تحتضن مدينة القاهرة، تراثا ثريا ومتنوعا، يقف شاهدا وموثقا لأحداث تاريخ وشخصيات، مرت على مصر في حقب مختلفة من تاريخها الممتد.
ولا يقتصر تاريخ القاهرة على مساجدها التاريخية ومآذنها الشامخة أو القصور المنيفة؛ ففي مقابرها وجباناتها كنوزا مخفية لم يرها ولم يوثقها الكثير من قبل.
ووثق الدكتور مصطفى الصادق، أستاذ الطب المتفرغ بقصر العيني والمهتم بالتاريخ والتراث، جولاته بجبانات مقابر القاهرة التي أمضى بها سنوات عديدة، وجمع مادة ثرية من صور المقابر التاريخية، وصدرت أواخر يناير الماضي في كتاب: "كنوز مقابر مصر.. عجائب الأمور في شواهد القبور"، عن دار ديوان للنشر.
وتشارك "الشروق"، قراءها رحلة التعرف على الكنوز المخفية لجبانات ومقابر القاهرة من خلال حلقات مسلسلة تحت عنوان "شواهد القبور"، ما يمنحهم زاوية جديدة لإعادة قراءة تاريخ مصر وأحداثه وشخصياته.
- الحلقة الحادية عشرة:
نستعرض خلال هذه الحلقة، ملامح من سيرة وحياة الأميرة نازلى فاضل والتي كان لها تجربة رائدة في الثقافة المصرية بنقلها لفكرة الصالونات الأدبية، التي كانت تداوم على حضورها في أوروبا لمصر وجذبت وقتها رموز المجتمع المصري بكل تنوعاته، وذلك وفقًا لما أورده الدكتور مصطفى الصادق في كتابه.
• حفيدة محمد علي
ولدت الأميرة نازلي زينب فاضل سنة 1835، وهي ابنة الأمير مصطفى بهجت فاضل ابن الوالي إبراهيم باشا من حرمه دل آزاد هانم.
وصاحبت والدها في الإقامة خارج مصر، وتزوجت أول مرة سنة 1873 من خليل شريف باشا وزير خارجية الدولة العلية، وأنجبت حواء هانم.
وعادت فاضل إلى مصر بعد وفاة والدها في نوفمبر سنة 1875، وما لبث أن عُيّن زوجها سفيرًا للدولة العثمانية في باريس، فسافرت معه، وتأثرت كثيرًا بالثقافة الفرنسية، وخصوصًا فكرة الصالونات الأدبية التي كانت تداوم على حضورها.
• أول صالون ثقافي في تاريخ مصر
كانت تجيد اللغات التركية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية، وعندما عادت إلى مصر أقامت في قصرها بعابدين أول صالون ثقافي في تاريخ مصر.
واعتاد ارتياد هذ الصالون الثقافي كثير من الشخصيات المهمة والمؤثرة في تاريخ مصر، مثل الشيخ محمد عبده، والشيخ جمال الدين الأفغاني، وسعد باشا زغلول، والمويلحي وقاسم أمين، واللورد كرومر، واللورد كتشنر.
وفقا لمقال للدكتور عمرو سميح طلعت، توفيت الأميرة نازلي زينب فاضل، في 29 محرم سنة 1332هـ الموافق 28 ديسمبر سنة 1913، ودفنت في حوش أخيها عثمان فؤاد فاضل ابن الأمير مصطفى بهجت فاضل، وبقرافة الإمام الشافعي خلف مدفن عثمان باشا مرتضى مع إخوتها عثمان فاضل المتوفى يوم 11 فبراير سنة 1874، والأمير كامل فاضل المتوفى يوم 18 أبريل سنة 1929، والأمير إبراهيم راشد فاضل المتوفى يوم 17 ديسمبر سنة 1907، والأميرة رقية فاضل المتوفاة يوم 10 سبتمبر سنة 1906، وبعض أبناء إخوتها.
• التركيبة وشاهد القبر
التركيبة مستطيلة من الرخام الأبيض والرمادي من مستوى واحد، ترتكز على قاعدة رخامية رمادية اللون، وتخلو جوانبها الأربعة من الزخارف.
وبكل ركن من أركانها عمود من الرخام، بدنه مسدس من الرخام الرمادي، أما القاعدة والتاج فهما من الرخام الأبيض. ويغطي التركيبة غطاء رخامي مستطيل رمادي اللون، مثبت أعلى زواياه الأربع أربع بابات كمثرية الشكل.
يعلو التركيبة شاهدا قبر من الرخام الأبيض المستطيل المعقود بعقد نصف دائري، الشاهد الخلفي المضاهي خال من الزخارف، أما الشاهد الأمامي فيشغله نقش كتابي بخط النستعليق الأسود البارز من 6 أسطر يقرأ كما يلي:
"هو الحي الباقي
هذا قبر المرحومة
الأميرة نازلي زينب هانم فاضل
كريمة المغفور له مصطفى فاضل باشا
توفيت إلى رحمة الله تعالى
في يوم الأحد 29 محرم سنة 1332
الموافق 28 ديسمبر سنة 1913".
اقرأ أيضا: شواهد القبور (10).. عائشة صديقة صاحبة الأوقاف الخيرية