بعض التعديلات تكرس لسرقة المال العام.. وأخرى تحرم العمال من حقوقهم فى الأرباح
النص الدستورى بإلزام الدولة بتشجيع الاستثمار يمنع إلغاء الإعفاءات الضريبية أو زيادة رسوم المناطق الحرة
كشف المستشار محمود فهمى، رئيس لجنة التشريعات الاقتصادية بجمعية رجال الأعمال المصريين، فى مذكرة تفصيلية، أن بعض التعديلات الجديدة المقترحة على قانون الاستثمار الحالى، يشوبها عوار دستورى، وتقوم (الشروق) بعرضها فيما يلى..
سبق أن أعدت وزارة الاستثمار مشروعا جديدا للاستثمار، تحت اسم «قانون الاستثمار الموحد»، وأحيل إلى مختلف الجهات المعنية بالاستثمار فى مصر لإبداء الرأى فيه، ثم انتهى اجتماع موسع، برئاسة ابراهيم محلب رئيس الوزراء، وبحضور أشرف سالمان وزير الاستثمار، وأعضاء اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، منتصف يناير الماضى، إلى عدم الحاجة لإصدار قانون جديد للاستثمار، والاكتفاء بإدخال بعض التعديلات الضرورية على قانون الاستثمار الحالى رقم 8 لسنة 1997.
بعض التعديلات المقترحة على قانون الاستثمار الحالى، تتضمن نصوصا مشوبة بعدم الدستورية، بحسب وجهة النظر القانونية للمستشار فهمى، الذى أوضح أن عدم عرض المشروع على مجلس الدولة قبل إقراره، يخالف نصوص الدستور.
«من المتطلب دستوريا وجوب عرض التعديلات المقترحة على قسم التشريع بمجلس الدولة، إعمالا للمادة (190) من الدستور والتى تنص على ان مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة ويختص دون غيره بصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية».
كما أشار إلى عدم دستورية إجازة التصالح فى جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر، وقال: «أخشى أن يتبنى التعديل المقترح نص المادة (7) مكررا، المضافة إلى قانون الاستثمار الحالى، والمضافة اليه بمقتضى المرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2012 الصادر بقرار من المجلس الاعلى للقوات المسلحة فى 3/1/2012، لما يشوب هذه المادة من عدم الدستورية لمخالفتها للمواد 32 و33 و34 من الدستور، والخاصة بعدم جواز التصرف فى املاك الدولة العامة، وان للملكية العامة حرمة لا يجوز المساس بها، وان حمايتها واجب وفقا للقانون».
وأضاف فهمى أن التصالح فى جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر، من شأنه تكريس هذا الاختلاس والعدوان عليه مادام المستثمر مرتكب الجريمة، وهو دائما ذو قدرة مالية متوافرة سوف يستطيع ان يرد جميع الاموال والمنقولات والأراضى والعقارات محل الجريمة او ما يعادل قيمتها (إذا تعذر الرد العينى) وقت ارتكاب الجريمة وليس وقت الرد.
وأوضح أنه وفقا للقانون سيحتفظ المختلس، بالزيادة فى قيمة الأشياء الواجب ردها، وهى الفرق ما بين قيمتها وقت ارتكاب الجريمة وقيمتها وقت الرد، أى أن القانون يجيز له الاستفادة من جريمته، وهو ما لا يجوز قانونا او دستورا.
التعديلات الجديدة، تضمنت أيضا، نصا يتيح حرمان العاملين فى شركات الاشخاص والمشروعات الفردية من الأرباح، وهو نص غير دستورى وفقا لفهمى، مشيرا إلى أن المادة (42) من الدستور، تنص على أن للعاملين فى المشروعات بصفة عامة، نصيبا فى أرباحها، دون تفرقة بحسب الشكل القانونى للمشروع.
وأضاف: «التعديل المقترح للمادة 20/3 من قانون الاستثمار الملغى رقم 230/1989 فى خصوص الأرباح، مقصور على العاملين فى شركات الاموال المذكورة فقط، دون شركات الاشخاص والمشروعات الفردية، ما يثير التساؤل عما اذا كان التعديل المقترح يرمى إلى حرمان العاملين فى شركات الاشخاص والمشروعات الفردية من أى نصيب فى الأرباح».
واستطرد: «إذا كان الأمر كذلك فإنه يكون مخالفا للمادة (42) من الدستور»، وطالب بإيراد نصا صريحا منضبطا فى التعديلات المقترحة، ينظم موضوع أرباح العاملين فى جميع الشركات أيا كان شكلها القانونى، تفاديا للطعن بعدم الدستورية على التعديل.
