نظم مركز الدراسات العربية الأوراسية بالتعاون مع مؤسسة أوراسيا للاستشارات الإعلامية، والبيت الروسي بالقاهرة، ندوة حوارية، اليوم، تحت عنوان "مستقبل التعددية القطبية بعد عامين من المواجهة الروسية الأطلسية في أوكرانيا"، حيث أدار الندوة الإعلامي عمرو عبد الحميد، مدير مركز الدراسات العربية الأوراسية.
وشارك في الندوة السفير الروسي بالقاهرة جيورجي بوريسينكو، والسفير عزت سعد المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية وسفير مصر الأسبق لدى موسكو، والدكتور نورهان الشيخ عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية وأستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، والدكتور محمد كمال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادى في التيار الإصلاحى الديمقراطى بحركة فتح.
كما شارك فى الندوة عبر الفيديو، كل من السفيرة ماريا زاخاروفا المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، والمفكر الروسي الشهير الكسندر دوجين رئيس الحركة الاوراسية الدولية والبروفيسور ليونيد سافين رئيس تحرير مركز جيوبوليتكا، ومدير مؤسسة المراقبة والتنبؤ بموسكو.
• السفير الروسي: واشنطن دخلت في مواجهة معنا منذ فترة طويلة.. ونرحب بانضمام مصر لـ البريكس
وقال السفير الروسي لدى مصر جيورجي بوريسينكو، خلال كلمته بالندوة، إن الولايات المتحدة دخلت في مواجهة مع روسيا منذ فترة طويلة، وقامت بانقلاب في أوكرانيا في عام 2014، وبدأت في خلق نقطة انطلاق هناك للهجوم على روسيا ودفع نظام كييف لإبادة السكان الروس في دونباس.
وأضاف بوريسينكو: هذا ما اضطرنا، بعد سنوات طويلة من محاولات تسوية النزاعات عن طريق المفاوضات، إلى إطلاق العملية العسكرية الخاصة التي ستستمر حتى حسم المهام الموكلة.
وأشار السفير الروسي إلى أن التحرك نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب يشير إلى ضعف الغرب، مرحباً بانضمام مصر إلى مجموعة "البريكس" وأن تكون جزء من الدول الاقتصادية الأكبر في العالم.
وقال إنه بالرغم من العقوبات الغربية استطاع الاقتصاد الروسي أن يصبح الخامس على مستوى العالم في النمو، مؤكداً أن العقوبات كانت خسارة للغرب قبل أن تكون خسارة لروسيا.
وتابع أن روسيا كانت مستعدة للتعاون مع الغرب، ولكن الأخير أراد فرض سيطرته عليها ولم يرغب في التحدث مع موسكو، كما أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) يريد توسيع نفوذه على الحدود الروسية وهو ما يحدث في أوكرانيا حالياً.
وأوضح بوريسينكو أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 اعترفت روسيا باستقلال أوكرانيا، وتابع: في الأعوام السابقة قامت الولايات المتحدة بتوسيع نفوذها على الحدود الروسية وخاصة في دول الاتحاد السوفيتي السابق، كما قامت دول الناتو بتنظيم تواجد عسكري على الأراضي الأوكرانية لزعزعة استقرار روسيا.
• السفير عزت سعد: الغرب يريد فرض مفاهيمه وقيمه
من جهته، قال السفير عزت سعد، المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية وسفير مصر الأسبق لدى موسكو، خلال كلمته بالندوة، إن الغرب يريد فرض مفاهيمه وقيمه الخاصة على روسيا، وهي الاستراتيجية التي تعامل بها الغرب مع روسيا خلال الأعوام الأخيرة.
وأوضح السفير سعد أن الاستراتيجية الروسية الجديدة ترتكز على الاهتمام بمنطقة أوراسيا وهي في قلب الاستراتيجية، بداية من الدول السوفيتية السابقة ثم الصين والهند ثم العالم الإسلامي.
واعتبر أن مجموعة البريكس ومنظمة شنجهاي هي منظمات جديدة تشكل نظام عالمي جديد، مشيراً إلى أن انضمام مصر إليهما يعد بداية انتهاء التعددية القطبية ونظام الحكم الواحد.
وأكد السفير سعد أن روسيا حرصت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي على علاقات طيبة مع الغرب والولايات المتحدة ولكن كشريك على قدم المساواة، ولكن الرد الغربي كان سلبياً، كما تمدد حلف "الناتو" شرقاً.
• كمال: النظام الدولي الحالي يسير وفقا لمنطق القطبية
من جهته، قال محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الحديث عن الانتقال من قطبية أحادية إلى قطبية ثنائية إلى متعدد الأقطاب هو حديث في النهاية عن مجوعة من الدول الجديدة التي سوف تسعى لاستقطاب مجموعة أخرى من الدول كي تدور في فلكها.
وأضاف كمال، خلال كلمته بالندوة: أعتقد أن النظام الدولي الحالي يسير وفقاً لمنطق القطبية سواء أحادية أو ثنائية أو تعددية، فهناك دول من الممكن أن نصنفها دول كبرى ومنها الولايات المتحدة والصين وروسيا وغيرها لكن هناك أيضا مجموعة من الدول التي توصف بالدول المتوسطة وأهميتها لا تقل عن القوى الكبرى.
وتابع: منطقة مثل الشرق الأوسط فيها دول مثل مصر والسعودية وتركيا وإيران ولها دور مهم في المنطقة، كما هناك دول صغرى لكن تلعب دور كبير ووساطات.
وأشار كمال إلى الجدل الدائر في الولايات المتحدة حول المساعدات لإسرائيل وأوكرانيا، موضحاً أن الكونجرس يرى أن الأولوية لقضية الهجرة وتأمين الداخل الأمريكي قبل الحديث عن تأمين الحلفاء، فالاهتمام الأكبر للداخل.
وتحدث كمال أيضاً عن تراجع العولمة، مضيفاً أن النظام الدولي الحالي تأسس على فكرة العولمة وحرية التجارة وحركة السلع والخدمات، لكن هناك تراجع ما ظهر جلياً في أزمة أوكرانيا حيث استخدمت واشنطن، الاقتصاد كأداة للضغط على روسيا من خلال العقوبات.
• الشيخ: روسيا تقدم الحبوب مجانا لدول أفريقية رغم الصعوبات
بدورها، قالت د. نورهان الشيخ، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية وأستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن روسيا تقدم الحبوب مجاناً لدول أفريقية رغم الصعوبات، كما أنها تسقط عنها الديون.
وأضافت الشيخ، خلال كلمتها بالندوة، أن عدد كبير من الدول اتخذ مسار مستقل بشأن الأزمة الأوكرانية يخدم مصالحها. واعتبرت أن مصر نموذج واضح لإنجاز تطور العلاقات مع روسيا، مشيرة أيضاً إلى القفزات في العلاقات بين روسيا ودول الخليج.
• الرقب: روسيا بذلت جهود لإصدار قرار بوقف الحرب في غزة
بدوره، قال أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادى في التيار الاصلاحى الديمقراطى بحركة فتح، إن روسيا تاريخيا كانت من "ضمن الدول الداعمة للثورة الفلسطينية وإمدادنا بالسلاح".
وأضاف الرقب، في كلمته بالندوة، أن القيادة الروسية مهتمة بترتيب البيت الفلسطيني، مضيفاً: نتمنى أن يكون هناك تجاوب للجهد الروسي، مشيراً إلى أن روسيا بذلت جهودا لإصدار قرار بوقف الحرب في غزة.
وتابع: لدينا صراع قيم مع الغرب الذي يريد تصدير قيم غير مقبولة، مشدداً على ضرورة تواجد العرب في المنظمات التي تحدث توازن مثل البريكس وشنجهاي.
• زخاروفا: سياسة مصر المحايدة تجاه أوكرانيا تستحق الاحترام
من جهتها، قالت ماريا زخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، عبر الفيديو، إن روسيا ومصر تربطهما تقاليد قوية، وسياسة مصر المحايدة تجاه أوكرانيا تستحق الاحترام الكبير.
وأكدت زخاروفا أنه كان من الممكن تجنب الخيار العسكري في أوكرانيا، ولكن الغرب قام بتأجيج الحرب عن قصد لتعزيز نفوذه في العالم.
واعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية أن العالم متعدد الأقطاب الذي تدعو إليه روسيا ليس مستحيلا،ً ولكن لا بد من احترام القانون الدولي والتعاون بين الدول لا إثارة الصراع.
• دوجين: ما يحدث في غزة مثال على التحول من النظام أحادي القطب إلى متعدد الأقطاب
بدوره، قال ألكسندر دوجين، المفكر الروسي، إن ما يحدث في غزة هو بمثابة تحول من نظام أحادي القطب إلى متعدد الأقطاب، لأن الغرب يحاول أن يثبت للعالم الإسلامي أنه غير قادر على اتخاذ القرار ولكن القرار تتخذه واشنطن فقط، والتحدي الآن موجه إلى العالم الإسلامي.
وأضاف دوجين، في كلمته عبر الفيديو، أن العالم يعيش في محاولة لتشكيل نظام عالمي جديد، موضحاً أن روسيا وضعت نموذجها لعالم متعدد الأقطاب وأن الدور على العالم العربي والإسلامي لوضع نموذجه في هذا الصدد.