مهن الصحابيات (5).. حفصة بنت عمر.. حارسة القرآن الكريم - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:01 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مهن الصحابيات (5).. حفصة بنت عمر.. حارسة القرآن الكريم

حفصة بنت عمر
حفصة بنت عمر
هند أحمد عمر
نشر في: الإثنين 27 مارس 2023 - 12:20 م | آخر تحديث: الإثنين 27 مارس 2023 - 5:28 م

يتبين من الاستشهادات القرآنية ومن السنة النبوية، أن الإسلام كرم الرجل والمرأة وحثهم على العمل على حد سواء، وأعطى المرأة الحرية الكاملة في التصرف في مالها، وأعطاها حق اختيار العمل أو المهنة التي تميل إليها، وليس فيها مخالفة لنص شرعي.

ويقول الله تعالى في قرآنه: "وقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"، فيما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لَأَنْ يَحْتَطِبَ أحَدُكُمْ حُزْمَةً علَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ له مِن أنْ يَسْأَلَ أحَدًا، فيُعْطِيَهُ أوْ يَمْنَعَهُ".

وتستعرض "الشروق" في حلقات خلال الـ10 أيام الأولى من شهر رمضان، مهن الصحابيات في عهد النبي مع ذكر أمثلة لهؤلاء الصحابيات اللاتي امتهنَ هذه المهنة.

الحلقة الخامسة: تابع مهنة التعليم

يزعم بعض المغرضين والجاهلين أن الإسلام لا يشجع على تعليم المرأة، وأنه يفضل أن تبقى جاهلة أو أقرب إلى الجهل.

وهذا افتراء ظاهر على الإسلام، فما من دين ولا مذهب في الحياة دفع الإنسان إلى العلم كما دفعه إليه الإسلام، إنه دفع الإنسان بشطريه الذكر والأنثى إلى مجالات العلم المختلفة، وإلى ميادين المعرفة والبحث عن الحقائق، بكل قوة، إعلانًا منه أنه الطريق الصحيح إلى معرفة الله والإيمان به، والاستسلام لشرائعه، إنما هو طريق العلم فقال الله "اقرأ باسم ربك الذي خلق".

وهذه الدعوة التي دعا الله بها الإنسان إلى العلم، منذ اللحظات الأولى التي بدأ بها إنزال تعاليم الإسلام، أكبر برهان يدل على التسوية التامة بين شطري الإنسان الذكر والأنثى في دعوتهما إلى العلم والمعرفة، والتأمل فيما خلق الله، والدعوة إلى استخدام الوسيلتين المترابطتين ببعضهما، وهما القراءة والكتابة.

وكانت النساء المسلمات في الصدر الإسلامي الأول متلهفات لمعرفة أمور دينهن، وتبين مشكلاتهنَّ الخاصة، فقد تبادرن إلى مجالس الرسول صل الله عليه وسلم الخاصة، فيعلمهنَّ مما علمه الله، وبيَّن لهنَّ ما بيَّن، وسألنه عن مسائل وأجابهنَّ صلوات الله عليه، ولهذا وجب علينا أن نشير إلى النساء التي امتهن مهنة التعليم في عهد النبي ومن هؤلاء النساء هي حفصة بنت عمر.

حفصة بنت عمر
هي أم المؤمنين حفصة بنت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وأمها زينب بنت مظعون رضي الله عنهم أجمعين.

ولدت في مكة قبل البعثة بـ5 سنوات، وهو العام الذي شارك فيه النبي صل الله عليه وسلم في بناء الكعبة، ولما بلغت سن الزواج تقدم إليها خُنيس بن حُذافة السهمي فتزوجها، حتى جاء ذلك اليوم المبارك الذي أشرقت فيه نفوسهما بأنوار الإيمان، واستجابا لدعوة الحق والهدى، فكانا من السابقين الأولين.

ولما أذن الله للمؤمنين بالهجرة، لحقت حفصة وزوجها بركاب المؤمنين المتجهة صوب المدينة، حتى استقر بهم الحال هناك.

زواج حفصة من النبي
ترملت حفصة بعد موت زوجها خنيس، وعرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه زواجها على كل من أبي بكر، وعثمان، فرفضا الزواج بها، وشكا رضي الله عنه ذلك للنبيّ صلّ الله عليه وسلم، فأخبره النبي بأن حفصة سيتزوجها من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير منها.

