استنكار شعبي في الأقصر لردود فعل شهود العيان في واقعة أبو الجود
سادت حالة من الاستنكار الشعبي بين المواطنين في مدينة الأقصر بشأن رد فعل شهود العيان على واقعة ذبح موظف بمديرية التضامن الاجتماعي في المحافظة.
وأثارت الجريمة صدمة في المجتمع الأقصري ليس فقط لبشاعتها بل أيضًا لردود فعل شهود العيان الذين وقفوا مكتوفي الأيدي دون أية محاولة للتدخل لمنع الجريمة، لذلك عبر العديد من أهالي الأقصر عن غضبهم واستيائهم من هذا الموقف، واعتبروا أن عدم تدخل الحاضرين كان أمرا غريبا وغير مقبول، خاصة في مجتمع صعيد مصر المعروف بتقاليده التي تعزز قيم الشجاعة والنخوة.
وقال محمد عبداللطيف، مواطن بمدينة الأقصر: "كان يمكن لشهود العيان اتخاذ أكثر من ردة فعل لتجنب وقوع الجريمة، ومنها: التصدي الجسدي للجاني حيث كان بإمكان الحاضرين الاشتباك معه أو محاولة تعطيله بأي وسيلة ممكنة، خاصة وأنه لم يكن مسلحًا بأكثر من سلاح أبيض، أو رمي الجاني بالحجارة والطوب حتى دون الاقتراب المباشر منه، لتشتيت انتباهه ومنعه من إتمام جريمته".
وأشار محمود عبدالحميد، مواطن بمدينة الأقصر، إلى أنه كان يمكن لمن شهدوا تنفيذ الجريمة بدلا من أن يصوروها أن يستغيثوا بأفراد الشرطة أو الجيران القريبين من مكان بسرعة أكبر للتدخل الفوري.
وتابع عبدالحميد، لـ"الشروق": "كان يمكن أيضا لشهود العيان بدلا من تصوير الواقعة منع الجاني من الهروب أو ارتكاب أي فعل إضافي وكان ذلك سيظهر أن المجتمع قادر على التحرك سريعًا في مثل هذه المواقف".
ولفت أشرف الهلالي، مواطن بمدينة الأقصر، إلى أن استياء المواطنين والاستنكار الشعبي بخصوص هذه الجريمة لم يكن فقط بسبب عدم تدخل شهود العيان في أثناء الجريمة فقط، بل امتد إلى تساؤلات حول عدم اتخاذ أي إجراء وقائي ضد الجاني مسبقًا.
واستطرد الهلالي، لـ"الشروق" أن بناء على إشارات عدد من الجيران للجاني أنه كان معروفًا بسلوكياته العدوانية المتكررة وشجاراته مع والده وشقيقه ومع سكان المنطقة، وذلك طرح عدة تساؤلات في المجتمع الأقصري منها، لماذا لم يتم الإبلاغ عن الجاني من قبل؟ ولماذا لم تُتخذ أية إجراءات لمنع تفاقم حالته النفسية التي أدت في النهاية إلى هذه الكارثة؟.
من جهته، قال الدكتور عماد يونس، استشاري الطب النفسي للكبار في الأقصر، إنه استنادا على تأكيد وزارة الداخلية بأن مرتكب جريمة الأقصر كان مهتزا نفسيا، أو في حالة وجود أي نسبة خطر على المريض نفسه "الجاني" مثل أنه يتعاطى المخدرات أيا كان نوعها أو مدى تكرارها أو هو خطر على الآخرين "عنيف أو يهدد بالقتل" فكان من الممكن حجزه بشكل إلزامي دون موافقة المريض، والقانون في كل الدول يسمح بذلك في مثل هذه الحالات، وكان الأهالي سيساعدوا في ذلك بمجرد فقط إبلاغ الجهات المعنية.
وقال يونس، لـ"الشروق": "إذا كانت أسرة الجاني قد حاولت من قبل علاجه فكان يوجد هناك طرق كثيرة للضغط عليه في أخذ العلاج، ومنها على سبيل المثال إبر طويلة المفعول تستخدم في العلاج طويل المدى، وكان يمكن الكشف والعلاج بالمجان أو بأجر رمزي في العديد من المستشفيات التي توفرها الدولة إذا كانت الحالة المادية غير جيدة بالنسبة لأسرة الجاني، كما يوجد مراكز صحية خيرية، مؤكدا أن هناك أطباء يتيحون تخفيضا مراعاة لحال المريض.
ولفت الدكتور محمد عبدالله، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأقصر، إلى أن نوع الجريمة يشير إلى سلوك شديد العنف وغير اعتيادي، والذي يمكن تفسيره نفسيًا من خلال عدد من النظريات المرتبطة باضطرابات الشخصية أو العقلية، فقد يكون الشخص يعاني من اضطرابات ذهانية، مثل الفصام (Schizophrenia) أو الاضطراب النفسي الحاد (Psychotic Disorder)، وفي في هذه الحالات، قد تكون الهلوسات أو الأوهام "مثل سماع أصوات تأمره بالقتل" هي الدافع وراء الجريمة.
وتابع عبدالله، لـ"الشروق": "قيام مرتكب الجريمة برسم رموز غير مفهومة يشير إلى إمكانية معاناة المجرم من أفكار هذيانية مرتبطة بجوانب دينية أو سحرية، أو أنه يرى نفسه جزءًا من طقوس غامضة، كما أنه يمكن أن يكون مصابا باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع وهو إذا من الأشخاص الذين يظهرون سلوكًا قاسيًا وغير إنساني دون أي تعاطف تجاه الضحايا.
وكانت مدينة الأقصر قد شهدت مساء الثلاثاء الماضي، جريمة مروعة هزت الرأي العام في منطقة أبو الجود وسط المدينة، حيث أقدم شاب في الثلاثينات من عمره، على قتل "حجاج.ك.أ" يبلغ من العمر 59 عامًا، بطريقة بشعة، حيث قام بذبح الضحية باستخدام سلاح أبيض يستخدم في ذبح الأضحية "سنجة"، ثم فصل رأسه عن جسده وتجول بها في الشوارع أمام المارة، مما أثار حالة من الهلع والذهول بين الأهالي والمجتمع المصري.