الدكتور عمرو طلعت: بعد كورونا والتحول الرقمى.. العالم يحتاج إلى عقد اجتماعى جديد
- بعد تنفيذ «حياة كريمة» سنحضر العالم إلى القرية بالتحول الرقمى
- دربنا ١٠٠ ألف شاب فى «مستقبلنا رقمى».. وحققوا صادرات رقمية بـ١٣٠ مليون دولار فى عام واحد
- ٣٥٠ ألف متدرب فى مشروع «المهنيين المستقلين».. يسدون حاجة السوق المحلية.. ويصدرون خدمات رقمية للخارج
- لدينا ١٠٢ خدمة على منصة الخدمات الرقمية الحكومية.. وهدفنا الوصول لـ٢٠٠ خدمة نهاية هذا العام
- نجحنا فى ربط ٢٠ ألف مبنى حكومى فى عام ونصف العام.. ونستهدف ٣٥ ألف مبنى
البيانات الحكومية مؤمنة.. وغير الحكومية تحتاج للحوكمة وجهات كثيرة لديها بيانات شديدة الحساسية عن أى شخص
الذكاء الاصطناعى وتحليل الصوت وعوامل أخرى تجعل اسم المنتج يظهر أمامك عقب ذكره فى مكالمة هاتفية
الحوار مع الدكتور مهندس عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ثرى ومتنوع، لأنه لم يقتصر فقط على الاتصالات رغم أنه قطاع شديد الأهمية.
عمرو طلعت كاتب ومثقف كبير، وابن عائلة سياسية شهيرة وصدر له بعض الكتب منها ما نشرته دار الشروق نفسها، وله كتاب مهم عن مصر بعد ثورة ١٩١٩ بعنوان «سعديون أم عدليون؟» وهو نجل المستشار أحمد سميح طلعت وزير العدل فى حكومة ممدوح سالم عام ١٩٧٦، وحفيد عبدالوهاب باشا طلعت رئيس الديوان الملكي قبل ثورة يوليو ١٩٥٢.
د. طلعت خريج هندسة القاهرة عام ١٩٨٣، وحاصل على درجة الماجستير فى علوم الحاسب من معهد إلينوى للتكنولوجيا، فى الولايات المتحدة، وحاصل على الدكتوراه فى إدارة الأعمال من جامعة باريس وله سجل حافل فى العديد من الشركات الكبرى فى مجال تخصصه، حتى صار وزيرا فى ١٤ يونيو ٢٠١٨ بحكومة الدكتور مصطفى مدبولى.
عمرو طلعت لا يتعامل مع قطاع الاتصالات باعتباره مجرد قطاع فنى فقط، بل للتواصل مع إفريقيا، ومع العالم، ويرى أن التقدم المصرى رقميا يمكن أن يلعب دورا مهما فى زيادة موارد مصر، إضافة لتعميق علاقاتها مع شقيقاتها الإفريقية، ويطمح فى الاقتراب من النماذج الدولية المتقدمة التى صارت كل خدماتها رقمية.
الوزير عمرو طلعت وخلال الحوار المطول تناول كل الملفات تقريبا، لكنه كان شديد الاهتمام بالدور الذى يمكن أن يلعبه التحول الرقمى فى مبادرة «حياة كريمة»، وبما يحسن من حياة أكثر من نصف سكان مصر فى القرى ويوفر لهم العديد من فرص العمل والاحتكاك بالعالم الخارجى.
الوزير كشف عن العديد من الأرقام والبيانات التى حققها قطاع الاتصالات، خصوصا أن مصر صارت الثالثة إفريقيا فيما يتعلق بالبنية التحتية وسرعة الإنترنت، بعد أن كانت فى المركز الـ٤٠ بين ٤٣ دولة، وهو يقول إن منصة مصر الرقمية الحكومية سوف تصل إلى ٢٠٠ خدمة بنهاية هذا العام علما بأن بها الآن 102 خدمة.
