذلك كان مقصودا. قضينا 15 يومًا نتعرض للضرب بشكل متكرر مع كل وجبة. حتى أننا صرنا نتمنى ألا يصل إلينا الطعام بسبب الإهانات التي ترافق ذلك".

- من النار إلى الجنة.. هكذا اعتقدنا

يضيف الحسين: "عندما نقلونا إلى المهاجع، ظننا أننا انتقلنا من النار إلى الجنة. شعرنا بذلك لأننا أصبحنا سجناء فقط دون الإهانات المستمرة. لكن للأسف، لم يكن هذا صحيحًا. كانوا يستمرون بضربنا بشكل متكرر. أما الطعام، فقد كانوا أحيانا يتركونه خارجًا حتى اليوم التالي، أو يرمونه على أرض المهجع، أو يسكبونه علينا. حصة أحدنا من الطعام لم تكن تكفي طفلا صغيرا".

- رعب أيام الزيارات

يقول الحسين: "في أيام الزيارات، كنا نأخذ زوايا في المهجع وندعو ألا تأتي زيارات. كنا نتبادل التوصيات: إذا أُفرج عن أحدنا، فعليه أن يزور أهالي الآخرين ليطمئنهم، ويطلب منهم ألا يزوروا أبناءهم في السجن، إن كانوا يريدونهم أحياءً. لأن الزيارة تعني الضرب المبرح قبل وبعد اللقاء".

ويستكمل: "أحد رفاقي، الذي كنت أدعوه ابن دعوتي، أُخذ يوما لتلقي زيارة. وعندما أعادوه، رأيتهم يضربونه ببوري معدني طوله حوالي متر ونصف، كنا نسميه بوري الموت. ضربتين أو ثلاث كانت كافية لقتل أي شخص".

- أساليب تعذيب قاتلة

يقول الحسين: "كانوا يضربوننا أولا باستخدام كبل كهربائي يُعرف بالكبل الرباعي لأنه مجدول مرتين. ثم تطور الأمر إلى أنبوب التمديدات الأخضر السميك. ضرباتهم كانت عشوائية ولم يهتموا أين تقع: الرأس، البطن، الأطراف. كأنك كتلة صوف يتعين عليهم نفضها بعشوائية. كذلك، كان هناك الدعس بالبوط العسكري. إذا وقع على البطن، كان الموت محتمًا".

- واقعة موت رئيس المهجع

يتذكر الحسين حادثة مؤلمة قائلا: "في أحد الأيام، نادى السجان أربعة منا وأمرهم أن يمسك كل منهم بأحد أطراف رئيس المهجع، يديه ورجليه، وهددهم: إذا أفلت أحدكم، سيحل محله. بدأ السجان بضربه والقفز على صدره حتى فارق الحياة. صبوا عليه الماء للتأكد من وفاته، وأمر السجان برميه في الحمام. وعندما تفقدناه، وجدناه لا يزال حيا. قمنا بتنظيفه والاعتناء به، لكنه عانى من انتفاخ شديد في صدره وفارق الحياة خلال الليل".

- انعدام الرعاية الصحية

يقول الحسين: "الأمراض كانت منتشرة نتيجة قلة الطعام وانعدام الشمس. أي مرض، حتى البسيط، كان يؤدي إلى الموت بسبب انهيار المناعة وغياب الأدوية. الطبيب، الذي أطلقنا عليه اسم الجزار، كان يأتي كل يومين أو ثلاثة، لكن من كان يطلب العلاج كان يتعرض للضرب حتى الموت".

- قصص الحلاقة والعقاب القاسي

ويختتم الحسين بالحديث عن حادثة تتعلق بالحلاقة: "عندما كانوا يأمروننا بالحلاقة، يرمون إلينا بـ3 أو 4 ماكينات مشتركة بين الجميع. في أحد الأيام، طلبوا منا أن نحلق ولكن الماكينات لم تصل. أبلغ رؤساء المهاجع السجانين بذلك، فجاء الرد: دبّروا حالكم! حاولنا كسر السيراميك من الحمام لنقص شعر بعضنا. في اليوم التالي، لم يكن الجميع قد حلقوا، فعاقبوا رؤساء المهاجع بالضرب حتى مات منهم ثلاثة"



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك