خلال مؤتمر صحفي يوم الأربعاء 19 فبراير 2025، علّق رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، على مقترح رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار، مؤسس شركة إعمار العقارية، بشأن تطوير مباني وسط القاهرة وتحويلها إلى منطقة تضم مطاعم وفنادق على غرار "داون تاون دبي".
وأوضح مدبولي أن هذا المقترح كان ضمن الموضوعات التي نوقشت مع اللجنة المختصة بتصدير العقار.
كما كشف رئيس الوزراء عن تكليف مكتب استشاري بوضع رؤية شاملة لتطوير المنطقة، لا سيما العقارات التي أصبحت مملوكة للصندوق السيادي المصري بعد إخلائها.
موجة من الانتقادات
وأثارت تصريحات العبار موجة من الانتقادات من قبل خبراء التراث، الذين أعربوا عن مخاوفهم بشأن تأثير المشروع على الهوية المعمارية والتاريخية لمنطقة وسط القاهرة.
في تعليقها على تصريحات رجل الأعمال محمد العبار، أشارت الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بجامعة القاهرة، إلى أن الحديث عن تطوير وسط القاهرة لم يتضمن الإشارة إلى "القاهرة الخديوية"، بل تمت مقارنته بوسط دبي.
وتساءلت في تدوينة عبر موقع فيسبوك: لماذا يتم استلهام نموذج دبي، وهي مدينة حديثة ورائعة في تصميمها، لكنها ليست مدينة تاريخية؟ بينما تحمل كل زاوية في القاهرة إرثًا تاريخيًا وأصالةً تمتد عبر الزمن.
وأضافت: "لماذا لم يُعد بإعادة القاهرة إلى مكانتها كـ باريس الشرق' كما أرادها الخديوي إسماعيل؟ ولماذا لم تتم المقارنة بمدن تاريخية مثل الرباط في المغرب أو المدن الإسبانية التي استعادت رونقها من خلال الحفاظ على طابعها التراثي وفق الأصول الفنية الصحيحة؟".
وأكدت على ضرورة دراسة تاريخ القاهرة، وخاصة القاهرة الخديوية، قبل الشروع في تنفيذ أي مشروع تطويري.
وردًا على مقترح العبار وتصريحات رئيس مجلس الوزراء، قالت الدكتورة جليلة القاضي أستاذة التخطيط العمراني، في تدوينة مقتضبة عبر فيسبوك، إنه من الضروري أن نعرف اسم المكتب الاستشاري الذي كلفه مجلس الوزراء لتطوير وسط البلد، وأن يكون هناك قدر من الشفافية في هذا المشروع، مع إتاحة الاطلاع على المخطط النهائي عند اكتماله.
وأضافت أن هناك فرق جوهري بين "التطوير" و"الحفاظ" على المناطق التراثية. فالحفاظ يعني عمليات الصيانة والترميم وإعادة إحياء الفراغات العامة وفقًا لاشتراطات هذه المناطق، والتي تمنع أي عبث أو مساس بطابع المباني التراثية ، بحسب القاضي، من المهم التأكد من أن أي مشروعات مستقبلية تحترم القيمة التاريخية والمعمارية الفريدة لمنطقة وسط القاهرة.
ما هي العقارات المقرر تطويرها؟
في بيان مجلس الوزراء 26 ديسمبر 2024، أوضح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء،. أن منطقة وسط البلد من المتوقع أن تشهد إضافة أكثر من 15 ألف متر مربع من المساحات المفتوحة والخضراء، إلى جانب إنشاء نحو 2600 غرفة فندقية جديدة، و1200 شقة فندقية، بالإضافة إلى تنفيذ 10 آلاف متر مربع من الواجهات الثقافية الجديدة، وتحقيق معايير بيئية مستدامة.
وفي إطار مشروع إعادة توظيف مربع الوزارات، تم استعراض تقسيم المنطقة إلى 6 قطاعات يمكن طرحها على مراحل، وتشمل مباني وزارية ذات طابع معماري متميز، مثل مبنى وزارة العدل، ومقر وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، ومبنى وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، ومقر الهيئة العامة للتخطيط العمراني، ومبنى وزارة التموين والتجارة الداخلية، ومقر وزارة الإنتاج الحربي. كما تم التأكيد على أهمية استغلال هذه المباني، خصوصًا التراثية منها، لإنشاء فنادق عالمية تستهدف أسواقًا سياحية متميزة.
وأوضح أن الحكومة استعرضت المباني الحكومية المتاحة للاستثمار في منطقة وسط البلد، والتي تضم مبنى وزارة الموارد المائية والري بكورنيش النيل، ومبنى وزارة الخارجية بكورنيش النيل، ومبنى وزارة التنمية المحلية بجاردن سيتي، ومبنى وزارة السياحة والآثار بالزمالك، وأرض المعارض بمدينة نصر، إلى جانب عدد آخر من المباني الحكومية المقترح إعادة توظيفها.
كما تم تناول موقف تنفيذ مشروع "أبراج النيل – مثلث ماسبيرو"، حيث أوضح المتحدث الرسمي أن المشروع يضم ثلاثة أبراج سكنية تمتد على مساحة 4500 متر مربع، وتضم بدرومات بسعة 1272 سيارة، بالإضافة إلى 30 طابقًا لكل برج، بإجمالي 774 وحدة سكنية، وفيلتين فاخرتين أعلى كل برج بمساحات تصل إلى 5250 متر مربع لكل فيلا.
وخلال الاجتماع، قدّم المستثمرون عددًا من الرؤى والمقترحات، أبرزها ضرورة وجود مخطط عام للمنطقة يحدد الاستخدامات المختلفة ويشمل تطوير الشوارع والميادين والواجهات، مع الحفاظ على الطابع المميز للقاهرة التاريخية. كما أكدوا أن هذه الخطوات ستساهم في سد العجز في الغرف الفندقية وتعزز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في تنفيذ المشروعات الفندقية المستهدفة.