على رأي المثل (8).. ومن الحب ما قتل - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 11:28 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

على رأي المثل (8).. ومن الحب ما قتل

منال الوراقي
نشر في: الإثنين 18 مارس 2024 - 6:38 م | آخر تحديث: الإثنين 18 مارس 2024 - 6:39 م
بينما تعد الأمثال الشعبية ترمومتر الثقافة فى كل دولة، يشتهر الشعب المصري بأمثال شعبية وأقوال قد تبدو غير مفهومة للوهلة الأولى، ولكن إذا تعمقت في الكلام فستجد أن مضمونها يحمل دلالات ومعاني عميقة.

فالمثل الشعبي هو قصة حياة ترويها الأجيال، وحكاية حكمة الأجداد الصالحة لكل زمان ومكان وإن اختلفت اللهجات، إلا أن المعنى والمغزى من المثل الشعبي يبقى واحداً تردده الألسن، إذ لا يخلو هذا المثل من بلاغة التشبيه والإيجاز والاستعارات والكلام المسجع، للوصول إلى المقصود من دون قصور.

في سلسلة "على رأي المثل" وعلى مدار شهر رمضان الكريم، تقدم لكم "الشروق" قصصا وحكايات للأمثال الشعبية المصرية والعربية استنادا لكتاب " قصص الأمثال" للكاتب المصري سيد خالد.

ومن الحب ما قتل

في أحد الأيام بينما كان يمر الأصمعي على الطريق في البصرة وجد صخرة كبيرة منقوش عليها بيت من الشعر، فاستوقفه الأمر، فقد عرف عن الأصمعي بلاغته الشديدة وقوة حجته في الشعر.

وبدأ يقرأ هذا البيت فوجد فيه مكتوب: أيا معشر العشاق بالله خبروا .. إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع، وفيه يطلب العاشق من معشر العشاق الذين سبقوه بالتجربة، ماذا يفعل إذا حل به العشق، فقرر الأصمعي أن يرد على ذلك الشاب المولع بالهوى من خلال النقش على نفس الصخرة ببيت شعر آخر.

وقال: يداري هواه ثم يكتم سره .. ويخشع في كل الأمور ويخضع، وفيه ينصح الأصمعي الشاب بأن يتمالك نفسه، ويربط على قلبه، ويكتم في سره حتى يستطيع الحياة.

وفي اليوم التالي مر الأصمعي من نفس الطريق، وألقى نظرة على نفس الصخرة، فوجد أن الشاب قد رد على كلماته ببيت شعر آخر يطلب منه النصيحة ويتحسر على قلبه الذي تقطعت أوصاله من الهوى والعشق، فقال: وكيف يداري والهوى قاتل الفتى وفي كل يوم قلبه يتقطع.

وهنا يأس الأصمعي من نصيحة هذا الفتى الذي قد أعياه الحب، ولا يعرف كيف يكتم هذا الحب، وهو يشعر بالضياع وبالألم، فنصحه الأصمعي أنه إذا لم تستطيع الصبر والكتمان لحبك، فليس أمامك سوى الموت الذي قد يريحك من هذا الألم وينفعك، وكتب له ذلك على الصخرة في بيت الشعر التالي: إذا لم يجد الفتى صبرًا لكتمان أمره فليس شيء سوى الموت ينفع.

وكأن كلمات الأصمعي وقعت كالسهم في قلب ذلك الشاب كالرامي الذي أحكم رميته، وفي اليوم التالى مر الأصمعي من نفس الطريق ليرى ما هو رد الفتى على هذا البيت الذي تركه له، فوجد أن الفتى قد قتل نفسه بجوار هذه الصخرة أخذا بنصيحة الأصمعي، وقد كتب له آخر ما كتب من الكلام والشعر، ويبلغه أنه قد سمع بنصيحته وأطاعه ويطلب منه أن يبلغ سلامه لكل العاشقين الذين منعوا وصال أحبتهم، قائلا:

سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغوا سلامي إلى من كان للوصل يمنع
هنيئًا لأرباب النعيم نعيمهم وللعاشق المسكين ما يتجرع.

وبهذه الكلمات أنهى ذلك الشاب حياته، التي لم يذق فيها سوى مرار الهجر والحرمان، فقرر أن يتركها لينعم فيها من ينعم ويهنئ، ويواسى فيها من يتألم مثله ويتجرع من كأس العشق، فما كمان من الأصمعي إلا أن قال مقولته الشهيرة "ومن الحب ما قتل".

اقرأ أيضا
على رأي المثل (7).. حاميها حراميها


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك