- سائقون: تركنا الخدمة لأنها بلا مكسب وحماية.. وآخرون: المواعيد تناسبنا ونحقق 8 آلاف جنيه شهريا
- غادة: أشعر بالأمان فى التعامل مع العملاء.. وأتمنى التعاقد مع الشركة لتحقيق الأمان الوظيفى
- وكيل قانونى: نحمى سائقينا ونعوضهم عن خسائر المرور واعتدءات التاكسى الأبيض.. ومن يتعلل بضعف المكسب عليه العمل أكثر
«أكسب الكثير من المال بقيادة سيارتك الخاصة بدوام كامل أو دوام جزئى، أنت حر بدون مكتب بدون مدير»، كان هذا جزءا من دعاية شركة «أوبر» على موقعها الرسمى على شبكة الإنترنت، والتى بسببها انضم المئات من الشباب والفتيات كسائقين لدى الشركة بالقاهرة، لكنهم بعد الالتحاق بالعمل واجهوا صعوبات لم يكونوا يتوقعوها، لأنهم وجدوا أنفسهم بلا تعاقد وبلا حماية وبلا مكسب كبير، بينما يرى آخرون أن العمل فى الشركة يحقق لهم ربحا جيدا كما يوفر لهم الحماية التى تقدمها «أوبر» للعاملين بها، حسب تأكيدهم.
وفى هذا السياق، يقول الشاب الأربعينى سمير توفيق إنه انجذب لإعلانات الشركة على مواقع التواصل الاجتماعى التى كانت تعد بتوفير هاتف ذكى مع خط إنترنت مجانا، مع تحقيق ربح سريع بمعدل 20 ألف جنيه فى حالة العمل لمدة 12 ساعة يوميا، لذلك اشترى سيارة بمقدم 50 ألف جنيه وعمل التحاليل اللازمة وحضر محاضرة فى الجامعة الأمريكية عن كيفية استخدام «التطبيق»، لكنه اصطدم بعدم صحة بعض تلك الوعود، لعدم وجود تعاقد رسمى بينه وبين الشركة.
وأوضح توفيق لـ«الشروق» أن وكيل الشركة الأمريكية باع لهم الهواتف المحمولة بسعر 1200 جنيه، كما يدفع الواحد منهم 100 جنيه شهريا قيمة خط الإنترنت، مضيفا «عملت لمدة 4 شهور بدوام جزئى، ولم أحقق أرباحا لأنها كانت تضيع على دفع الغرامات، والبنزين وتغيير زيت السيارة والإطارات، فضلا عن قسط السيارة الشهرى».
وأردف السائق «تركت الخدمة، وبعت السيارة لأن الشركة الأمريكية ليس لها إطار قانونى فى مصر، ولم تحل المشكلة القائمة مع سائقى التاكسى الأبيض، كما لا تقدم ضمانات، فعندما سحبت رخصتى من شرطة المرور فى إحدى المرات لم تعوضنى الشركة رغم إرسالى صورة الغرامة لهم».
سائقو الأوبر يحتاجون للحصول على علاوة إضافية لتحقيق الربح، ويشترط لذلك ألا يقل تقييمهم من العملاء عن 4.3 من 5 نجوم بشكل أسبوعى، ولو قيمه عميل واحد بنجمة فقط فهذا يضيع عمله حتى لو كان متميزا خلال اليوم.
المحاسب محمد عدلى يقول أيضا إنه ترك الخدمة كسائق فى «أوبر»، بعدما عمل لمدة 3 شهور على سيارته الخاصة بدوام جزئى لمدة 8 ساعات يوميا، ويستطرد «فضلت العمل بدلا من الجلوس على القهوة، ولم يحسن هذا دخلى رغم أنه عمل مرهق جدا»، وبرر ذلك قائلا «أوبر تعد أقل تعريفة تاكسى فى مصر مقارنة بشركات أخرى، فالأجرة الأساسية 3 جنيهات، والحد الأدنى للأجرة 10 جنيهات، والأجر لكل كيلومتر 1.30 قرش، فمثلا أجرة توصيل عميل للمطار لا تتعدى 50 جنيها، لذلك تعد خدمة متميزة للعميل وغير منصفة للسائق»، على حد قوله.
الضوابط التى وضعتها الشركة تمنع عدلى وغيره من التدخين أو الحديث تليفونيا مع زوجته فى أثناء توصيل العملاء، وعليه أن يتعامل معهم باحترام حتى لو لم يكن متبادلا، كما أنه لا يستطيع رفض أى طلب للتوصيل، وعليه فى بعض الأحيان أن ينتظر كثيرا حتى يتصل به أحد الزبائن، بسبب انتشار سائقى «أوبر» فى نطاق القاهرة الكبرى.
فى المقابل، فضل سائقون آخرون الاستمرار فى العمل تحت إطار الشركة، ومنهم الشاب العشرينى «حسن»، الذى أوضح أنه يعمل مع «أوبر» على سيارته الخاصة ماركة تويوتا منذ عام تقريبا لتحقيق دخل إضافى، لأنه فى الأصل يعمل محاسبا، لكنه فضل التفرغ كسائق «أوبر» حيث يعمل من الساعة الثامنة صباحا إلى الخامسة مساء، ويستطيع تحقيق دخل قدره 8 آلاف جنيه شهريا، بعد خصم 300 جنيه التى يحصل عليها الوكيل القانونى، لذلك يستطيع أن «يفتح بيتا» وينفق على زوجته وابنه.
لم يتعرض حسن ــ خريج كلية إدارة أعمال فى جامعة حلوان ــ لمشاكل مع الشركة أو العملاء خلال فترة عمله، ويرى أن هناك مميزات كثيرة فى «أوبر» قائلا «أستطيع العمل فى المواعيد التى تناسبنى، فليس لدى مدير يتحكم فى مواعيدى، ولا أحد يسألنى عن أوقات التغيب عن العمل، فببساطة يمكننى غلق تليفونى المحمول وعدم تلقى طلبات توصيل».
ويضيف حسن أن من مميزات العمل أيضا أنه حصل فى بداية عمله على هاتف مجانى قبل أن تلغى الشركة هذا العرض، كما يتعامل مع أشخاص مثقفة ومحترمة ويعاملونه بطريقة جيدة لأنهم يعلمون أنه فى نفس مستواهم التعليمى والثقافى وأنه يعمل على سيارته الخاصة، لكنه استدرك «سأفكر فى ترك العمل والاستمرار كمحاسب إذا لم تقنن الشركة أوضاعها، لأننى لا أريد التعرض لأى ضرر من الشرطة أو أصحاب التاكسى الأبيض».
«سأستمر فى العمل لأنى لا أخاف من أصحاب التاكسى الأبيض»، ترد غادة سائقة «أوبر» منذ يناير 2016 على زميلها، لافتة إلى أنها تنتمى إلى شركة تهتم بمساعدة الشباب المصرى ماديا، وتتابع «العمل رزق ونحن لا ننافس التاكسى الأبيض لأن كل منا له زبائنه».
وتعمل غادة من الساعة السادسة صباحا حتى الثالثة ظهرا، وتساهم فى مصروفات المنزل المتزايدة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، قائلة «أستطيع تحقيق مكسب لأن كل من يركب معى يعطينى تقييما لا يقل عن خمس نجمات، ما يضاعف أجرى الأسبوعى، فضلا عن أن العمل يرفع من روحى المعنوية».
وتضيف السائقة المتزوجة ولديها أطفال أنها تعمل للمرة الأولى بعد تخرجها فى كلية التجارة، حيث كان زوجها خائفا عليها وأولادها رافضين لكنها سعيدة بالمهنة لأنها «حاجة مشرفة» على حد قولها، مشددة على أنها تشعر بالأمان فى التعامل مع عملاء على مستوى تعليمى جيد، وتواصل «السيدات يكن على راحتهن أكثر معى، ومنهن فتيات صغيرات السن يأخذن بنصيحتى فى بعض الأمور، ويتعاملن معى كأننى أمهن».
زوج غادة أصبح قلقا عليها أخيرا بعد تصوير سائق تاكسى أبيض سيارتها بتليفونه المحمول، بينما تقول الزوجة «الموقف أخافنى قليلا لكننى متوكلة على الله»، لافتة إلى أن المشكلة زادت مع أصحاب التاكسى الأبيض بعد إعلان الشركة عن خدمة دفع الأجرة «كاش» بعد أن كانت مقتصرة على كارت الفيزا، لذلك تتمنى أن تتراجع الشركة عن قرارها، كما تتمنى أن يكون هناك عقد مكتوب بينها وبين الشركة من أجل زيادة مستوى الأمان الوظيفى.
وردا على ذلك، قال أحد الوكلاء القانونيين لـ«أوبر» ــ فضل عدم ذكر اسمه ــ إنهم يعملون على حماية السائقين وتعويضهم عن خسائر كمائن الشرطة، واعتداءات بعض أصحاب التاكسى الأبيض، وأردف «الشركة دفعت أخيرا لأحد السائقين 2000 جنيه كتعويض عن حجز سيارته لدى رجال المرور وتعطيل عمله، كما توكل محامين للدفاع وتدفع الكفالة بالنيابة عنهم، ونحن نحصل من السائقين على نسبة 20% من أجورهم أسبوعيا فقط، مما يوفر لها السيولة المادية للتعويض عن أى ضرر بشرط ألا يكون الخطأ من جانب السائق.
وأضاف الوكيل القانونى أنه لا يوجد تعاقد مكتوب بين الشركة والسائقين، لكن الوكلاء القانونيين هم المسئولون عنهم للتأكد من خلو تحاليلهم الطبية من الكحول أو المخدرات، ودفع أجورهم أسبوعيا، موضحا أن الشركة لا تتعامل مع الأفراد مباشرة، قائلا «هناك ما لا يقل عن 8 آلاف سائق أوبر فى القاهرة، وهناك إقبال متزايد من الشباب والنساء للعمل معنا، ومن يريد الكسب الكبير عليه العمل بعدد ساعات أطول وباجتهاد، ومن يتعلل بضعف المكسب عليه أن يعمل أكثر».
كان مجلس الوزراء شكل لجنة قانونية لبحث موقف الشركة داخل مصر، برئاسة وزير العدل وعضوية وزراء النقل والمالية والاستثمار والتنمية المحلية والتضامن الاجتماعى والداخلية، لاقتراح سبل التعامل مع قضية تشغيل السيارات الخاصة فى الأغراض التجارية «أوبر وكريم وأسطى»، على أن تعلن نتيجة عمل هذه اللجنة فى الاجتماع المقبل للمجلس.