تحتضن مدينة القاهرة تراثا ثريًا ومتنوعا يقف شاهدا وموثقا لأحداث تاريخ، وشخصيات مرت على مصر في حقب مختلفة من تاريخها الممتدد.ولا يقتصر تاريخ القاهرة على مساجدها التاريخية ومآذنها الشامخة أو القصور المنيفة؛ ففي مقابرها وجباناتها كنوزا مخفية لم يرها ولم يوثقها الكثير من قبل.
ووثق الدكتور مصطفى الصادق، أستاذ الطب المتفرغ بقصر العيني والمهتم بالتاريخ والتراث، جولاته بجبانات مقابر القاهرة التي أمضى بها سنوات عديدة، وجمع مادة ثرية من صور المقابر التاريخية، وصدرت أواخر يناير الماضي في كتاب: "كنوز مقابر مصر.. عجائب الأمور في شواهد القبور"، عن دار ديوان للنشر.
الحلقة السابعة:نتناول في حلقة اليوم شاهد قبر الكلفة ست مجبور، وملامح قصيرة من حياتها كما دونها الدكتور مصطفى الصادق في كتابه.
* ما معنى الكلفة؟يقول الصادق إن الكلفوات كانوا نساء تركيات تربين في قصر مخدومهن، ويقمن على خدمة سيدة القصر.
وكن أشبه بخادمات السيدة الأولى في القصر، يساعدنها في استقبال ضيفاتها والترحيب بهن والترويح عنهن، ويمكن القول إنهن كن في مركز اجتماعي يشابه معتوقات الشخصيات الكبيرة بالبلاط الملكي.
* الست مجبوركانت الست مجبور تعمل في قصر محمد شریف باشا، وتوفيت يوم الثلاثاء 12 يوليو سنة 1911، ودفنت في حديقة حوش شريف باشا بقرافة الإمام الشافعي التركيبة من الحجر من مستويين، مزخرفة بزخارف نباتية ونقوش كتابية، ويعلوها شاهدا قبر، الشاهد الخلفي (المضاهي فارغ ولا توجد عليه أي زخارف أو كتابات، أما الشاهد الأمامي فيشغله نقش كتابي مكتوب بالخط الفارسي البارز في تسعة أسطر تفصل بينها خطوط أفقية بارزة تُقرأ كالتالي:
"هو الباقي
يامارا بعبد قد فنى
ترك الأحبة والبنين وما جنى
سألتك بالنبي وإله
تُهدي من القرآن فاتحة لنا
هذا قبر المرحومة الست مجبور
الكلفة توفت إلى رحمة الله تعالى في يوم الثلاثاء 15 رجب سنة 1329".
اقرأ أيضاشواهد القبور (6).. الأمير وحيد الدين زوج حفيدة آخر الخلفاء العثمانيين