النصوص التى تخالف مبدأ تشجيع الاستثمار المنصوص عليه فى المادة (27) من الدستور، شغلت حيزا كبيرا من التعديلات المشوبة بالعوار، تبعا لرؤية المستشار فهمى، كالتعديل الذى يجيز الحجز الإدارى لاستيفاء دين الضرائب ومستحقات هيئة الاستثمار، بينما الحجز الإدارى محظور حظرا مطلقا بالمادة (9) من قانون الاستثمار الحالى رقم 8 لسنة 1997، وهذا التعديل لا يصب فى صالح تشجيع الاستثمار.
هذا التعديل مخالف أيضا للمبدأ العام الذى تضمنته قوانين الاستثمار المتعاقبة، من نص انتقالى يقرر احتفاظ الشركات القائمة وقت نفاذ القانون الجديد، بما هو مقرر لها من مزايا وضمانات سابقة على صدور القانون الجديد لحين انتهاء مددها، وفقا لفهمى.
وتبعا لنفس المبدأ، تشوب عدم الدستورية، مضاعفة أو زيادة رسم المناطق الحرة بالنسبة للمشروعات والشركات القائمة فى تلك المناطق، ومن ثم فإذا اتجه التعديل المقترح إلى مضاعفة الرسم الذى تدفعه مشروعات المناطق الحرة من 1%، طبقا للمادة (35) من القانون الاستثمار الحالى، إلى 2%، وعلى أن يطبق على الشركات الحالية القائمة وقت صدور التعديل الجديد، فإن ذلك من شأنه أن يكون غير مشجع للاستثمار.
وأشار فهمى إلى أن أى تعديلات تتضمن انقاصا للضمانات التى كانت مقررة للمستثمر، تخالف أيضا مبدأ تشجيع الاستثمار، موضحا أن التعديلات الجديدة تخول لرئيس مجلس ادارة هيئة الاستثمار، إلغاء أو إيقاف التخصيص بالانتفاع بالعقارات المرخص بها للشركة أو المنشأة، ولا يتم ذلك حاليا إلا بقرار يصدر من رئيس مجلس الوزراء، بناء على عرض الجهة الإدارية المختصة، طبقا للمادة (11) من قانون الاستثمار الحالى، ما يمثل ضمانة أساسية للمستثمر، كما أن التعديل يناقض مبدأ وجوب عدم انتقاص المزايا والضمانات المقررة للشركات والمشروعات القائمة وقت نفاذ التعديل الجديد.
فهمى، لفت أيضا إلى عدم دستورية فرض الضرائب أو التوسع فيها أو الاعفاء منها، إلا بقانون وليس بلائحة أو قرار إدارى، وبالتالى فإن التعديل المقترح لا يجوز أن ينص على تمتع بعض المشروعات والشركات بالإعفاءات الضريبية، وفقا لما تقرره اللائحة التنفيذية للقانون، أو أن يكون لمجلس الوزراء تقرير إعفاءات وحوافز ضريبية إضافية لبعض الأنواع من المشروعات أو النشاطات الاستثمارية، ذلك أن كلتا الأداتين أقل من القانون، وبالتالى فإن التعديل المقترح إذا ما قرر ذلك فإنه يكون مخالفا للمادة (38) من الدستور.
كذلك لا يجوز أن يكون إلغاء التمتع بالإعفاءات الضريبية بقرار من الرئيس التنفيذى لهيئة الاستثمار، أو أى أداة أخرى أقل من القانون، لمخالفة ذلك ــ إذا نص عليه التعديل ــ للمادة (38) من الدستور.
ولفت إلى عدم دستورية إصدار رئيس الوزراء، قرارا بتنظيم المسائل المالية والإدارية لهيئة الاستثمار، دون الحصول على الموافقة المسبقة من مجلس الوزراء، لمخالفة ذلك للمادة (171) من الدستور.
وقال إنه يجب على التعديل المقترح، ألا يتضمن نصا يجيز للمتظلم أن يكون عضوا فى تشكيل لجنة التظلمات التى سوف تنظر تظلمه، لمخالفة هذا النص مبدأ أساسيا واصلا عاما من أصول التقاضى، وما يجب أن يتوافر فى القاضى الطبيعى المنصوص عليه فى المادة (97) من الدستور، إذ لا يجوز أن يكون المتظلم خصما وحكما فى آن واحد ومن ثم يجب ألا يشترك فى عضوية اللجنة التى سوف تنظر تظلمه.