قررت المحكمة الدستورية العليا، اليوم، تأجيل دعوى فض التناقض بين الأحكام الصادرة من مجلس الدولة ومحكمة الأمور المستعجلة بشأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير لجلسة خاصة الأحد المقبل 28 يناير.
وانعقدت الجلسة برئاسة المستشار حنفي جبالي النائب الأول لرئيس المحكمة، وعضوية 6 من أعضاء المحكمة، حيث غاب عن الحضور المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس المحكمة وباقي أعضاء المحكمة.
وكان المحامون قد انتقدوا في الجلسة الماضية قرار عبدالرازق الصادر في 21 يونيو الماضي بوقف جميع الأحكام المتناقضة في القضية وذكر أن هذا القرار فتح الباب لإقرار الاتفاقية نهائيا ونشرها في الجريدة الرسمية وإضفاء صفة القانون عليها.
ورجحت مصادر قانونية أن يكون عبدالرازق قد تنحى عن نظر الدعوى بعد إثارة مسألة صلاحيته لذلك بعدما أصدر قرار وقف جميع الأحكام المتناقضة، رغم أن أيا من المحامين لم يتقدم بطلب لرده.
ودفع المحامي الحقوقي خالد علي بعدم دستورية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية وجميع الأعمال الممهدة لها ومنها تصديق مجلس النواب، داعيا المحكمة لإعمال رخصة التصدي لهذه الاتفاقية وفق المادة 29 من قانونها بمناسبة تصديها للدعوى.
وطالب خالد علي المحكمة بعدم إصدار الحكم في القضية خلال فترة الانتخابات الحالية، واصفا إياها ب"فترة الريبة؛ التي يربأ بالمحكمة الدستورية أن تصدر حكمها خلالها".
فرد المستشار حنفي جبالي قائلا: "لا علاقة لنا بالسياسة ولا نعرف فترة ريية أو غيرها، وتاريخ المحكمة ناصع، ونحدد آجال الدعاوى وفق مقتضياتها القانونية وسلطتنا التقديرية في ذلك".
وذكر خالد علي أن تيران وصنافير جزء لا يتجزأ من الإقليم المصري، ولم يحارب من أجلها إلا الجيش المصري، ولم يعش عليها إلا الشعب المصري، ولم تمارس السيادة عليها إلا الدولة المصرية التي رفعت عليها علمها منذ القرن التاسع عشر، مستشهدا بوثيقة من الأرشيف البريطاني أكدت تواجد مصر العسكري في تيران قبل ترسيم حدودها مع الدولة العثمانية عام 1906.
وتقدم خالد بالعديد من الوثائق التي سبق تقديمها للمحكمة الإدارية العليا لإثبات المركز القانوني للجزيرتين كأرض مصرية تنطبق عليها الفقرة الثالثة من المادة 151من الدستور التي تحظر التنازل عن أي جزء من أرض الإقليم، بعضها مستخرج من أرشيف بريطانيا وألمانيا فضلا عن مصلحة المساحة والأطالس الرسمية التعليمية والعسكرية والكتب المطبوعة حكوميا والقرارات الصادرة من الحكومة بممارسة صور السيادة المختلفة على الجزيرتين.
ودفع خالد علي ببطلان قرار رئيس المحكمة الدستورية بوقف جميع الأحكام المتناقضة الصادر في يونيو الماضي، لزوال المبرر وعدم وجود أي خطر في استمرار العلم المصري فوق الجزيرتين آنذاك قبل إصدار الاتفاقية رسميا.
كما دفع بعدم اختصاص المحكمة الدستورية بنظر الدعوى المعروضة باعتبار أن الحكم الصادر من الأمور المستعجلة منعدما ولا يصلح سندا لإقامة دعوى التنازع، مستنكرا أن تتصدى محكمة الأمور المستعجلة لتحديد اختصاص مجلس الدولة بالمخالفة للمادة 190 من الدستور.
بينما ذكر المحامي طارق نجيدة أن التنازع اصطنعته إرادة الحكومة للإفلات من تنفيذ حكم الإدارية العليا ببطلان توقيع الاتفاقية، وأنه لا يجوز إضفاء صفة النهائية والحجية على حكم الأمور المستعجلة بعدم الاعتداد بأحكام مجلس الدولة، فضلا عن عدم وجود صورة تنفيذية لذلك الحكم.
وشدد على عدم جواز إلغاء المحكمة الدستورية جميع الأحكام المتناقضة، لأنها بذلك ستكون متجاوزة حدود اختصاصها في تحديد جهة الاختصاص السليمة دستوريا، كما ستحول نفسها لمحكمة طعن موضوعية على حكم الإدارية العليا النهائي والبات ذي الحجية المطلقة.
وفي المقابل؛ تمسك المستشار سيد عمر، ممثل هيئة قضايا الدولة محامي الحكومة بحجز الدعوى، وقال في مرافعته معقبا على دفوع المحامين إنه متمسك بإلغاء حكم مجلس الدولة ببطلان التوقيع على الاتفاقية لأنه يضر بعلاقات مصر الاستراتيجية والخارجية، ولأن الحكومة فى حيرة من أمرها لعدم قدرتها على تنفيذ أى من من الحكمين المتناقضين، معترضا على ما ذكره تقرير المفوضين من زوال مصلحة الحكومة في الدعوى بعد إصدار الاتفاقية.
يذكر أن هيئة مفوضي المحكمة الدستورية أصدرت تقريرا كانت "الشروق" قد انفردت بنشره الشهر الماضي تضمن توصيتين في هذه القضية؛ الأولى أصليا بعدم قبول دعوى تناقض الأحكام، والثانية احتياطيا بإلغاء جميع الأحكام المتناقضة، وأكدت في حيثياتها أن الاتفاقية بعد صدورها رسميا أصبح لها وضع قانوني جديد يتجاوز الأحكام المتناقضة وتنعقد الرقابة القضائية عليها للمحكمة الدستورية وحدها، لأنها باتت بمثابة قانون من قوانين الدولة.
وإذا أخذت المحكمة الدستورية بأي من توصيتي المفوضين فلن يؤثر الحكم على الوضع الحالي للاتفاقية التي تم تطبيقها رسميا منذ نشرها في الجريدة الرسمية في أغسطس الماضي.