توقعات باستقرار النمو عند 2.7% خلال 2025 و2026
فشلت مستهدفات القضاء على الفقر والعالم، وتحقيق التنمية المطلوبة لذلك، التي بدأ بها زعماء العالم في الألفية الجديدة، وفق تقرير للبنك الدولي، في نشرته الأسبوعية أمس.
وقال البنك في التقرير، الذي تلقت "الشروق" نسخة منه، إن قادة العالم استقبلوا القرن الحادي والعشرين بشعور من التفاؤل والثقة، إذ عقدوا العزم على "جعل الحق في التنمية حقيقة واقعة لكل إنسان وتخليص البشرية قاطبة من الفاقة والعوز"، وبعد 15 عاما، وبفضل الموجة الأولية من التقدم، حددوا موعدا نهائيا صارماً قائلين: "إننا عازمون، من الآن وحتى عام 2030، على القضاء على الفقر والجوع في كل مكان".
وبدا لبعض الوقت أن البشرية على وشك الدخول في عصر من التقدم غير العادي، لكن ذلك لم يحدث، ومع اقتراب نهاية الربع الأول من هذا القرن، من الواضح أن الأهداف السامية التي سادت في العقود القليلة الماضية لن تتحقق.
ووفق أحدث إصدار من تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الصادر عن البنك الدولي، فإن آفاق النمو طويل الأجل للاقتصادات النامية هي الآن في أضعف مستوياتها منذ بداية القرن الحالي، وبدون تحسن مستدام في معدلات النمو، فمن المرجح أن تصل 6 بلدان فقط من البلدان منخفضة الدخل البالغ عددها 26 بلدا إلى مصاف البلدان متوسطة الدخل بحلول عام 2050، وبحلول عام 2030، سيظل 622 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع، وسيظل مصير هذا العدد تقريباً هو الجوع وسوء التغذية.
وكشف البنك الدولي عن تراجع أداء الاقتصادات النامية، التي بدأت هذا القرن على مسار لسد فجوة الدخل مع الاقتصادات الأكثر ثراءً، فقد تبددت معظم القوى التي ساعدت في نهضتها، وظهرت عوامل سلبية حلت محل هذه القوى تمثلت في ضعف الاستثمار وتراجع نمو الإنتاجية، وشيخوخة السكان في جميع البلدان تقريبا باستثناء أشد البلدان فقراً، وتزايد التوترات التجارية والجيوسياسية، وتصاعد مخاطر تغير المناخ.
ويخلص التقرير الجديد إلى أن هذه الاقتصادات حققت تقدما كبيرا في القرن الحادي والعشرين، فقد حققت معدلات نمو في البداية بأسرع وتيرة لها منذ سبعينيات القرن الماضي.
وتُعد الاقتصادات النامية أكثر أهمية للاقتصاد العالمي مما كانت عليه في بداية القرن الحالي، كونها تمثل حاليا نحو نصف إجمالي الناتج المحلي العالمي، مقابل 25% فقط في عام 2000.
وحدث معظم هذا التقدم في السنوات الأولى قبل الأزمة المالية العالمية في 2008-2009، ولكنه بدأ في التلاشي والتراجع بعد ذلك، وشهد نمو النشاط الاقتصادي بوجه عام سلسلة من التراجعات من 5.9% في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى 5.1% في العقد الثاني ثم 3.5% في العقد الثالث.
ومنذ عام 2014، وباستثناء الصين والهند، ونصيب الفرد من الدخل في الاقتصادات النامية ينمو بمعدل نصف نقطة مئوية أقل مقارنة بمتوسط الاقتصادات الغنية، ما يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، يُضاف إلى هذا توقف الإصلاحات الداخلية، وارتفاع الدين الحكومي إلى مستويات قياسية مع تضخم الإنفاق العام دون أن يصاحب ذلك ارتفاع في الإيرادات.
وتعثر التكامل الاقتصادي العالمي، وكنسبة من إجمالي الناتج المحلي، بلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الاقتصادات النامية اليوم نحو نصف مستواها في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وبلغت القيود الجديدة على التجارة العالمية في عام 2024 خمسة أضعاف متوسط السنوات 2010-2019.
وكانت العواقب وخيمة على الاقتصادات منخفضة الدخل التي يعيش فيها أكثر من 40% من الأشخاص الذين يعانون شظف العيش بدخل أقل من 2.15 دولار للفرد في اليوم، وبناءً عليه، كانت هذه الاقتصادات محور تركيز الجهود العالمية لإنهاء الفقر المدقع، ومع ذلك، فقد توقف التقدم الذي أحرزته هذه الاقتصادات بشكل شبه تام وسط تصاعد الصراعات، والأزمات الاقتصادية المتكررة، واستمرار ضعف النمو.
وفي بداية القرن الحادي والعشرين، تم تصنيف 63 بلداً على أنها بلدان "منخفضة الدخل"، ومنذ ذلك الحين، دخل 39 بلداً- بما في ذلك الهند وإندونيسيا وبنغلاديش- في مصاف البلدان متوسطة الدخل، مما يعني أن نصيب الفرد من الدخل السنوي فيها تجاوز 1145 دولارا في عام 2023.
ولم تشهد البلدان المتبقية، التي انضم إليها جنوب السودان والجمهورية العربية السورية في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، أي تقدم يُذكر، ففي المتوسط، نما نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي المعدل حسب التضخم بأقل من 0.1% سنوياً على مدى الخمسة عشر عاما الماضية.
وشدد البنك الدولي على ضرورة بدء العمل الآن في ظل استقرار الاقتصاد العالمي، حيث تشير توقعاته إلى زيادة معدل نمو الاقتصاد العالمي إلى 2.7% هذا العام والعام المقبل، كما كان الحال في عام 2024، وهذا المعدل أقل من المتوسط البالغ 3.1% الذي ساد في العقد السابق لجائحة كورونا، ولكن يمكن أن تصاحبه بعض الاتجاهات المشجعة، على سبيل المثال، الانخفاض المتوقع في معدلات التضخم، وأسعار الفائدة.