• إعلان رؤية نقدية لمشروع قانون العمل الجديد تتضمن مقترحات بتوحيد تعريف الأجر ووضع معايير لزيادة الحد الأدنى
في إطار التحضيرات النهائية للمؤتمر العام السادس للصحافة المصرية، نظمت لجنة الحريات والتشريعات بالمؤتمر ندوة مساء أمس شهدت إطلاق مسودة لمشروع قانون إلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والعلانية، ورؤية نقدية لمشروع قانون العمل الجديد في إطار حملة "نحو أجر عادل للصحفيين".
حضر الندوة نقيب الصحفيين خالد البلشي والأمين العام للمؤتمر د. وحيد عبدالمجيد، ونقيب الصحفيين الأسبق يحيى قلاش، وعضو مجلس النقابة هشام يونس، ومقرر لجنة الحريات والتشريعات بالمؤتمر محمد بصل، وعدد من أعضاء الجمعية العمومية للنقابة.
وأعلن البلشي أن مسودة مشروع قانون إلغاء العقوبات السالبة للحرية بالإضافة إلى رؤية النقابة لمشروع قانون العمل الجديد هما اثنان من المخرجات الرئيسية للأعمال التحضيرية للمؤتمر، بعد نقاشات مطولة شارك فيها عشرات الزملاء، وتم تخصيص الندوة الختامية لتسجيل الملاحظات الختامية بشأنها، لبلورتها نهائيا وعرضها في المؤتمر الذي ينعقد أيام السبت والأحد والاثنين ١٤ و١٥ و١٦ ديسمبر الجاري.
وذكر البلشي أن مشروع قانون إلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والعلانية يكلل محاولات طويلة بذلتها الجماعة الصحفية في السنوات العشرين الماضية، وخلال المؤتمرين العامين الرابع والخامس لتعزيز حرية الصحافة والصحفيين، ومنع الحبس في قضايا النشر.
وأضاف أن المشروع الجديد الذي أعدته لجنة الحريات والتشريعات بالمؤتمر أوسع من سابقيه نظرا لإضافة عدد من النصوص العقابية الجديدة التي تؤدي لتوقيع عقوبات سالبة للحرية في قضايا النشر على الرغم من الحظر الواضح لذلك في الدستور الحالي الصادر عام ٢٠١٤، فضلا عن وضع بدائل بعقوبة الغرامة في المواد التي تقتصر على عقوبة الحبس.
وعن رؤية النقابة لمشروع قانون العمل الجديد أكد البلشي أهمية التعريف الموحد للأجر الشامل ليكون أساسا لكل المواد الخاصة بأجور العاملين على المستوى القومي، لمنع تلاعب أصحاب العمل والتهرب من تطبيق الحد الأدنى للأجور، فضلا عن اتخاذ جميع السبل لمنع إنهاء العمل بطرق تعتبر التفافا على حظر الفصل التعسفي، بالإضافة إلى تفعيل دور النقابات المهنية أسوة بالعمالية سواء في الإضربات وعلاقات العمل الجماعية والحوار بين صاحب العمل والعمال.
ومن جهته عرض بصل مشروع قانون إلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والعلانية، موضحا أنه يستلهم حصيلة نضال طويل للجماعة الصحفية من أجل حماية حرية الرأي والتعبير، وصون حقوق المواطنين والصحفيين في الحرية الشخصية والدفاع عنها ضد أي اعتداء أو تنكيل، حيث كان ذلك رأس مطالب المؤتمرين الرابع والخامس، وفي مقدمة مُخرجات اللجنة الوطنية لإعداد تشريعات الصحافة والإعلام عام 2015.
وينص المشروع على إلغاء العقوبات السالبة للحرية في الجرائم المنصوص عليها في كافة القوانين المصرية طالما ارتُكبت بطريق النشر أو العلانية. وبالأخص في المواد (102، و102 مكررًا، و174، و177، و178، و181، و184، و186، و189، و190، و191، و192، و193) من قانون العقوبات. وأن تقضي المحاكم المختصة بالغرامات المنصوص عليها في المواد العقابية للجرائم المرتكبة بطريق النشر أو العلانية.
وفي الحالات التي تقتصر فيها عقوبة الجريمة المرتكبة بطريق النشر أو العلانية على عقوبة سالبة للحرية، تقضي المحاكم المختصة بعقوبة الغرامة التي لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه.
ولا يسري الإلغاء على الجرائم التي تُرتكب بطريق النشر أو العلانية، في حالات التحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن في أعراض الأفراد.
وقالت المذكرة الإيضاحية المرفقة بمسودة المشروع والتي أتاحتها لجنة الحريات والتشريعات على رابط إلكتروني للصحفيين لإبداء رأيهم فيها، أنه قد مر على إصدار الدستور الحالي نحو أحد عشر عاما، ومازالت القوانين العقابية تزخر بالقيود التي تمنع تحقيق قفزة كبرى نحو تحديث النهج الجنائي من خلال حظر توقيع العقوبات السالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، كقاعدة عامة استحدثتها المادة 71 منه.
وأشارت إلى أن استمرار وجود نصوص تشريعية تسمح بالحبس والسجن في ظل نص دستوري صريح بحظر ذلك أمر ينافي المنطق السليم لطبيعة التشريع العادي، مما يصم العديد من النصوص بعدم الدستورية ويهدد ببطلان الأحكام والقرارات القضائية المستندة لتلك النصوص، ويجعل من المهم سن قانون لإلغاء العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر والعلانية كرسالة سياسية وبرهان أكيد على عدم استخدام السلطات العامة تلك الأداة المحظورة دستوريا، لا سيما وأن الحكم الدستوري وجد صداه في العديد من التطبيقات التشريعية والقضائية الجديدة، وفي القلب منها حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في يوليو الماضي برفض الطعن على المادة 303 من قانون العقوبات التي تم إلغاء العقوبة السالبة للحرية فيها بموجب القانون رقم 147 لسنة 2006 واكتفى المشرع بالغرامة.
وعرض بصل أيضا تفاصيل المذكرة النقدية لمشروع قانون العمل الجديد، مشددا على أهميته باعتباره الإطار التشريعي المنظم لعمل أكثر من 30 مليون مصري، من بينهم الغالبية العظمى من أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين وغيرهم من المشتغلين بالصحافة، إذ أنه القانون الحاكم للعلاقة بين المؤسسات الصحفية القومية وجميع العاملين فيها من صحفيين وإداريين وعمال (بموجب المادة 30 من قانون الهيئة الوطنية للصحافة رقم 179 لسنة 2018)، وأيضا للعلاقة بين الصحفيين وأصحاب العمل في جميع الصحف الخاصة المطبوعة والإلكترونية (بموجب المادة 14 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018) مما يكسب المشروع الجديد أهمية استثنائية.
وجاء في المذكرة التي أتاحتها اللجنة للصحفيين عبر رابط إلكتروني لإبداء رأيهم فيها أن المشروع لم يعكس تغيرا يُذكر في فلسفة القانون القائم، وهو ما يثير التعجب والاستغراب، إذ أن معظم المواد الأساسية التي تحكم العلاقات بين العمال وأصحاب العمل بقيت على حالها، كما أن الإضافات الإيجابية والسلبية لم تتطرق إلى مراجعة صلب علاقة العمل أو إيجاد أطر مختلفة لها، مما جعل معظم التغييرات شكلية أو مجرد ترديد لبعض المستجدات الواردة في دستور 2014.
وأشارت المذكرة إلى أن المشروع يحافظ على حظر تشغيل العامل تشغيلاً فعلياً أكثر من 8 ساعات فـي اليوم أو 48 ساعة في الأسبوع، والنص على ألا تزيد ساعات تواجده بالمنشأة لأكثر من 12 ساعة يوميا، حتى إذا عمل لساعات إضافية لمواجهة ضرورات غير عادية ومقابل أجر لا يقل عن 35% عن الساعة النهارية و70% عن الساعة الليلية، ويعاقب صاحب العمل المخالف بغرامة تتراوح بين 200 وألف جنيه على العامل الواحد حسب المخالفة. ونرى أن هذا الملف يتطلب معاملة مختلفة كليا بتشديد العقوبة وزيادة مقابل الساعات الإضافية وفرض قواعد للتشغيل أيام العطلات، مما يضمن عدم تحويل العمل إلى ما يشبه السخرة التي يحظرها القانون.
وتطالب المذكرة بتوحيد تعريف الأجر بعبارات واضحة صارمة جامعة، مانعة لأي محاولة للتلاعب وتضمن حصول العامل على حقه كاملا، وإضافة تعريف واضح للحد الأدنى للأجر الذي تقرر الحكومة تطبيقه على المستوى القومي، والاعتداد بمصطلح "الأجر الشامل" وحده في هذا الإطار، لتلافي المغايرة في تعريف الأجر بين قرارات الحكومة وبعضها، كما حدث في القرارات الأخيرة من المجلس الأعلى للأجور.
وتطالب بتفعيل دور المجلس الأعلى للأجور بوضع حد أدنى في جميع القطاعات على المستوى القومي، ومنها الصحافة والنشر، وذلك من خلال إلزام المجلس بتحديد معايير معلنة تضمن الأجر العادل لكل عامل في كل قطاع، وأن ينص القانون على معايير بعينها يلتزم بها المجلس الأعلى للأجور عند تحديد الزيادات السنوية مثل نسبة الفائدة المحددة من البنك المركزي أو معدل التضخم وفقا لحسابات البنك، بما يحقق التوازن بين طرفي علاقة العمل والحفاظ على معدلات الإنتاج، مع حذف إمكانية طلب التخفيض أو الإعفاء من صرف الحد الأدنى للأجور.
ومما تقترحه المذكرة أيضا تخفيف الشروط المطلوبة لإبرام عقود العمل المؤقتة والموسمية والمرتبطة بالإنجاز (الـFreelance) والتي تنتهي أولا بأول، أو التي يمارس العامل فيها العمل على هامش قيامه بأعمال أخرى، وبحيث لا يمثل إبرامها أعباء إضافية على صاحب العمل. مما سيؤدي إلى زيادة معدلات التشغيل.
وفي حالات عقود العمل غير محددة المدة، تدعو المذك إلى تخفيض فترة الأربع سنوات والاكتفاء بسنة واحدة، لضمان الأمان الوظيفي للعامل. بحيث يعتبر عقد العمل دائما وغير محدد المدة منذ إبرامه إذا كان غير مكتوب، وإذا لم ينص على المدة، وإذا كان مبرما لمدة محددة واتفق الطرفان على تجديده لمدة تزيد على سنتين، أو استمر الطرفان في تنفيذه بعد انتهاء هذه المدة دون اتفاق مكتوب.
وتشيد المذكرة بالتطور الكبير الوارد في المشروع بوضع ضوابط للاستقالة لوقف ظاهرة الاستقالات المسبقة قبل التعيين واستلام العمل، وحظر الفصل التعسفي بإلزام صاحب العمل بأن يطلب من المحكمة العمالية المختصة فصل العامل، وكذلك إسناد إجراءات وقف العامل مؤقتا إلى المحكمة العمالية وقاضي الأمور الوقتية بها، لكنها تقترح إعادة النظر في شروط وإجراءات الإخطار بإنهاء الخدمة في حالة العقد غير محدد المدة بزيادة المهلة تدريجيا حسب مدة التعاقد السابقة. مع إعادة النظر في مصطلح "المبرر المشروع والكافي" لإنهاء التعاقد ليصبح أكثر انضباطا وتحديدا.
ومما تقترحه المذكرة في شأن الإضرابات: تعديل تعريف الإضراب السلمي بما يسمح باعتبار "مقاطعة العمل" أو "عدم الذهاب إلى مقر العمل" من صور الإضراب، والسماح بتنظيم الإضراب من خلال النقابات المهنية أو بعد إخطارها، وليس فقط من خلال المنظمة النقابية العمالية المعنية أو المفوض العمالي، وذلك مراعاة لاتساع سوق العمل وتنوعه، وتقليص فترة الإخطار المشروط لصاحب العمل والجهة الإدارية من عشرة أيام إلى ثلاثة أيام، وإلغاء شرط الإخطار بموعد نهاية الإضراب لتناقض ذلك مع الطبيعة الواقعية والقانونية له.
ومما تطالب به المذكرة بشأن تشغيل النساء النص صراحة على حظر التمييز على أساس النوع عند التعيين والتشغيل وتحديد الأجر والترقية واختيار الوظائف القيادية. ومعاقبة صاحب العمل الذي يثبت ممارسته تمييزًا تحكميّا بالغرامة، وتعزيز المسئولية التشاركية في رعاية الأطفال من خلال السماح بحصول العاملين الرجال على إجازة أبوّة لرعاية الطفل بدون أجر، مما قد يسهم أحيانا في الحفاظ على وظيفة الأم وفرص ترقيها وتأمين الأجر الذي قد يفوق أجر الأب. على أن يتم اتخاذ تدابير تمنع حصول الأم والأب معا على الإجازة لنفس الطفل.
كما تقترح المذكرة أن تُضاف إلى مهام المجلس الأعلى لتنمية الموارد والمهارات البشرية الذي سيرأسه رئيس الوزراء وضع لائحة سلوك نموذجية يمكن تطبيقها بذاتها، أو الاسترشاد بها لوضع لائحة ذات ضمانات أكبر في كل منشأة، تكفل حماية العاملات والعاملين من التمييز والتنمر والتحرش والمخالفات السلوكية الأخرى.