حظى الموسيقار سيد درويش بموهبة فطرية فأثمرت قريحته مئات الألحان التي أنجزها في سبع سنوات فقط من حياته القصيرة، تاركا بها أثرا عظيما أسس لعصر كامل من الغناء والألحان، ومازال محلا للاحتفاء بعد مائة عام من رحيله.
وجاء بكتاب رتيبة الحفني، بأن سيد درويش لم ينل أي تعليم مدرسي في الموسيقى سوى القليل الذي أصابه من التحاقه بضعة شهور بمدرسة إيطالية للموسيقى في الإسكندرية، أما كل ما تعلمه فاكتسبه من خلال استماعه لمشاهير المقرئين والمطربين، أو من حفظه عن الموسيقيين القدماء في الإسكندرية وبيروت وحلب والقاهرة، فضلاً عن قراءاته في كتب الموسيقى العربية القديمة.
كنز بخمسة مليم
روى بين صفحات الكتاب، أن درويش بدأ يتعلم الموسيقى من كتاب اشتراه بائع يعرض كتبه القديمة على رصيف الشارع ؛ فبينما كان ينظر في "فةترينة" هذه المكتبة الفقيرة ليختار كتباً في التاريخ والشعر والأدب وقع نظره على كتاب صغير أصفر الورق وكان في الموسيقى وطلب منه البائع خمسة مليمات أعطاها له وذهب بهذا الكنز الى بيته وأنكب عليه يلتهم ما فيه وذهب فاشترى عودا قديما وشرع يتعلم العزف عليه مسترشدا بالكتاب، وفي سن مبكرة جداً (حوالي سن الخامسة عشر) وجد أنه قادر على تأليف الموسيقى أو بمعنى آخر وضع الألحان والكلمات الشعرية الفصحى أو العامية فأخذ يلحن ووجد أنه يلحن أشياء جديدة تختلف عما كان سائداً؛ فتخوف لصغر سنه وقلة تجربته ان يعرض نفسه للسخرية إذا جاهر أنه صاحب اللحن أو على الأقل للتكذيب.
لماذ نشرت أعماله باسم إبرهيم القباني؟
ابتكر درويش حيلة للخروج من المأزق ، فقرر أن ينسب ألحانه لملحن ومغن شهير وقتها اسمه إبراهيم القباني فلما أعاد التجربة ووجد أن هذه الألحان تنال استحسان الناس بدأ يقدم نفسه كمؤلف، وكان من الطبيعي لعبقري هذا تاريخه وهذه بيئته وهذه مواهبه وأخلاقه أن تكون كل ألحانه وأهداف أوبريتاته تحمل أهدافاً وطنية عامة كما كانت في الوقت نفسه تعكس بشدة مطالب الطبقات الكادحة بجميع فئاتها.
تابع القراءة في ملف الشروق عن سيد درويش 100 عام من الإلهام