وكان زواجها منه عليه الصلاة السلام، وهو خير من عثمان، وعندما التقى أبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما بعد ذلك، أخبره أبو بكر أن النبي كان قد ذكر زواجها أمامه، فخشي أن يُفشي سر رسول الله صلّ الله عليه وسلم، ولو تركها الرسول عليه ولو تركها الرسول عليه الصلاة والسلام لكان تزوّجها، وأصدقَها 400 درهم طبقا لما ورد في كتاب "أم المؤمنين حفصة بنت عمر" للكاتب خالد الحمودي.

حفصة الراوية الفقيهة

وكانت السيدة حفصة بنت عمر صوامة قوامة، وعرف عنها الفصاحة والبلاغة، واهتم النبي صل الله عليه وسلم بتعلميها، فكانت من النساء القليلات اللاتي تعلمن الكتابة على يد الصحابية الشفاء بنت عبدالله.

كما كانت حجرتها مكاناً لحفظ الرقاع والألواح التي كتب عليها القُرآن الكريم، تحافظ عليها وتحميها، وعندما جُمع القرآن في عهد الخليفة أبي بكر بعد إصرار عمر بن الخطاب على ذلك، اعتمد الصحابة على النسخ التي تمتلكها في ضبط المصحف الكريم ومراجعته.

وروت حفصة رضي الله عنها عن النبيّ صل الله عليه وسلم، عدداً من الأحاديث التي بلغ عددها في الكتب الستّة 28 حديثاً؛ فاتفق البخاري ومسلم على رواية 4 أحاديث عنها، وانفرد الإمام مسلم برواية 6 أحاديث عنها، ولها في كتاب بقيّ بن مخلد مسند باسمها يحتوي على 60 حديثا، ويلاحظ أن أغلب ما روته السيدة حفصة رضي الله عنها كان في وصفها لأفعال النبيّ، والتي اشتركت في نقلها نساء النبيّ رضي الله عنهن، وكانت لها مجموعة من الأحاديث التي اختصت بروايتها دون باقي نساء المؤمنين، كحديث ابن الصائد، وخروج الدجال، ورُقية النملة، والدواب التي يباح قتلها وهذا طبقا لما ورد في كتاب الطبقات الكبرى للكاتب أبو عبدالله محمد بن سعد بن منيع.

حفصة حارسة القرآن الكريم
ذُكر في كتاب "أم المؤمنين حفصة بنت عمر" للكاتب خالد الحمودي، أن السبب في أن السيدة حفصة لقبت بذلك اللقب هو أنها الوحيدة من بين أمهات المؤمنين التي وقع الاختيار عليها في حفظ القرآن الكريم؛ بناءً على وصية أوصاها عمر رضي الله عنه، وكانت السيدة حفصة رضي الله عنها وأرضاها أحد أهم مصادر جمع القرآن الكريم في عهد أبيها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، الذي أوصى بحفظ المصحف الشريف الذي كتب في عهد أبي بكر الصديق عند ابنته حفصة.

وتعود قصة جمع القرآن الكريم الذي تم في عهد أبي بكر رضي الله عنه عندما توفي أبي بكر الصديق أخذ النسخة عمر بن الخطاب، ولما استشهد الفاروق وهو يصلي، أوصى أن تكون النسخة محفوظة لدى السيدة حفصة، وبعد تولي الخليفة عثمان بن عفان الخلافة، توالت الفتوحات الإسلامية في عهده، ودخل الكثير من غير العرب الإسلام، فأثروا في اللغة العربية ومقاماتها، كما تأثروا بها أيضاً، وكانت نتيجة هذا التأثر اختلاف القراءة القرآنية لاختلاف الألسنة واللهجات، فعمد عثمان بن عفان أن تحرق جميع النسخ الموجودة للقرآن، ذلك أن يوجد به أخطاء تحرف المبنى والمعنى، وخوفاً من اللحن في اللفظ القرآني الشريف الذي تعهد الله بحفظه، وسعى إلى الاعتماد على نسخة واحدة أصيلة، وكانت هذه النسخة الأصيلة والسليمة هي الموجودة عند السيدة حفصة بنت عمر.

وتوفيت السيدة حفصة في عهد معاوية بن أبي سفيان في شهر شعبان لسنة 21 من الهجرة، ودفنت في البقيع بجانب النبي، وعرف عنها حسن التعبد لله وكثرة القيام والصيام.

اقرأ أيضا:

مهن الصحابيات (4).. الشفاء بنت عبدالله القرشية: أول معلمة في الإسلام



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك