• شوقي السيد: يتعارض مع مبدأ العلانية وأعتبره حنثاً بالقسم.. وصلاح فوزي: سلطة تقديرية لمجلس النواب
• القرار صدر بعدم بث عدد غير محدود من الجلسات.. ومصدر قضائي: تغطية الصحف تكفي للعلانية
قرر مجلس النواب مساء أمس وقف بث جلساته على الهواء مباشرة فضائياً وإذاعياً، بعد بث جلستين فقط في بداية الفصل التشريعي الجديد، مما طرح تساؤلات عديدة حول مدى دستورية هذا القرار، وما إذا كان منع البث يتعارض مع مبدأ علانية الجلسات المنصوص عليه صراحة في المادة 120 من الدستور.
فالمادة 120 تنص على أن "جلسات مجلس النواب علنية. ويجوز انعقاد المجلس في جلسة سرية، بناء على طلب رئيس الجمهورية، أو رئيس مجلس الوزراء، أو رئيس المجلس، أو 20 من أعضائه على الأقل، ثم يقرر المجلس بأغلبية أعضائه ما إذا كانت المناقشة في الموضوع المطروح أمامه تجرى في جلسة علنية أو سرية".
وقال الدكتور شوقي السيد، المحامي بالنقض وعضو مجلس الشورى سابقاً، إن "قرار عدم إذاعة جلسات المجلس على الهواء مباشرة، باطل قانوناً ومخالف للدستور" مؤكداً أن "ما أقرته المادة 120 من الدستور فيما يتعلق بعلانية جلسات المجلس، تقتضي أن تطرح الجلسة على الرأي العام، كما لو كان كافة المواطنين حضروا الجلسة".
وأضاف أن "علانية تلك الجلسات تشبه في ضرورتها علانية جلسات المحاكمات، مع الأخذ في الاعتبار أن أبواب البرلمان ليست مفتوحة للمواطنين كافة، ومن ثم يظل بث الجلسات هو الوسيلة الوحيدة لإطلاع الرأي العام على تلك الجلسات كاملة دون قص أو مونتاج كما لو كان كل مواطن حضر الجلسة".
وحذر السيد من إذاعة جلسات الرلمان بعد حضوعها لعمليات مونتاج، موضحاً أن ذلك "من شأنه أن ينحاز لطرف على حساب الآخر، أو يصور مشاهد النقاشات التي تتضمنها الجلسات على غير حقيقتها، لأن مبدأ العلانية لا يتحقق دون إذاعة كاملة وغير منقوصة للجلسات".
وأكد أن "استمرار المجلس في تطبيق ذلك القرار يمثل حنثاً بالقسم على احترام الدستور، الذي أقسم عليه النواب في أولى الجلسات، لافتاً إلى ضرورة أن ينتفض الرأي العام لوقف ذلك القرار، نظراً لأن عدم علانية الجلسات يهددها بالبطلان".
وإذا طبقنا رأي الدكتور شوقي السيد على قرار مجلس النواب، باعتبار أن العلانية تشترط بث الجلسات، فإن قرار مجلس النواب يكون مشوباً بعيب دستوري آخر.
فوفقاً للنص الدستوري، فإن تقرير السرية (استثنائيا) يكون لجلسة واحدة أو لموضوع واحد مطروح أمام المجلس.
لكن ما حدث فعلاً هو أن المجلس أصدر قراراً واحداً بعدم بث عدد غير معروف وغير محدد من الجلسات، لمناقشة موضوعات متعددة وغير محددة، حيث تشمل إجراءات داخلية كانتخابات اللجان ومراجعة القرارات بقوانين الصادرة قبل انعقاد البرلمان باختلاف مجالاتها، وبالتالي إحاطة جميع مناقشاتها بسياج من عدم العلانية.
وعلى النقيض، يرى الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة وعضو لجنة العشرة لإعداد الدستور، أن قرار وقف بث الجلسات على الهواء مباشرة صحيح 100% ومتفق مع الدستور.
وأشار فوزي إلى أن الدستور نص على علانية الجلسات، إلا أنه لم يحدد طريقة تلك العلانية، وجعل تحديدها سلطة تقديرية لمجلس النواب، يتبنى فيها ما يشاء من الآراء المناسبة لظروفه.
وأضاف أن "العلانية من شأنها أن تتحقق بأي طريقة أخرى غير البث المباشر" مؤكداً أنه "يحق للمجلس حذف ما يراه من مشاهد تضمنتها مناقشات الأعضاء قد تحتوي على خروجاً عن التقاليد أو الأعراف".
وشدد فوزي على أن المجلس لم يصادر على مبدأ العلانية باعتماده لذلك القرار، مؤكداً أنه يرى إسراف من قبل البعض في وصف بعض الممارسات بـ"عدم الدستورية" لأن هذا الوصف اختصاص محجوز للمحكمة الدستورية العليا وحدها دون غيرها، التي تراقب مدى دستورية القوانين واللوائح، مشيراً إلى أن "قرار عدم إذاعة الجلسات على الهواء مباشرة لا يعد قانوناً أو لائحة".
وفي السياق ذاته، قال مصدر قضائي رفيع المستوى إن "التطبيقات القضائية لمبدأ العلانية لا تشترط بث الجلسات، وأن جلسات مجلس النواب تبقى علنية طالما سُمح للصحافة بتغطيتها، وتم تصويرها لإذاعتها كاملة أو أجزاء منها مسجلة، وطالما لم يعلن المجلس في قرار رسمي وفقاً للمادة 120 من الدستور أن الجلسة سرية".
وأضاف المصدر أن "اشتراط الدستور أن تكون الجلسات علنية له أثر على قانونية ما يدور فيها وما قد تشهده من عبارات وألفاظ وقرارات" مشيراً إلى أن "القانون يتعامل مع العلانية بدرجات يشدد على أساسها العقوبات، فكلما اتسعت علانية وسيلة الجريمة شددها المشرع، كالظرف المشدد لجريمة السب والقذف عن طريق الصحف أو إحدى طرق النشر، قياساً بجريمة السب والقذف العلني البسيطة بين جمع من الناس".