- البشر هم المورد الأهم للتنمية الحضارية المستدامة.. ونساعد مصر على صياغة سياسة وطنية للإسكان
- التخطط الجيد للمدن يعطى قيمة للأراضى ويجذب المستثمرين.. وهناك مدن كثافتها 46 ألف نسمة للكيلو متر وليست فقيرة
عَرف جون كلس المدير التنفيذى لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية «هابيتات»، دور البرنامج بأن الأمم المتحدة ووكالاتها وبرامجها التابعة تعمل على ثلاثة محاور رئيسية هى السلام والأمن والتنمية، ويأتى دور «هابيتات» فى ذلك المحور الأخير بالأخص، حيث يهدف البرنامج بالأساس إلى توسعة القاعدة الحضارية المستدامة، انطلاقا من أن التحضر هو أساس التنمية المستدامة، لمدن تراعى العدالة الاجتماعية والدمج الاقتصادى للفقراء تحسين جودة الحياة.
وكشف كلس فى حواره لـ«الشروق» ــ وهو الأول من نوعه مع صحيفة عربية ــ، عن أن الدراسات التى تقوم بها هابيتات على مستوى عواصم العالم، تثبت أن الفراغات العامة هى المعيار الأول والرئيسى لقياس جودة الحياة فى المدن، فالمعايير العالمية التى يجب أن تكون عليها جودة الحياة فى المدن هى أن تكون 50% من مساحة المدن للمبانى، والـ50% الأخرى للفراغات العامة وتقسم هذه المساحة إلى 30% شوارع و20% مساحات عامة مفتوحة.
وأشار كلس، إلى أنه كلما زادت مساحة المبانى على حساب المساحات المخصصة للفراغات العامة، كان ذلك مؤشرا على وجود مشكلة فى مستويات جودة الحياة فى هذه المدن، فبعض المدن تصل فيها مساحات الفراغات العامة إلى 14ــ15% من إجمالى مساحتها.
وتابع المدير التنفيذى لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية: «النظر إلى مشكلات السكن فى أى دولة لا يقف فقط على نوعية وكمية السكن، ولكن من خلال المساحات والقدرة على الاتصال بين أطراف المدينة، والمعايير العالمية تقول إن المدينة جيدة الحياة يجب ألا يقل عدد الميادين فى كل 1كم فيها عن 100 ميدان، معتبرا ذلك مؤشرا قويا على قدرة التواصل وحرية الحركة داخل هذه المدينة، إذ إن هناك مدنا متوسط الميادين بكل 1كم بها يصل إلى 50 او 60 ميدانا، وفى هذه الحالة يجب زيادة عدد الميادين فى هذه المدن لتسهيل الحركة داخلها».
وقال كلس، إن المدينة بشكل عام هى أحد نتائج سيادة القانون وقدرته على النفاذ، فالالتزام بقوانين السكن والفراغات العامة والحفاظ عليها من أى تعديات، والحفاظ على أنماط البناء المناسبة لكل مدينة سواء من حيث توزيع الفراغات والارتفاعات هو أحد اهم عوامل الحفاظ على جودة الحياة داخل المدن، ومضيفا «هذه المعايير بمثابة قانون موحد للإسكان فى دول العالم التى تطمح إلى تحسين جودة الحياة والوصل إلى نوعية جيدة من التحضر الذى يراعى الابعاد الاقتصادية والاجتماعية لسكان المدن».
ويرى كلس، أن مشكلات السكن أصبحت تحديات ضخمة تزداد يوميا تواجهها الحكومات، خاصة أنه من المتوقع أن يعيش ثلثى سكان العالم فى المدن خلال السنوات القليلة القادمة، ويجب ان تكون المدن مؤهلة لاستيعاب هذه الزيادات الضخمة.
وأوضح كلس، أن الاستثمار الجيد للمدن يبدأ بالتخطيط الجيد لها إذ إن قطعة الارض تزداد قيمتها كلما كانت متصلة مع جميع الأطراف بشكل جيد وسليم ما يرفع قيمة هذه الاراض ويزيد الطلب عليها، فتصبح جاذبة للاستثمارات سواء الداخلية أو الاجنبية، فالدول التى تعانى من سوء التخطط تواجه تحديات كبيرة فى جذب الاستثمارات لها، واذا أرادت الدول جذب الاستثمارات عليها الاهتمام بالتخطيط الجيد للمدن».
وأضاف كلس، «رفع قيمة الأراضى من خلال التخطيط الجيد لها هو أهم مداخل التعاون المشترك بين القطاع العام والخاص، فإقبال المستثمرين على الأراضى ذات القيمة، كفيل بأن يضمن موارد كافية للقطاع العام، بالشكل الذى يضمن استمرار القطاع العام قوى وقادر على توفير الخدمات للمواطنين والمستثمرين».
واستطرد: «يظل المورد الأهم هو البشر وهم ليسوا عبئا فقط على الخدمات ولكن هم مصدر موارد أيضا، وعلى سبيل المثال بعض المدن تصل فيها الكثافات السكانية إلى 46 ألف نسمة فى كل كم، وهى مدن ليست فقيرة ولكنها ملتزمة بالنسب العالمية فى الفراغات فـ30% من هذه المدن مخصص للشوارع و20% للفراغات العامة، فالمعيار الأهم هو جودة السكن وعلاقة الكثافة السكانية بالفراغات العامة «الشوارع والميادين»، وتوزيعها، فعلى سبيل المثال لو أن هناك مدينة تقل كثافتها السكانية عن 10 آلاف نسمة فى الـ«كم»، فذلك يعنى أن هذه المدينة تعانى قلة الموارد وتعانى من ضعف الاقتصاد».