بينما تدخل حرب الإبادة الإسرائيلية بقطاع غزة شهرها السابع، جاءت الضربة الجوية الإيرانية على دولة الاحتلال الإسرائيلي، بمئات الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية والكروز، لتشتت الصف الدولي بين داعم ومعارض، بعدما انصب تركيزه الأكبر على إلزام الكيان الصهيوني بوقف إطلاق النار، ومحاسبته بتهمة الإبادة الجماعية.
ورغم عدم إعلان دولة الاحتلال عن خسائر فادحة جراء الضربات الإيرانية غير المسبوقة، ردًا على استهداف قنصليتها في سوريا، إلا أن محللين يرون أن تل أبيب استفادت من الضربات على الصعيد السياسي داخليا ودوليا.
فبفعل الرد الإيراني أضحت إسرائيل تواجه خطرًا خارجيًا أشغل الشارع عن تظاهراته الرافضة لحكم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فيما عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئًا، يوم الأحد، بطلب من الكيان لإدانة الهجوم الإيراني عليه، وتصنيف الحرس الثوري الإيراني "منظمة إرهابية".
* الرد الإيراني فريد لكنه محسوب ومنسق
تقول الدكتورة حنان أبو سكين، رئيس قسم بحوث وقياسات الرأي العام بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن الرد الإيراني جاء بمثابة ضربة محسوبة ومنسقة ربما بعد اتصالات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية؛ نظرا لما قالته بعض الصحف الأجنبية بوجود اتصالات بين الطرفين منذ فترة، أو بمعرفة من الاستخبارات الأمريكية، بحسب حديث الصحف الإسرائيلية عن توقع ضربة إيرانية.
وأضافت "أبو سكين"، في تصريحات لـ"الشروق"، أن الرد الإيراني جاء فريدا من نوعه باعتباره أول مواجهة مباشرة بين الكيان الصهيوني ودولة شرق أوسطية، منذ حرب عام 1973 مع مصر.
* كيف أضحت إسرائيل ورقة رابحة للمصالح الإيرانية؟
وأشارت إلى أن إيران في الوقت الحالي لديها مصلحة كبيرة في توريط أمريكا، حتى تجبرها على العودة للاتفاق النووي الإيراني، الذي خرج منه الرئيس السابق دونالد ترامب، بما يرفع عنها بعض العقوبات.
وفسرت أن إيران قادرة على الدخول في حرب إقليمية بالشرق الأوسط وهو ما لا تريده أمريكا حفاظا على مصالحها، لذلك تريد طهران تحقيق مكاسب ذاتية من خلال استهداف إسرائيل، الذي سيحقق بدوره الضغط على أمريكا للعودة للاتفاق النووي الإيراني مجددًا، مقابل عدم الإضرار بإسرائيل، كنوع من المقايضة.
فيما أشارت إلى أن "إيران تتخوف من الدخول في مواجهة كاملة في الشرق الأوسط ضد أمريكا لأنها ستستنزف اقتصادها وفي حال طلبت المساعدة من روسيا فلن تلقى الدعم المرجو".
وترى "أبو سكين"، أن الضربة الإيرانية ضد دولة الاحتلال ليست مقدمة لحرب إقليمية في المنطقة، لعدم رغبة إيران في ذلك، وهو ما ظهر في ردها المحسوب والموجه والمرتب، والمنسق رغم التقدم النوعي لقواعد الاشتباك باستخدام أراضيها لإطلاق الصواريخ بدل الاعتماد على وكلائها في الدول العربية.
* كيف استفاد نتنياهو من الضربة الإيرانية؟
أكدت رئيس قسم بحوث وقياسات الرأي العام بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن الرد الإيراني لم يحقق هدفًا ماديًا ولكن معنويًا، لأنه لم يحدث خسائر بشرية كبيرة بإسرائيل، وأخليت القواعد الإسرائيلية قبل الضربة نظرا للاستعداد وتوقع توقيتها، عوضا عن وقوع الصواريخ في أراضي شاغرة أحدثت خسائر طفيفة، بعد اعتراض جيش الاحتلال 99% منها، بحسب المتحدث الرسمي.
وأردفت "أبو سكين"، بأن الرد الإيراني صَب في مصلحة نتنياهو، لوقوعها في توقيت يتعرض خلاله لتضييق الخناق، بتراجع الدعم الأمريكي الضاغط لعدم شن عملية عسكرية برفح دون ضمانات لحماية المدنيين، بالإضافة لضغوط الشارع الإسرائيلي للوصول لصفقة لاسترجاع الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، والتظاهرات طويلة الأمد التي تطالب بعزله عن رئاسة الحكومة، وسط أعدائه من الساسة وانقسام الصف الداخلي.
وتابعت أن نتنياهو يجيد القفز للأمام بمعنى أنه يستطيع اختلاق مشكلة لتوحيد الصف الإسرائيلي، للبقاء أكثر في السلطة وبالتالي تعمد استهداف القنصلية الإيرانية بدمشق لجر إيران لرد "محسوب" لتحقيق المكاسب وراء ذلك. وأوضحت "أبو سكين"، أن المكاسب التي حصدتها تل أبيب ونتنياهو من الضربة الإيرانية هي:
1. المشهد العالمي تناسى حرب غزة ويرى "إسرائيل تحت القصف الإيراني".
2. انشغل الشارع الإسرائيلي عن التظاهر ضد نتنياهو بسبب حالة الرعب من إيران.
3. بقاء نتنياهو فترة أطول في السلطة.
4. إسرائيل ستأخذ مزيدا من الأسلحة بما يزيد إبادة غزة.
5. استغلال تهديدات إيران في استمرار حرب غزة لبقاء نتنياهو.
6. الرد الإيراني أفجع دول الغرب لصالح إسرائيل.
7. ألمانيا تتحدث عن الدفاع عن إسرائيل.
8. مسئولون أمريكيين جددوا التزامهم الصارم بأمن إسرائيل.
9. وزراء خارجية الدول الأوروبية اجتمعوا لمناقشة الرد الإيراني كعدوان على إسرائيل.
10. وحدة وانعقاد مجلس الحرب الإسرائيلي.
11. فتح جبهة جديدة لنتنياهو لتحقيق مكاسب بالانتخابات القادمة باعتباره حامي إسرائيل من التهديد الإيراني.