- مصر مستعدة لدعم ماليزيا في إدارة الأوقاف وتدريب الأئمة لمواجهة التطرف
- تفكيك أفكار التطرف ضرورة لحماية المجتمعات الإسلامية من الفكر الهدّام
وجه الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، دعوة رسمية للجنة الموسعة للمجلس الوطني للشئون الدينية الإسلامية في ماليزيا MKI، لترشيح مجموعة مختارة من الأئمة والدعاة والقادة الدينيين لحضور برنامج تدريبي متكامل في مصر حول كيفية تفكيك الفكر المتطرف والرد على الشبهات الفكرية التي تروجها الجماعات الإرهابية.
وأوضح أن الوزارة على أتم الاستعداد لاستقبال هؤلاء الأئمة وتقديم تدريب متكامل يشمل دراسات علمية متخصصة مع نماذج تطبيقية للرد على الفكر المتطرف، مؤكدًا أن هذه البرامج ستساهم في بناء كوادر دينية مؤهلة قادرة على التصدي للتحديات الفكرية المعاصرة.
جاء ذلك خلال لقاء وزير الأوقاف، مع أعضاء اللجنة الموسعة للمجلس الوطني للشئون الدينية الإسلامية في ماليزيا (MKI)، حيث جرى التشاور حول عدد من القضايا الدينية المهمة، بما في ذلك إدارة الأوقاف ومكافحة التطرف الفكري.
وفي بداية اللقاء، ناقشت اللجنة مع وزير الأوقاف ملف إدارة وتنمية الأوقاف، حيث أكد الوزير أن مصر مستعدة لتقديم كل أشكال الدعم والخبرة التي تمتلكها في هذا المجال، سواء عبر التعاون في تطوير آليات الإدارة الوقفية، أو من خلال برامج تدريبية للكوادر الماليزية المتخصصة في هذا القطاع.
وأوضح أن مصر لديها تجربة من أقدم تجارب العالم الإسلامي في إدارة الأوقاف، مؤكدًا أن التنسيق المشترك بين مصر وماليزيا في هذا المجال سيحقق فوائد كبيرة لكلا البلدين.
• مكافحة التطرف: تفكيك فكر الإخوان والتصدي للأفكار الهدّامة
كما استعرض وزير الأوقاف خلال اللقاء جهود مصر في تفكيك الفكر المتطرف، خاصة أفكار جماعة الإخوان الإرهابية، والتركيز على دحض أفكار سيد قطب ومنهجه في تكفير المجتمعات.
وأكد أن الخطاب الديني المنحرف هو أحد أخطر التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية اليوم، وأن التصدي له يجب أن يكون عبر منهج علمي رصين يستند إلى تفكيك الشبهات الفكرية، موضحًا أن التفسير الخاطئ لمفاهيم مثل "الحاكمية" و"الجاهلية" و"الولاء والبراء" قد أدى إلى انتشار الفكر المتطرف في بعض الأوساط.
كما استعرض وزير الأوقاف، خلال اللقاء، الأهداف الاستراتيجية التي وضعتها الوزارة لتحقيق رؤيتها في تعزيز الخطاب الديني الوسطي، ومكافحة الفكر المتطرف، والمساهمة في بناء الإنسان وصناعة الحضارة.
وذكر أن وزارة الأوقاف تعمل على تفكيك الفكر المتطرف من خلال مقاربات علمية دقيقة، وبرامج تدريبية متخصصة، وإعداد دعاة قادرين على كشف زيف الأفكار المنحرفة التي تتبناها الجماعات الإرهابية. ويرتكز هذا الهدف على إعادة تأصيل المفاهيم الإسلامية الصحيحة، وتعزيز مرجعية المؤسسات الدينية الكبرى مثل الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية.
وأكد وزير الأوقاف أن جهود الوزارة لا تقتصر على التصدي للتطرف الديني فحسب، بل تمتد أيضًا إلى مكافحة التطرف اللاديني الذي يؤدي إلى الإلحاد، والانحلال القيمي، وانتشار الظواهر السلبية مثل الإدمان والانتحار والتفكك الأسري. وتحرص الوزارة على إرساء هوية دينية متوازنة تحمي الأفراد من الوقوع في الإفراط أو التفريط، وتحقق لهم استقرارًا فكريًا وروحيًا.
وتابع: "تسعى الوزارة إلى تنمية الشخصية الدينية المتكاملة، من خلال إعداد جيل واعٍ بأصول دينه، قادر على التفاعل الإيجابي مع مستجدات العصر، ومحصن ضد الأفكار المتشددة والمنحرفة. ويشمل هذا المحور برامج تعليمية وتوعوية تستهدف الشباب، وتعزز لديهم الفهم العميق للقيم الإسلامية القائمة على الوسطية والرحمة والتسامح".
وأكد الوزير أن الدعوة الإسلامية ليست مجرد وعظ وإرشاد، بل هي عنصر فاعل في تحفيز الابتكار والإبداع، والمساهمة في نهضة الأمم. لذلك، تولي الوزارة اهتمامًا خاصًا بـ إحياء دور العلماء والمفكرين في توجيه المجتمع نحو التقدم العلمي، والتفاعل مع القضايا الحضارية الكبرى، وتوظيف التعاليم الإسلامية في صناعة نهضة فكرية وثقافية شاملة.
وأضاف الوزير أن هذه الأهداف الاستراتيجية تمثل الأسس التي تقوم عليها الشراكة بين مصر وماليزيا في الشئون الدينية، مؤكدًا أن اللجان المشتركة التي تم تشكيلها ستعمل على تنفيذ هذه الرؤى بشكل عملي يخدم البلدين والأمة الإسلامية بأسرها.
ويأتي هذا اللقاء في إطار العلاقات الثنائية القوية بين مصر وماليزيا، والتي تعززت مؤخرًا بتوقيع مذكرة تفاهم بين البلدين تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات الشئون الإسلامية، وذلك خلال الزيارة الرسمية التي شهدها الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، والدكتور أنور إبراهيم، رئيس وزراء ماليزيا.
وأكد الوزير أنه أنشأ لجنة داخل وزارة الأوقاف المصرية للعمل على تنفيذ بنود مذكرة التفاهم الموقعة، كما تعاون مع السفارة الماليزية بالقاهرة لتأسيس لجنة ثنائية مشتركة تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات الشؤون الإسلامية، وتطوير البرامج التعليمية والدعوية، وتنسيق الجهود لنشر الفكر الوسطي والاعتدال في المجتمعين المصري والماليزي.
وفي ختام اللقاء، أعرب أعضاء اللجنة الموسعة للمجلس الوطني للشؤون الدينية الإسلامية في ماليزيا عن تقديرهم العميق للدعم المصري في القضايا الدينية والفكرية، مشيدين بالجهود التي تبذلها مصر في نشر الفكر الوسطي ومكافحة التطرف، مؤكدين تطلعهم إلى مزيد من التعاون في المستقبل لخدمة الإسلام والمسلمين في البلدين.