الوزير أكد أن البيانات الحكومية مؤمنة تماما من أى اختراقات، لكن الاتصالات غير الحكومية تحتاج إلى حوكمة، والسبب أن هناك جهات كثيرة تملك بيانات شديدة الحساسية عن أشخاص كثيرين مثل شركات النقل التشاركى..
وإلى نص الحوار الذى زاد على ساعة ونصف الساعة، فى مكتب الوزير بالقرية الذكية بحضور الأستاذ محمد حنفى مستشار الوزير للإعلام.
< منذ الإطلاق التجريبى للمنصة الرقمية دخل إليها نحو 5 ملايين فرد.. باعتبارك قارئا ومثقفا ومؤلفا،هل سيؤثر التحول الرقمى على القراءة؟
ــ النشر الورقى يقل، ولكن المهم أن نحافظ على طلب الناس على القراءة والمعرفة، حتى لو كانت المعرفة تأتى عبر الوسائل الرقمية وليس الورقية.
< ما أسمعه من كبار الناشرين فى مصر أن معدل القراءة يتزايد ولا يقل.
ــ لو ثبت أن معدل القراءة فى زيادة سيكون شيئا جيدا جدا، ولابد أن يقترن به ماذا يقرأ الناس، وهناك أمهات الكتب الثمينة متاحة على الإنترنت، والناس حاليا تحتاج إلى المعلومة المختصرة.
< هل غير التحول الرقمى فى المفاهيم السياسية، حيث يرى البعض أنه أثر فى مصطلحات يعتبرونها صارت قديمة مثل الاشتراكية والرأسمالية واليمين واليسار؟
ــ خلال السنوات الأربع الأخىرة وجائحة كورونا التى أثرت على العالم، أعتقد أن المجتمع العالمى أصبح يحتاج إلى عقد اجتماعى جديد مختلف عن العقد الذى نادى به الفلاسفة والسياسيون منذ القرن الثامن عشر، كما يحتاج العالم إلى منظومة اجتماعية واقتصادية. ونبدأ من الجانب الاجتماعى لأنه هو الذى يقع عليه التأثير الأكبر، حيث أصبح من السهل التواصل مع شخص يصعب التواصل معه من قبل، ويكون متواجدا فى دولة على بعد آلاف الكيلومترات، ولكن حاليا يمكن التواصل معه أو تبادل الآراء والأفكار، ومن الممكن أن تبيع وتشترى له ومعه، وهو أمر إيجابى، وفى ذات الوقت جاء ذلك على حساب أهل البيت والأصدقاء المقربين، الذين كنا نتقابل معهم على مقهى أو ناد، ولكن أرى اليوم الكل يجلس ويمسك جهازه فى يديه، وأستغرب إذا لماذا تجلسون مع بعضكم، وهذا الأمر صار ظاهرة عالمية وليس مقصورا على دولة دون أخرى.
< أى التأثيرين الإيجابى أم السلبى صار طاغيا بالنسبة للرقمنة؟
ــ لا أستطيع أن أقول أيهما أكثر تأثيرا.
< لنتحدث عن الإيجابيات؟
ــ تأثيرا العالم الرقمى ووسائله طاغية ولابد من أن ندركها ونتجنب آثارها السلبية، وإذا لم يحدث هذا ستؤثر فى المجتمع، وحتى المجتمعات التى شهدت تقدما فى هذا المجال مثل إستونيا التى تعتبر الدولة الأولى فى التحول الرقمى نجد لديها تخوفا لأن الرقمنة أثرت على قدرة الإنسان على التواصل الطبيعى وأنه أصبح أسير شاشته ويمضى عليها وقتا أكثر مما يمضيه مع بشر آخرين، فبدلا من إمكانية الحصول على حوار إنسانى مع موظف أثناء الحصول على الخدمة منه أصبحنا نحصل عليها رقميا، وفى إستونيا 99.5% من البشر يستخدمون الرقمنة.
