أحب فى النهاية أن لا يفوتنى إلا أن أسجل موقف الرئيس عبد الناصر من الملك إدريس السنوسي:
لقد أصر الرئيس جمال عبد الناصر على استضافة الملك السنوسى فى مصر بناء على طلب الأخير حيث وردت لنا برقية من سفيرنا فى أثينا بعد قيام الثورة فى ليبيا يقول فيها إن الملك إدريس السنوسى طلب إليه إبلاغ الرئيس عبد الناصر برغبته هو وزوجته بالقدوم إلى القاهرة للإقامة بها حيث أنه يمتلك قطعة أرض تبلغ مساحتها حوالى 68 فداناً فى منطقة أبو المطامير (محافظة البحيرة ) بجوار الإسكندرية وطلب موافقة الرئيس عبد الناصر على رغبته هذه.
وكان الرئيس عبد الناصر يستطيع أن يسمح له بالقدوم طبعا، لكنه رأى أن يبعث بصورة من الرسالة للعقيد القذافي مع تحبيذ الرئيس بالموافقة على إقامة الملك فى القاهرة لمصلحة الطرفين -الملك والثورة الليبية- وقد اقتنع العقيد بوجهة نظر الرئيس وفعلا وصل الملك السنوسى إلى القاهرة وقد قابلته أنا شخصيا باسم الرئيس فى مطار القاهرة واصطحبته إلى أحد قصور الضيافة فى منطقة الدقى والذى خصص لسكنه هو وعائلته.

وفي الأسبوع الأول من نوفمبر، طلب الرئيس عبد الناصر للمرة الثانية من العقيد معمر القذافي استجابة مجلس قيادة الثورة لطلب الملك السنوسي تسهيل سفر ابنته بالتبني لتعيش مع زوجته في القاهرة، واستجاب القذافي مرة ثانية لهذا المطلب وسلمت ابنة الملك للسيد فتحى الديب الذى تولى تسفيرها إلى القاهرة فى اليوم التالي.
* * *
الولايات المتحدة الأمريكية وليبيا
"الزهرة": كان الاسم الكودى الشامل السرى للغاية الخاص بكل العمليات والخطط الأمركية المناهضة للعقيد القذافى وثورة الفاتح الليبية
وتحت "الزهرة" فكان هناك أسماء كودية فرعية أخرى:
"تيوليب": كان الاسم الكودي للعمليات التي تقوم بها عناصر ليبية معادية لنظام القذافي بالتعاون مع أمريكا وأجهزتها المختلفة
"الوردة": كان الاسم الكودى للعمليات العسكرية الأمريكية ضد القذافي، بالاتفاق مع حلفاء لاسيما مصر!! ـ هكذا وردت هذه المعلومة فى كتابي "بوب وودورد"، "الحجاب".
رونالد ريجان، الرئيس الأمريكي، قال للقائمين على هذه العمليات:
لا تشغلوا بالكم بالحظر المفروض على الاغتيالات، وأنه شخصيا سيتحمل المسئولية إذا ما لقي القذافى مصرعه، وما كان لأحد أن يطلب أكثر من ذلك فى التآمر.
كبار القائمين على هذه العمليات كانوا يقدرون أن نجاح هذه العمليات سيؤدي إلى إعادة رسم خريطة الشمال الإفريقي.
كانت الغارة الجوية المسلحة على بيت القذافى في عملية "نيران البراري" يوم 23 مارس 1986.
* * *
وفى النهاية سوف أختم هذا الموضوع بواقعتين هما:
الأولى، في نهاية 1969:
طلب القذافي أن يجلس مع خبراء في الزراعة والري وعقد الرئيس جمال عبد الناصر اجتماعا فى منشية البكرى حضره سيد مرعي والقذافي.
وعندما بدأ المهندس سيد مرعى يتحدث عن أساليب الزراعة والرى قاطعه القذافي متدخلا دون دراية فنية وهنا تدخل الرئيس وقال له بالحرف:
" يامعمر لما سيد مرعى يتحدث عن الزراعة والرى فأنا وأنت نصمت ونستمع لما يقول".
الثانيـــة 1995
دعاني القذافي أنا والفريق فوزي لمشاهدة مدى ما وصلت إليه البلاد، وفي هذه الفترة كان هناك حظر جوي على ليبيا فهبطت الطائرة (مصرللطيران) في تونس. كان من المفروض أن يكون في انتظارنا في تونس مندوبين من الجانب الليبي ولكننا لم نجد أحدا.
ومكثنا فى المطار من الساعة 4 عصرا حتى الثامنة من صباح اليوم التالي وتصادف أن مر في المطار سفير الامارات العربية المتحدة فشاهدنا وعرفنا واندهش للمنظر ولما عرف القصة اتصل بالمسئولين الليبيين في تونس الذين لم نفلح نحن فى الاتصال بهم أثناء وجودنا في المطار.
وتم ترتيب سفرنا إلى جربا مع طائرة صغيرة للوصول برا إلى طرابلس عن طريق الحدود اللليبية – التونسية. وعندما وصلنا إلى طرابلس وتوجهنا فور وصولنا إلى مكتب العقيد أبو بكر يونس وزير الدفاع الذى طلبنا منه قبل الكلام في أي شئ مقابلة العقيد القذافي.
ولما حاول معرفة سبب إصرارنا على المقابلة أولا رفضنا وأصرينا على وجهة نظرنا، ذهب الى غرفة مجاورة وأجرى الاتصال وعاد قائلا سنتوجه إلى مقابلة العقيد الآن.

ذهبنا إلى العزيزية وعندما قابلنا العقيد القذافى بادرته بالقول – بعد استئذان الفريق فوزي– يا عقيد أنتم ما تعلمتوش ومش هتتعلموا أبدا ويا خسارة الـ 50 يوما التي أمضيتها ليل نهار في طرابلس لبناء مؤسسات ليبيا الشقيقة، وأن هذه الزيارة ستكون آخر مرة تطأ رجلى فيها ليبيا وقد حاول العقيد أن يقاطعنى معترضا على كلامى لكننا أصرينا على العودة للقاهرة فورا وعدنا بطريق البر.
* * *
اقرأ الحلقات السابقة..
سامي شرف يكتب عن: عبد الناصر وليبيا
سامي شرف يكتب: عبد الناصر وثورة الفاتح الليبية (2)
سامي شرف يكتب: عبد الناصر وثورة الفاتح الليبية (3)
سامي شرف يكتب لـ«الشروق»: عبد الناصر و ثورة الفاتح الليبية (4)
سامي شرف يكتب لـ«الشروق»: عبد الناصر وثورة الفاتح الليبية (5)
من شهادة سامي شرف: عبد الناصر وثورة الفاتح الليبية.. «6»