دعا المغرب، اليوم الخميس، أمام مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، إلى ذكاء اصطناعي إفريقي أخلاقي ومسئول ومفيد وسيادي.
• رئاسة المغرب لمجلس السلم والأمن الإفريقي
وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، في كلمة ألقاها عبر تقنية الاتصال المرئي أمام الاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، الذي يتولى المغرب رئاسته خلال شهر مارس، إنه "لا يمكن لمستقبل الذكاء الاصطناعي في إفريقيا أن يتجاهل الحاجة إلى بناء ذكاء اصطناعي إفريقي، من قِبل إفريقيا ولأجل إفريقيا. ينبغي أن يكون الذكاء الاصطناعي الذي ننشده أخلاقيا ومسئولا ومتكيفا مع واقعنا".
ودعا بوريطة، الذي ترأس هذا الاجتماع الوزاري، المنعقد حول موضوع "الذكاء الاصطناعي وتأثيره على السلم والأمن والحكامة في إفريقيا"، إلى التعبئة والعمل الجماعي بغية جعل الذكاء الاصطناعي رافعة حقيقية للتنمية والسلم والأمن من أجل الأفارقة والإفريقيات، ذاكرا أن المغرب، عازم، تحت قيادة الملك محمد السادس، على المساهمة في النهوض بإفريقيا في مجال الذكاء الاصطناعي.
• تحديات وفرص الذكاء الاصطناعي في أفريقيا
وسلط الوزير الضوء على التحديات والفرص التي يمثلها الذكاء الاصطناعي بالنسبة للقارة الإفريقية، موضحا أنه إذا كان الذكاء الاصطناعي أداة للتنمية والتقدم من أجل الإنسانية، فإنه أيضا سلاح ذو حدين، لأنه إذا أسيء استخدامه، يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الانقسامات وتغذية عدم الاستقرار ويشكل أداة تخريبية في يد الفاعلين من غير الدول.
وأشار إلى ارتفاع نسبة مقاطع الفيديو المزيفة بـ900 % منذ عام 2019، مع زيادة الهجمات الإلكترونية باستخدام الذكاء الاصطناعي بين عامي 2019 و2022 بنسبة 300 % واستخدمت 40% من الجماعات الإرهابية طائرات بدون طيار في هجماتها، بالإضافة إلى تأثر 47 بلدا جراء حملات التضليل خلال عام 2023، ما أثر بشكل مباشر على عملياتها الديمقراطية.
وشدد بوريطة على ضرورة أن تلعب إفريقيا دورا كفاعل رئيسي في الحكامة العالمية للذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن الذكاء الاصطناعي لا ينطوي على رهان مرتبط بالأمن والاستقرار فحسب، بل يشكل أيضا محركا مهما للنمو الاقتصادي.
وتابع: عام 2030، من المتوقع أن يضخ الذكاء الاصطناعي 15 مليار و700 مليون دولار في الاقتصاد العالمي، ويرفع الإنتاج الزراعي بنسبة تتراوح بين 10 و15%، وأن يسرع معدل نمو بعض البلدان بنسبة 40%.
وأكد بوريطة، ضرورة تغلب إفريقيا على الثغرات الهيكلية من أجل الاستغلال الكامل لإمكانات الذكاء الاصطناعي، ذاكرا أن 60% من سكان إفريقيا لم تتمكن من الوصول بعد إلى الإنترنت، وأقل من 2% من البيانات المستخدمة في الذكاء الاصطناعي توجد في القارة، و1٪ فقط من المواهب العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي تتمركز في إفريقيا.
• مقترح إنشاء صندوق أفريقي للذكاء الاصطناعي
واقترح المغرب سلسلة من التدابير الملموسة، لا سيما إنشاء صندوق إفريقي للذكاء الاصطناعي، وإرساء استراتيجية إفريقية لجمع البيانات وتثمينها، وإطلاق برنامج مكثف للتكوين من أجل خلق نخبة إفريقية في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأوضح بوريطة، أن المغرب، الرائد إفريقيا في مجال الذكاء الاصطناعي، باشر بالفعل مبادرات هامة في هذا الشأن، منها استراتيجية "المغرب الرقمي 2030"، التي تهدف إلى تكوين 100 ألف موهبة سنويا، وإطلاق برنامج وطني لتعريف الأطفال بالذكاء الاصطناعي، قبل أسبوعين، دون إغفال أن البلاد تحتضن كذلك أول مركز إفريقي لليونيسكو مخصص للذكاء الاصطناعي (Ai Movement) ومقره الرباط.
• مجموعة الأصدقاء بشأن الذكاء الاصطناعي
ودولياً، أكد بوريطة أن المغرب اضطلع بدور رئيسي في اعتماد القرارات الأممية الأولى حول الذكاء الاصطناعي، وشارك في تأسيس مجموعة الأصدقاء بشأن الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية المستدامة، التي تضم أكثر من 70 بلدا.
ودعا بوريطة إلى عمل إفريقي منسق وملموس، مشددا على أن "التقاعس هو عدونا المشترك".
وفي هذا الصدد، اقترح المغرب إضفاء الطابع المؤسساتي على شبكة إفريقية من المراكز الوطنية للذكاء الاصطناعي وإنشاء لجنة من الخبراء الأفارقة لمواكبة تنفيذ الاستراتيجية القارية.
وجدد بوريطة تأكيد رغبة المغرب في العمل جنبا إلى جنب مع شركائه الأفارقة لجعل الذكاء الاصطناعي أداة للتنمية والاستقرار، مستحضرا تأكيد الملك محمد السادس على أن إفريقيا مطالبة بالإيمان بقدراتها وأخذ زمام أمورها بيدها.