ـ الاحتلال يضيق الخناق على المقدسيين لدفعهم للهجرة
ـ مقدسات المسيحيين تحت التهديد والاحتلال لا يحترم الحقوق الدينية للجميع
ـ التهويد استراتيجية للمشروع الصهيونى وهو الآن فى مراحل قطف الثمار
ـ ضريبة «الأرنونا» أحد أسلحة الاحتلال لإفقار المقدسيين
كشف مدير الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ناصر الهدمى، عن الوضع الراهن فى القدس، وواقع آلة التهويد، فى ظل التصعيد المتزايد والاعتداءات المستمرة من قبل الاحتلال الإسرائيلى ومحاولة فرض التغيير الديموجرافى فى بيت المقدس.
وأشار الهدمى فى حواره مع «الشروق» إلى أن ما يعايشه المقدسيون من تضييق مالى وأمنى لدفعهم للهجرة، كما تحدث عن صراعهم مع المستوطنين، وعن ضريبة «الأرنونا» كسلاح لإفقار أهل المدينة، وأهمية استنهاض الهمم الشعبية لدعم القضية الفلسطينية.
وإلى نص الحوار:
< حدثنا عن الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد.. ما دورها؟
ـــــ الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد أنشئت عام 2009، وتعمل على مراقبة خروقات الاحتلال وسياساته فى مدينة القدس؛ التى تهدف إلى تهويد المدينة ووضعها ضمن الإطار الاستراتيجى لسلطات الاحتلال فيما يخص مخطط التهويد.
لكن تقرر إيقاف عملها حتى تمر هذه الموجة من اعتداءات الاحتلال فى ظل الحملة الشرسة التى تشنها سلطات الاحتلال على كل المؤسسات والجمعيات الخيرية الموجودة فى المدينة، وعلى كل الأحوال؛ الهيئة لا تعمل الآن، ولا ندرى إلى أى وقت سيبقى الوضع على ما هو عليه.
< هل قرار حل الهيئة تم فرضه من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلى؟
ـــــ الهيئة تم حلها بقرار من مجلسها؛ لأن وجودها أصبح خطرًا، فنحن كنا ملاحقين من قبل نظرًا لعملنا البحثى المتعلق بأوضاع القدس؛ واستمرار عملها قد يؤدى للسجن أو التنكيل، سواء لمديرها أو أى منتسب إليها؛ فهذا هو الواقع الذى نعيشه كمقدسيين.
< ما هو تقييمك للوضع الحالى فى القدس؟
ـــــ الوضع صعب جدًا سواء فى مدينة القدس أو المسجد الأقصى المبارك، ولم يمر على المسجد الأقصى ظروف مثل التى نعيشها هذه الأيام من انتهاكات يومية، واقتحامات بشكل كبير، وتصعيد واضح فيما يخص تدنيس المسجد بالصلوات التلمودية، أو رفع العلم الصهيونى، أو النفخ بالبوق (الشوفار)؛ تفاصيل كثيرة من الاعتداءات التى لا تنتهى.
< هل زادت الاعتداءات فى القدس بعد أحداث الإبادة الجماعية التى يتعرض لها قطاع غزة؟
ـــــ الأمور هذه لم نصل إليها فقط بعد السابع من أكتوبر 2023، وإنما كانت هناك مؤشرات كبيرة تدل عليها؛ وأحد المؤشرات التى تجعلنى حاليًا أنظر بصورة قاتمة إلى مستقبل المسجد الأقصى المبارك هى بالدرجة الأولى واقع الأمة التى شهدت بصمت ما يجرى من قتل واعتداءات على الروح الفلسطينية والإنسانية البشرية فى قطاع غزة وفى الضفة الغربية، والآن تمتد إلى لبنان.
الأمة تشاهد كل هذه الاعتداءات ولا تحرك ساكنًا، فما الذى يمنع سلطات الاحتلال عمليًا من أن تقدم على مزيد من الاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك، سواء بالحرق أو الهدم، أو التغيير إلى هيكل أسطورى يدّعون وجوده فى التاريخ؟!
< حدثنا عن واقع مدينة القدس؟
ــــ بالنسبة لمدينة القدس بشكل عام؛ هناك ملاحقة واضحة من قبل سلطات الاحتلال لسكانها وخصوصًا النشطاء منهم؛ فإذا تحدثنا عن التجار فهناك سياسة إفقار لهم من خلال بفرض ضرائب باهظة عليهم، وملاحقات مالية من قبل ضريبة «الأرنونا»، ومخالفات تحرر ضد كل من يقترب من السوق الفلسطينية، أو من مركز مدينة القدس فى القسم الشرقى.
هناك حرب شعواء لدفع المقدسيين إلى الهجرة، وإلى ترك أماكن تواجدهم سواء فى المحلات التجارية، أو الأسواق، أو حتى بيوتهم، فالحياة فى مدينة القدس أصبحت صعبة للغاية، وهذا واقع ليس عشوائيًا، ويعد نتيجة لسياسات واستراتيجيات مارستها سلطات الاحتلال منذ العام 48 بحق القسم الغربى من مدينة القدس، ومنذ العام 1967 بحق القسم الشرقى من المدينة.
ومن الناحية الأمنية والاجتماعية؛ فالاحتلال يمارس الإرهاب لأهل المدينة من خلال الحواجز الكثيرة حيث يُنكل من خلالها بكل المارة حتى أصبح ابن المدينة يفضل البقاء فى بيته بدلًا من الخروج وتعرضه لمثل تلك المواقف؛ كما أن الدخول للمسجد الأقصى المبارك يكاد يكون مستحيلًا.
< ما المقصود بـ«ضريبة الأرنونا»؟
ــــ هى ضريبة «المسقفات» تفرضها سلطات الاحتلال فى القدس على كل بيت أو بناء مسقوف؛ فالبيت الذى أسكنه مساحته تقريبًا تبلغ 120 م ندفع ضريبة له 11 ألف شيكل سنويًا يعنى حوالى 300 دولار شهريًا ضريبة «أرنونا»، أما المحال التجارية فتكون ثلاثة أضعاف هذا المبلغ؛ إذ تُعتبر مصدرًا لمدخول مالى.
< باعتبارك مقدسيا حدثنا عن شكل العلاقة بين المقدسيين والمستوطنين.. كيف تراها؟
ـــــ العلاقة بين المقدسين والمستوطنين دائمًا متوترة، فهى علاقة صراع؛ ويسعى المستوطنون لفرض وجودهم وسيادتهم وسيطرتهم، سواء على المسجد الأقصى المبارك أو مدينة القدس، واحتدت العلاقة بين المقدسيين والمستوطنين، وازدادت شراسة، وإجرامًا سواء من قبل المستوطنين أو جنود الاحتلال الذين يحمونهم ويدعمون تنكيلهم وإرهابهم للمقدسيين بشكل خاص والفلسطينيين بشكل عام.
< على الرغم من قدم قضية «التهويد».. فإنها تشهد الآن زخمًا فى التصاعد، كيف تُفسر المشهد؟
ــــ دولة الاحتلال منذ اليوم الأول لإقامتها، بل من اليوم الأول لفكرة وجودها بنيت على أساس أنها دولة إحلالية احتلالية، بمعنى أنها تريد أن تمحو ما هو قائم على الأرض وتضع مكانه الرواية والأسطورة الصهيونية بأن هناك حقا لليهود على أرض فلسطين بالذات فى مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك.
مشروع التهويد هو مشروع استراتيجى من صلب المشروع الصهيونى، على أساسه قامت دولة الاحتلال واستخدم من أجل تشجيع اليهود وربطهم بأرض فلسطين ليهاجروا إلى هذه الديار ويشاركوا فى بنائها.
التهويد ليس جديدًا ولكن يمكننا القول إنه يتغير وفق الظروف السياسية والإقليمية الموجودة فى المكان، فالآن وصلنا لمراحل قطف الثمار وهذا واضح جدًا نتيجة أمور كثيرة أحدها واقع الأمة العربية والإسلامية، فلا أحد يستطيع إنكار أن الأمة تمر اليوم بظروف صعبة جدًا.
< حدثنا عن أوضاع المواقع المقدسة المسيحية فى القدس، خصوصًا فى ظل اقتراب فترة الأعياد المسيحية.. كيف تراها؟
ـــــ صحيح أن المسلمين يتم الاعتداء عليهم أكثر لأنهم النسبة الأكبر، نظرًا لأنهم فى مواجهة سياسات الاحتلال، ولكن كما قلت الاحتلال لا يحترم كل من يسميهم بـ«الأغيار» فهو لا يرى الغير ولا يحترمه، ولا يريد أن يكون لغيره أى حق فى أرض فلسطين والمنطقة.
بالنسبة للأعياد المسيحية؛ الاحتلال لا يحترم الغير بغض النظر عن من هو الغير، فيهينون المسيحيين فى أعيادهم، ويعتدون على مسيرتهم، وأماكن عبادتهم تمامًا كما يعتدون على المسلمين.