ينطلق المتطوعون بالحافلات كل ليلة في المدن الألمانية إلى أن يعثروا على شخص يعتقدون أنه يحتاج إلى مساعدتهم، أو إلى أن يتصل بهم هاتفيا شخص طالبا منهم القدوم إلى موقع ما، وذلك في إطار مبادرة "حافلات البرد" التي تهدف إلى تقديم الإغاثة للأشخاص المشردين في المدن الألمانية خلال الأشهر شديدة البرودة.
وفي هذه الحالة يتوجهون إلى مكان الشخص النائم في العراء، ويقدمون له البطاطين والمشروبات الساخنة والوجبات، بالإضافة إلى طرح خيار نقله إلى مأوى للمشردين.
ويقول المتطوعون إنه في الليالي قارسة البرودة، يتلقى مركز الاتصال بالمنظمة اتصالا هاتفيا كل دقيقة.
ويستخدم مركز الاتصال برنامجا بالألوان لتحديد شدة وإلحاح كل حالة، فيعني اللون الأخضر أن الحالة لا تتطلب التدخل في الحال، لأن الشخص قد يكون جالسا داخل مكان دافىء مثل المستشفى.
ويعني اللون الأصفر أن الحالة عاجلة، أما اللون الأحمر فيشير إلى أنها عاجلة للغاية، وفي هذه الحالة الأخيرة قد "يكون الشخص مرتديا تي شيرت ويسير حافيا وسط هذا الطقس شديد البرودة".
وتقول فرانزي وهي من بين المتطوعين، إنها تحاول دائما أن تصحب أولئك الأشخاص إلى أماكن لإيواء الحالات الطارئة، على أن تكون قريبة من أماكن تواجدهم، حيث أن الأشخاص المشردين "يحرصون في الغالب على التمسك بالإقامة في مناطق يعهدونها"، وإذا لم يتحقق ذلك وتم إدخالهم في مراكز إيواء بعيدة عن المناطق التي اعتادوا عليها، فسنجدهم يقطعون مسافات طويلة للعودة إليها في اليوم التالي من دخولهم مراكز الإيواء البعيدة.
وتشير فرانزي إلى أن "الناس معرضون للخروج من عباءة المجتمع بسرعة شديدة"، ويتمثل دافعها في أن تؤكد لأولئك الأشخاص إنهم ليسوا وحدهم في مواجهة الظروف، وأنه بإمكانهم استعادة قدر من كرامتهم، وقد يعني ذلك أحيانا مجرد إتاحة فرصة الإصغاء إليهم.
وتشير هذه المتطوعة إلى أن أعداد الأشخاص الذين هم بلا مأوى زادت إلى حد كبير، خلال الأعوام القليلة الماضية منذ تفشي جائحة كورونا، "حيث فقد الناس وظائفهم أثناء الجائحة ولم يعد في مقدورهم دفع إيجارات المساكن".
وتقول فرانزي إن فترة الجائحة شهدت أيضا زيادة في معدلات الأمراض النفسية وحالات الإدمان.
وتعرض الأشخاص الذين يفتقرون إلى الدعم لأشد حالات المعاناة، حيث تراجعت معدلات إتاحة الاستشارات الطبية والنفسية وغيرها من أشكال الدعم أثناء تلك الفترة.
وتشير بيانات هيئة الشؤون الاجتماعية ببرلين، إلى وجود 1165 مكانا لاستقبال حالات الطوارىء لتمضية فترة الليل خلال فصل الشتاء الحالي، في إطار برنامج الإغائة من الطقس البارد.
وفي فصل الشتاء الماضي نقلت "حافلات البرد" 1580 شخصا مشردا إلى مراكز الإيواء، بزيادة قدرها 237 شخصا مقارنة بأعداد العام السابق.