منحت كلية الإعلام بجامعة القاهرة الباحثة دينا عصمت والي درجة الدكتوراه في الإعلام، بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، مع توصية بطباعة الرسالة العلمية المعنونة: "الإرهاب الإلكتروني على وسائل التواصل الاجتماعي ودوره في بث الأخبار الكاذبة للتأثير على إدراك الجمهور للقضايا المصرية"، والتي تعد إضافة علمية بارزة في مجال الإعلام الرقمي والدراسات السيبرانية والإستراتيجية.
تتناول الدراسة الإرهاب الإلكتروني والحروب السيبرانية، المعروفة بحروب الجيل الخامس، وتركز على كيفية استخدام منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها "إكس" (تويتر سابقًا)، في نشر الأخبار المزيفة وتأثير ذلك على تشكيل وعي الجمهور المصري، وصولًا إلى ما يُعرف بنظرية "الجهل الجمعي"، وهو المفهوم الذي يشير إلى تضليل الرأي العام وتوجيهه بوسائل غير مباشرة، وخلق انحيازات وتصورات مغلوطة عن التحديات التي تواجه مصر.
وتشكلت لجنة المناقشة والتقييم الأكاديمي، من الأستاذة الدكتورة منى الحديدي، الأستاذة بقسم الإذاعة والتليفزيون، مناقشًــا ورئيسًا، والأستاذ الدكتور حسن عماد مكاوي الأستاذ بقسم الإذاعة والتليفزيون جامعة القاهرة، مشرفًــا على الرسالة ومناقشًا، واللواء الدكتور أسامة راغب مستشار الأكاديمية العسكرية العليا وأستاذ الإعلام السياسي مناقشًـا.
وأشادت اللجنة بأهمية الدراسة وريادتها في تسليط الضوء على الإرهاب الإلكتروني كأحد التحديات الكبرى التي تواجه المجتمعات الحديثة، مؤكدةً على ضرورة تفعيل آليات أكثر صرامة للحد من الأخبار الكاذبة على المنصات الرقمية. وتمثل هذه الدراسة إضافة جوهرية إلى الأبحاث الإعلامية المتعلقة بالأمن السيبراني والتضليل الإعلامي، كما تعكس تزايد أهمية البحث العلمي في تحليل التحديات الرقمية التي تواجه المجتمعات الحديثة.
حضر مناقشة رسالة الدكتوراة لفيف من السادة المسؤولين والإعلاميين والصحفيين، ومسؤولي القنوات والصحف المصرية والعربية في القاعة الرئيسية بكلية الإعلام بجامعة القاهرة. وتكمن أهمية الدراسة حسب ما تشير الدكتورة دينا عصمت في كونها إضافة نوعية إلى مجال البحث الإعلامي، وتعد الأولى من نوعها حيث تسلط الضوء على مخاطر الأخبار الكاذبة وأثرها على إدراك الجمهور للقضايا والمتغيرات المصرية، في ظل تصاعد استخدام الإعلام الرقمي كأداة في الصراعات الحديثة.
وتقول: تهدف الدراسة الكشف عن خطورة الأخبار المفبركة ودورها في تزييف الوعي الجمعي لدى المصريين، وتقييم مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة منصة "إكس"، وفحص مفهوم الجهل الجمعي وتأثيره على وعي الجمهور المصري حول القضايا العامة.
اعتمدت الباحثة في دراستها على منهج المسح بشقيه الوصفي والتحليلي، كما استخدمت أسلوب المقابلات المعمقة مع مجموعة من الخبراء والمتخصصين في الإعلام والأمن السيبراني. استندت الدراسة إلى نظرية الجهل الجمعي، التي تفسر كيفية تأثير المعلومات المضللة على تشكيل وعي زائف لدى الأفراد والمجتمعات، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات خاطئة أو تكوين تصورات غير دقيقة عن القضايا العامة.
وشملت الدراسة عينة بحثية مكونة من 440 مستخدمًا لمنصة "إكس" في مصر، تم جمع بياناتهم من خلال استبيان إلكتروني منتصف عام 2024، وتقول دكتور دينا عصمت: أثمرت الدراسة عن نتائج مهمة أبرزها: وجود فروق واضحة بين الذكور والإناث في معدلات متابعة منصة "إكس"، حيث تزيد النسبة لدى الذكور مع ارتفاع مستوى الدخل، ارتباط كثافة التعرض للأخبار على منصة "إكس" بزيادة الاعتماد عليها كمصدر رئيسي للمعلومات، مما يعزز التفاعل معها والثقة في مصداقيتها.
وتضيف: “وجدت الدراسة أن هناك علاقة مباشرة بين الاعتماد على "إكس" وبين انتشار الجهل الجمعي حول القضايا المصرية، حيث يزداد تصديق الأخبار الكاذبة مع زيادة الاستخدام.، مشيرا الي تأثر الفئات ذات الدخول المنخفضة بشكل أكبر بالأخبار المفبركة، مما يجعلها أكثر عرضة للتضليل الإعلامي. وتؤكد الدراسة أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أداة فعالة ومنخفضة التكلفة في الحروب السيبرانية، حيث تُستخدم الأخبار الكاذبة كسلاح مؤثر لإعادة تشكيل آراء الجمهور.
وفي ختام الدارسة قدمت الباحثة عدة توصيات لمواجهة خطر الأخبار الزائفة، من أبرزها: إعادة النظر في المحتوى الإعلامي، وتقديمه بأساليب حديثة وجاذبة لمختلف الفئات. وتعزيز دور المؤسسات الرسمية في التصدي للأخبار المفبركة عبر منصات التواصل الاجتماعي. الإسراع في إصدار قانون "حرية تداول المعلومات" لضمان توفير مصادر موثوقة للأخبار. زيادة وعي الفئات الأكثر عرضة للأخبار الكاذبة، خاصة مستخدمي المنصات الرقمية من فئات الدخل المنخفض. دعم وسائل الإعلام التقليدية لتواكب التطورات التكنولوجية وتوفر محتوى موثوقًا لمواجهة الأخبار الكاذبة. تعزيز التعاون بين الحكومات، وسائل الإعلام، ومنظمات المجتمع المدني لمكافحة الحروب السيبرانية وتحقيق الأمن المعلوماتي.