< هل حاولت معالجة سلبيات التحول الرقمى وأنت تجلس مع أسرتك؟
ــ نحاول، وأحيانا ننجح وأحيانا أخرى كل واحد يكون فى عالمه، وعندما نجتمع على غداء مشترك يوم الجمعة أصر على غلق الهواتف لكي يتحقق التواصل الاجتماعي الانساني. هذا التحول الرقمى وآثاره له عناصر مختلفة وأبعاد وحراك مختلف، ولابد أن نعظم من إيجابياته ونقلل من السلبيات، ولا يجب أن يأخذنا التخوف من العناصر السلبية، لأن كل العصور فيها سلبيات.
< ما الذى توفره مبادرة «حياة كريمة» للقرى من زاوية الاتصالات؟
ــ توفر 4 أشياء هى: إنترنت فائق السرعة عبر شبكة من الألياف الضوئية لنحو 3.5 مليون بيت ضمن مشروع حياة كريمة لـ58 مليون مواطن، وزيادة مكاتب البريد من 4 آلاف إلى 4200 مكتب فضلا عن تطوير 3200 مكتب على مدى 3 سنوات، والأهم استحداث 100 مكتب متحرك عبارة عن سيارة داخلها مكتب تتنقل بين القرى نظرا للازدحام الموسمى خصوصا مع صرف المعاشات وهى تحتاج إلى مكتب يفك الازدحام لمدة يوم أو اثنين وليس لأيام، بالإضافة إلى إعادة صياغة دور مكتب البريد، وبقدر التراجع فى إرسال الخطابات نما معدل زيادة الطرود بسبب التجارة الإلكترونية وأطلقنا خدمة نقل الطرود.
وبدأنا فى توسيع محفظة البريد ولم يعد يقتصر على دفتر البريد المتعارف عليه منذ زمن، وأتحنا القروض الاستهلاكية والقروض متناهية الصغر والخدمات التأمينية، وتقديم الخدمات الحكومية من خلال مكاتب البريد، ويمكن استضافة موثقين من وزارة العدل للشهر العقارى فى 90 مكتب بريد، وهناك تطبيق على المحمول يوضح لك أقرب مكتب لك، وحتى وقت التطعيم تواصلت مع الصحة لإتاحة التطعيم فى عدد من مكاتب البريد.
< كيف سيكون شكل القرية المصرية من حيث الاتصالات بعد مبادرة حياة كريمة؟
ــ من التحديات التى تواجه الريف هو الحصول على فرصة عمل خارج حدود القرية، وهى نقطة فى منتهى الأهمية، والقرية اقتصادها المحلى لا ينتج فرص عمل وإذا وجدت فهى محدودة.. وحاليا لو أنا شاب وأعمل فى مجال تكنولوجيا المعلومات، إما أن أترك القرية وإما لا أجد عملا، ولكن مع الإنترنت فائق السرعة أصبح العمل ممكنا، حيث يمكن الحصول على وظيفة من خارج القرية بل وخارج البلد لشخص يعيش فى القرية.
فرص التدريب والتعليم هى أيضا خارج حدود القرية وإن شئنا الاختصار نقرب العالم إلى الشخص فى قريته، وأن تكون حدود القرية جلب قدرة اقتصادية وفرص عمل ومعرفة وفتح آفاق له مع العالم، ويمكن له أن يعمل فى أوروبا، وهو فى منزله بدلا من الهجرة، وبالنسبة للإناث أصبح لديهن فرص عمل أكثر وهن فى منازلهن.
بدأنا فى 2021 مبادرة لتعليم 100 ألف شاب بنظام التعليم الهجين أو الممتزج حيث يتلقى المتدرب جرعة تدريبية من خلال الإنترنت، ويتم توفير مدربين متخصصين له لطرح ما قد يصعب فهمه، وأطلق على المبادرة «مستقبلنا رقمى»، وتمت إتاحة فرص لنحو 100 ألف شاب بغرض استهداف نحو 18% للعمل فى المهن المستقلة، وكلفت المبادرة 13 مليون دولار والشباب الذى تلقوا التدريب حصلوا فى عام واحد على 130 مليون دولار مقابل صادرات رقمية، والمبادرة مستمرة ووسعناها نوعيا وعدديا وكميا وأنواع التخصصات المطلوبة، ولا تحتاج إلى خلفية تقنية نظرا لوجود عدد كبير من خريجى الكليات بعيدة عن الاتصال وتكنولوجيا المعلومات، ولكن مسئوليتى أن أجد لهم عملا، وعلى سبيل المثال هناك مجال تصنيف البيانات، وهو تخصص فى منتهى الأهمية نظرا لزيادة الطلب عليه فى منظومات الذكاء الاصطناعى، وفى الوقت نفسه أصل لتخصصات عالية القيمة فى البرامج المدمجة أو تحليل البيانات.
الاهتمام بالمهنيين المستقلين مستمر ويظهر ذلك من خلال مضاعفة عدد المتدربين 50 ضعفا حيث بدأنا منذ ثلاث سنوات بـ4 آلاف متدرب ووصلوا حاليا إلى 200 ألف متدرب ولابد أن نفكر هل سيحصل المتدرب على فرصة عمل فى السوق المحلية فى التخصص الذى درب فيه أم لا، والإجابة نعم وكنا نعلمها ولكن كنا نهدف إلى تغطية السوق المحلية والعالمية نظرا للنقص فى تخصصات الاتصالات، وخصوصا دول أوروبا التى تعانى من تراجع ديموغرافى وهو أمر جيد لتلك الدول لأنى أوفر له عبء الاستضافة على دولته ومرافقه وفى نفس الوقت توفير فرص عمل للشباب دون المخاطرة بسفر أو غيره بالإضافة إلى توسيع سوق العمل وألا يكون بحدود قريته أو بلده.
< ما هو عدد العاملين فى هذا المشروع أى المهنيين المستقلين؟
ــ من نحو 300 ألف إلى 350 ألفا وهذا العدد كاف لسوق العمل المصرية ويفيض ولكن نحتاج إليهم فى التصدير. وهذا التصدير يتخذ شكلين الأول المهنيون المستقلون وعندما ينضج يتخذ شكل إنشاء مراكز من الدول فى مصر من قبل شركات أجنبية، ولدينا مراكز تعيين، وفى الوقت الحالى نحاول التوسع لتصدير خدمات رقمية إلى دول أخرى من مصر وتستفيد من العاملين وقاعدة الشباب المؤهل.
< إلى أين وصلنا فى مشوار التحول الرقمى؟
ــ لدينا عنوانان الأول هو رقمنة الخدمات الحكومية وعنوان آخر يعنى مصر الرقمية ويهدف إلى رقمنة المجتمع، وفى العنوان الأول بدأنا منذ عام فى إطلاق منصة للخدمات الرقمية الحكومية وبدأنا بـ32 خدمة وفى عام 2021 وصلوا إلى 102 خدمة والهدف خلال عام 2022 أن نصل إلى 200 خدمة.
< ماذا سيكون شكل حياة المواطن بعد أن نصل إلى 200 خدمة رقمية؟
ــ سيكون معظم خدمات المواطن التى يتطلبها فى مصر من الحكومة رقميا، وسيحصل على الخدمة بدون أن يذهب الجهة الحكومية بشكل كامل، والمثال الأشهر تجديد رخصة المركبة.
فقد كان المواطن يسدد رسوم المخالفات، ثم يتظلم منها، ثم يعاود مرة أخرى لمعرفة نتيجة التظلم، ثم ثم يقوم بتسديد المخالفات، ثم يقوم بتسديد مخالفات ترخيص المركبة، ثم يقوم بالتأمين ثم استخراج الرخصة، وهذا الأمر يتطلب من يومين إلى ثلاثة بين أروقة المصلحة فى حين أنه لن يحتاج إلى هذا الوقت بعد الرقمنة.
< ما هى نسبة تطبيق الرقمنة بين أطياف الشعب وماذا عن كبار السن أو الخائفين منها؟
ــ عندما بدأنا بناء مصر الرقمية وضعنا فى الحسبان جميع أطياف الشعب المصرى، فهناك فئة ترغب فى التعامل بشكل مباشر مع المنصة، أما الفئة التى لا ترغب فى ذلك فإن لها مكاتب إدارية تقدم خدمات «مصر الرقمية» ولكن من خلال أحد الزملاء الذى يساعد المواطن فى ملء البيانات والتعاون مع التكنولوجيا، وهناك مواطن لا يرغب فى هذا ولا ذاك فأمامه الخط الساخن ويتحصل على الخدمة من خلاله حيث يجرى الموظف فى الخط الساخن الخطوات نيابة عنه، والسداد يكون من بطاقة الائتمان والخصم أو من خلال شركات السداد أو المحافظ الرقمية.. ويعتبر من أهم مميزات تصميم المنظومة أنها تناسب كل الأطياف.
< هل المقاومة الذهنية لخدمات مصر الرقمية المتوقعة تقل أم لا؟
ــ تقل بصورة أكثر مما كنا نتوقعها لفئات لم نكن نتوقع أنها تقبل على خدمات رقمية، وأكثر الخدمات الرقمية استخداما هى ما يتعلق ببطاقة التموين.
< هل عجلت كورونا بالرقمنة وإلى أى درجة أنت راضٍ عن سرعة الوصول إلى الهدف؟
ــ لا أرضى عموما مهما بلغت وأتطلع للمزيد وكان لدينا مستهدفات أن نبلغ 100 خدمة رقمية خلال عام 2021، وتجاوزنا هذا العدد من الخدمات، ولدينا مستهدف أخر أن نصل إلى 200 خدمة خلال عام 2022 بخطة زمنية محددة.
< الرغبة الشديدة فى التعليم الإلكترونى تصطدم بالإمكانيات.. إلى أى مدى صحة هذا؟
ــ لا أتفق مع هذه المقولة لعدة أسباب منها أن استراتيجيات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تتضمن محور التنمية البشرية وميزانيته كانت تبلغ 50 مليونا فى 3 سنوات وتضاعفت 22 مرة إلى 1.2 مليار، ولدينا حلم ربط نحو 35 ألف مبنى حكومى ببعض، ونجحنا فى ربط أكثر من 20 ألف مبنى خلال عام ونصف، بهدف تقديم الخدمات المترابطة من الحكومة.
< لكن هناك شكاوى مستمرة من ضعف البنية التحتية خصوصا فى المدارس فيما يتعلق بالرقمنة؟
ــ ليس هذا الأمر دقيقا، وربنا وفقنا أواخر عام 2018 فى بدء رفع كفاءة البنية التحتية، وقتها كان ترتيب مصر من حيث سرعة الإنترنت رقم 40 بين الدول الإفريقية ــ التى لديها بنية تحتية ــ البالغ عددها 43، وكان متوسط سرعة الإنترنت الثابت 6.5 ميجا بايت فى الثانية، وبدأنا مشروعا لرفع كفاءة الإنترنت واشتغلنا عليها بكثافة خلال 2019، ولولا هذا المشروع لم يكن متصورا وجود إنترنت فى مصر مع ظهور جائحة كورونا، لأنه مع بداية الجائحة تغيرت أنماط الاستهلاك تغيرا جذريا، وتضاعفت الأحمال على الإنترنت، وبلغت ساعات الذروة 24 ساعة يوميا بدلا من 7 ساعات نظرا لتواجد الجميع على الإنترنت خلال أوقات اليوم، بزيادة 99%.
ومع هذا تحملت البنية المعلوماتية.. وكان وقتها امتحانات المرحلة الثانوية للصفين الأول والثانى تتم على الإنترنت، وعلى الرغم من ذلك لم نبلغ الكمال، ونفذنا تلك المرحلة بنحو 2 مليار دولار.
حاليا نخطط للمرحلة الثالثة من البنية التحتية المعلوماتية، ولدينا استهدافات مختلفة خصوصا بعدما قفزنا من المركز الأربعين إفريقيا إلى المركز الثالث ، وقفزنا من 6.5 ميجا بايت فى الثانية إلى 45 ميجا بايت فى الثانية يعنى أكثر من 7 أضعاف، وخلال المرحلة الثالثة لن تكتفى برفع الكفاءة على السرعة وسيكون هناك معايير جودة أخرى ربما تهم المواطن المصرى مثل الاستدامة وعدم الانقطاع والانتشار بحيث نصل كل مكان.
< ما ردك على شكوى الكثير من فقدان شبكة الهاتف المحمول؟
ــ جودة المحمول تعود إلى ثلاثة عناصر أولها الترددات، وكان بالفعل هناك أزمة فى إتاحة الطيف الترددى، وأتحنا ترددا قدره مليار و170 مليون دولار فى سنة واحدة للشركات، واستلموا نصفه ومن المقرر استلام النصف الثانى خلال أيام. ومن المقرر أن تحدث انفراجة خلال شهرين فى هذه النقطة، أما العنصر الثانى فهو حوكمة السوق، وبدأنا بمجموعة من السياسات من بينها إمكانية تغيير الرقم من شركة إلى شركة دون التوقف على موافقة الشركة، وسيحفز ذلك المنافسة بين الشركات ويجعل المواطن يشعر بأنه الطرف الأقوى فى المنظومة، واقترن بذلك نشر الخدمات على مستوى الجهورية، أم العنصر الثالث فهو الأبراج، ولدينا دورة عمل حكومية طويلة ومعقدة تخص ترخيص الأبراج، وقمنا بتبسيط هذه الدورة، ونتيجة لذلك بنت الشركات الأربعة 1300 برج فى سنة 2020، وفى عام 2021 بنوا 2200 برج، وهو ما ينعكس على جودة خدمة المحمول.
< متى يشعر المواطن العادى والبسيط بثمار الرقمنة؟
ــ أعتقد أنه بدأ يشعر بذلك ومظاهر هذا العائد استخدام المواطن منصة مصر الرقمية وتحصله على الخدمات أشعره بتحسن الخدمة بدلا من المعاناة والوقوف فى طوابير والحصول على الخدمة بشكل مريح، فضل عن ا إتاحة تدريب وبرامج تدريبية تمكن المواطن من المنافسة فى سوق العمل، ولدينا طموحات تتمثل فى رقمنة باقى الاستحقاقات الحكومية وفى حالة وصولنا إلى الـ 200 خدمة سنكون اقتربنا من استونيا الدول الرقمية الأولى عالميا من حيث توفير الخدمات رقميا.
< هل تحتاج وزارة الاتصالات إلى تشريعات لمواكبة التغير الرقمى؟
ــ بالفعل عملنا على منظومة تشريعية تشكل سياجا لحوكمة العالم الرقمى الذى بدأ يتنامى، واشتغلنا على قانون حماية البيانات وصدر بالفعل، ونعمل على إصدار اللائحة التنفيذية، وندرس هل نحن بحاجة إلى قانون للتجارة الإلكترونية أم أن القوانين الموجودة كافية من حيث تنظيم العلاقة بين أطراف المنظومة التجارية التقليدية إلى المنظومة التجارية الرقمية، ولا نبالغ فى إصدار تشريعات تعطل العمل.
< ما دور الوزارة فى بناء الإنسان المصرى؟
ــ بناء الإنسان يتمثل بالنسبة لنا فى تدريبه وتمكينه من الحصول على فرص عمل، ويلى هذا تدريب أوسع لما نسميه محو الأمية الرقمية، وتمكين عدد أكبر من المواطنين يمتهنون مهنا أخرى من التعامل مع الوسائل الرقمية بشكل مباشر، وهذا يعود بنا إلى نقطة إقبال الناس على الوسائل الرقمية.
< إلى أى حد هناك حماية لبيانات المواطنين وخصوصياتهم؟
ــ البيانات الحكومية مؤمنة ومحمية، ولا يمكن الوصول إليها أو اختراقها، أما بيانات الجهات غير الحكومية فهى تحتاج إلى حوكمة، وهناك جهات كثيرة لديها بيانات شديدة الحساسية عن أى شخص، من بينها شركات النقل التشاركى وأيضا الشركات التى لديها محركات البحث وتعرف اهتماماتك وما تبحث عنه وما يقلقك، كل هذه الأمور مستودعات بيانات ودرجة الأمان فيها تختلف، ونعود لنقطة الوعى ومنها حملة البنك المركزى للتوعية بعدم منح بياناتك لأى شخص وأن تكون حريصا، وتعلم ما الذى تفصح عنه وما الذى لا تفصح عنه.
< ما تفسير ظهور إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعى، عقب ذكر اسم منتج خلال مكالمة هاتفية مثلا؟
ــ جزء منه ذكاء اصطناعى وجزء منه تحليل صوت ثم معالجة النصوص، واليوم هناك منظومات تحول الصوت إلى نص مكتوب لتفهم ما نقوله وتحوله إلى بيانات وهذا الأمر يتم بشكل رقمى لحظى.
< أين تقع مصر على خريطة التكنولوجيا والاتصال عالميا؟
ــ موقع مصر على خريطة التكنولوجيا يتوقف على البنية التحتية ونوعية الخدمات والموارد البشرية، وترتيبنا أكثر من 90 على مستوى العالم من حيث الإنترنت الثابت ورقم 6 من حيث عدد المهنيين المستقلين والأول فى الشرق الأوسط وإفريقيا فى جذب شركات ووظائف الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وما يتعلق بالموارد البشرية والقدرات أحسن بكثير، وهذا أمر إيجابى من ناحية بناء الكوادر البشرية.
أما مستوى مصر مرضى من حيث البنية التحتية فهى تحتل المكانة الرابعة إفريقيا ونرغب فى تعزيز هذا البنية من خلال ثبات المعلومات والسرعة والانتشار والعروض السعرية التى تناسب البيت المصرى، ومن السهل رفع السرعة ولكن بدلا من أن تدفع 120 جنيها يمكنك أن تدفع 500 جنيه.
< هل نوعية التعليم تقدم كوادر ذات كفاءة؟
ــ نعمل على 3 محاور يتمثل أولها فى التواصل مع الجامعات التى شهدت زيادة ضخمة خلال السنوات الأخيرة فى أعداد كليات علوم الحاسبات والذكاء الاصطناعى وأقسام كليات الهندسة، وهو أمر إيجابى، وثانيا التدريب لسد الفجوة المهنية التى لا تنتج بالضرورة عن ضعف التعليم، ويمكن أن تكون عن تغير الشباب لمسلكه الوظيفى، وهو ليس قاصرا على مصر حيث أصبح الاتجاه العالمى هو تغيير المسار الوظيفى بعد التخرج، وبالتالى يحتاج الخريج إلى تدريب مهنى، وثالثا إنشاء مسار تدريبى كامل مثل إنشاء معاهد بعد الإعدادية تستهدف تخريج مهنى من نوع معين، كما أنشأنا جامعة لإحداث نقلة نوعية فى هذه الكوادر، وهى جامعة مصر المعلوماتية التى ترتبط بجامعات عالمية وترتبط بتخصصات معينة فى سوق العمل.
< ما هى أمنيات الوزير خلال 2022؟
ــ أن تتقدم مصر إلى موقع تستحقه بوصفها دولة تلعب دورا رياديا فى مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتوسع فى البرامج التدريبية، ولن نتقدم إلى المركز الذى نستحقه إلا بالكوادر البشرية، وكل الدول التى تقدمت فى هذا المجال حرصت على ذلك، وكذلك ينبغى أن يقبل عدد أكبر على الخدمات الحكومية، وبالتالى نقدم خدمات أكثر، وأن نسعى إلى زيادة الصادرات الرقمية، حيث يبلغ إجمالى الصادرات 4.5 مليار دولار تمثل 5% من الناتج القومى بـ16% نموا فى القطاع وسوف نحافظ على هذا النسبة ونستهدف زيادة تصل إلى 8% خلال 3 سنوات.