- مزارعون يؤكدون عزوفهم عن زراعتها بعد تعرضهم لخسائر كبيرة.. ومصدر بـ«الزراعة»: تخزين المزارعين لمحصول العروة الصيفية لتعطيش الأسواق وراء انهيار الأسعار الآن
أربعون ألف جنيه متوسط الخسائر التى تعرض لها بعض مزارعى البطاطس بمصر فى الفدان الواحد خلال العروة الشتوية؛ التى يجرى حصادها حاليا، وسط معاناة كبيرة من الديون التى سيتعثرون فى سدادها، وبين لوم حكومى جرّاء تعطيشهم للأسواق طوال العام لتحقيق مكاسب ضخمة على حساب المواطنين.
تُزرع البطاطس فى مصر على 3 عروات مختلفة، أكبرها العروة الشتوية التى تمثل 70% من حجم إنتاج البطاطس فى مصر، وتلك العروة هى سبب الأزمة الحالية، بعد انخفاض سعر بيع البطاطس من الحقل، إلى ما يتراوح بين 3 إلى 5 آلاف جنيه للطن.
«أنا خسرت حوالى مليون جنيه وربع، بسبب البطاطس والديون محصرانى من كل ناحية»، يضيف هدرا ميلاد، مزارع بمحافظة المنيا، موضحا أنه زرع 25 فدانا بالبطاطس خلال العروة الشتوية، فى أغسطس الماضى، على أمل أن يحقق ربحًا منها عند حصادها فى ديسمبر الجارى، حيث أسعارها المرتفعة خلال وقت الزراعة، ما جعله يصرف على زراعة الفدان ما بين 80 إلى 90 ألف جنيه، فيما لم يتجاوز العائد النهائى ما بين 40 إلى 50 ألف جنيه للفدان، مؤكدا عزوفه عن زراعتها مجددا.
وأوضح ميلاد لـ«الشروق» أن «الفدان يحتاج لحوالى 2 طن تقاوى بنحو 50 ألف جنيه، لأن سعر الطن 25 ألف جنيه، إلى جانب عمالة بـ15 ألف جنيه، وتسميد ورش ورى بتكلفة تصل إلى 20 ألف جنيه»، وأنه فوجئ خلال «تقليع المحصول» بأسعارها التى تهاوت بشكل كبير، حيث اضطر لبيع محصول الفدان بـ50 ألف جنيه، وهذا فى حالة الإنتاجية الجيدة التى تصل لـ10 أطنان فى الفدان.
وأضاف نعيم قلته، مزارع بمحافظة أسيوط، أن «حجم إنتاج البطاطس فى العروة الشتوية يتراوح بين 7 و 10 أطنان للفدان، ويباع الطن من الأرض فى الوقت الحالى بـ5 آلاف جنيه، فى حالة أعطى الفدان أعلى إنتاجية»، موضحا أنه زرع 5 أفدنة بالبطاطس خلال العروة الشتوية، ولم يجن أى ربح، بل تجاوزت خسارته 200 ألف جنيه؛ بمتوسط 40 ألف جنيه فى كل فدان.
وأشار قلته لـ«الشروق» إلى أنه لن يفكر ثانية فى زراعة البطاطس، وسيضطر لزراعة أى محصول يضمن من وراءه ربحا ولو بسيط، وأن هذا رأى أغلب المزارعين بقريته، بعد الخسارة التى لم يسلم منها أحد بمحافظته.
وقال ناجى جمعة، مهندس زراعى بمحافظة أسيوط، إنه بسبب الخسائر التى تعرض لها مزارعو البطاطس، فإن عددا كبيرا منهم سوف يعزف عن زراعتها المواسم المقبلة، والذى لن يقلع عن زراعتها سوف يقلل مساحة زراعتها بنسبة كبيرة.
وأضاف جمعة لـ«الشروق»، أن ارتفاع أسعار البطاطس فى شهر يوليو الماضى، كان سببه زيادة سعر التقاوى المستوردة بشكل كبير، قائلا: «فالمزارعون اشتروا التقاوى وقتها بما يزيد عن 120 ألف جنيه للطن، ووصلت إلى 160 ألف جنيه فيما بعد، وأن الفدان يحتاج من تلك التقاوى نحو نصف طن، بخلاف تكاليف الزراعة الأخرى».
وأوضح خضر يوسف، مهندس زراعى بمحافظة البحيرة، إنه يتم زراعة العروة الشتوية على ثلاثة أشهر، من أغسطس وحتى أكتوبر من كل عام، ويكون حصادها من ديسمبر وحتى نهاية يناير، حيث تزرع محافظتا المنيا وأسيوط فى التوقيت المبكر، أما محافظات الوجه البحرى فتزرع فى التوقيت المتأخر، لذا فإن محافظات الصعيد الأكثر ضررا من خسائر محصول البطاطس هذا العام.
ومن جانبه، أرجع مصدر مسئول بوزارة الزراعة، فى تصريحات لـ«الشروق»، سبب خسارة مزارعى البطاطس إلى «طمع» بعض المزارعين، الذين قاموا بتخزين كميات كبيرة من البطاطس فى الثلاجات، بهدف تعطيش السوق ورفع الأسعار، وأنهم ظلوا على هذا الحال حتى أفرجوا عن تلك الكميات، فى وقت حصاد العروة الشتوية الحالية، ما أدى إلى زيادة كبيرة فى المعروض، وسط انخفاض ملحوظ فى الطلب.
وكشف رئيس اتحاد منتجى ومُصدرى الحاصلات البستانية، أشرف الشرقاوى، لـ«الشروق»، أن حجم صادرات مصر من البطاطس فى 2024 بلغت نحو مليون طن، مقابل 940 ألف طن العام الماضى، وأن معدل النمو كان 6% فقط بسبب التوترات الجيوسياسية فى البحر الأحمر والتى أثرت على صادرات مصر من البطاطس لدول آسيا.