أئمة الإسلام (5).. الإمام البخاري الطفل الذي وهبته أمه للعلم بعدما رد الله إليه بصره - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 8:19 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أئمة الإسلام (5).. الإمام البخاري الطفل الذي وهبته أمه للعلم بعدما رد الله إليه بصره

إلهام عبدالعزيز
نشر في: الإثنين 27 مارس 2023 - 11:45 ص | آخر تحديث: الإثنين 27 مارس 2023 - 11:45 ص

نشأ الإمام البخاري، يتيمًا ووهبته أمه للعلم منذ صغره، فرحل إلى أرجاء العالم الإسلامي رحلة طويلة؛ للقاء العلماء وطلب الحديث حتى سمع من قرابة ألف شيخ، وجمع حوالي 600 ألف حديث، واشتهر شهرة واسعة، وأقرّ له أقرانه وشيوخه ومن جاء بعده من العلماء بالتقدم والإمامة في الحديث وعلومه.

وقال فيه الإمام أحمد بن حنبل: "ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل البخاري".

وقال قتيبة بن سعيد: "يا هؤلاء، نظرت في الحديث وفي الرأي، وجالست الفقهاء والزهاد والعباد، فما رأيت منذ عقلت مثل محمد بن إسماعيل".

وفي ذات السياق، تعرض "الشروق" خلال شهر رمضان الكريم وعلى مدار أيامه، حلقاتها اليومية من سلسلة "أشهر الأئمة في التاريخ الإسلامي"؛ لتأخذكم معها في رحلة نتعرف فيها على بعض الشخصيات التاريخية الإسلامية من أئمة الإسلام الذين سطروا أسماءهم بحروف من نور.

- وفي هذه الحلقة نرصد محطات بارزة في حياة الإمام البخاري...

مولده ونشأته

ولد الإمام البخاري في بخارى إحدى مدن أوزبكستان "حاليا" سنة 194 هـ، وتربى في بيت علم إذ كان أبوه من العلماء المحدثين، واشتهر بين الناس بسمته وورعه، ورحل في طلب الحديث، وتوفي والإمام البخاري صغير، فنشأ البخاري يتيما في حجر أمه.

معجزة عودة بصره

روى المؤرخون، أن بصره أصيب وهو صغير فرأت أمه إبراهيم -عليه السلام- في المنام فقال لها: «يا هذه قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك ولكثرة دعائك»، فأصبح وقد رد الله -سبحانه وتعالى- عليه بصره.

وبعدما عاد إليه بصره وهبته أمه للعلم، فاتجه منذ صغره إلى طلب العلم وحفظ الأحاديث وتحقيقها، فدخل الكتاب صبيا فأخذ في حفظ القرآن الكريم، وأمهات الكتب المعروفة في زمانه، حتى إذا بلغ العاشرة من عمره، بدأ في حفظ الحديث، والاختلاف إلى الشيوخ والعلماء، وحرص على حضور حلقات الدروس.

علم الحديث

لم يكتف البخاري بحفظ الحديث فقط، بل كان حريصا على تمييز الأحاديث الصحيحة من الضعيفة، ومعرفة علل الأحاديث، وسبر أحوال الرواة من عدالة وضبط ومعرفة تراجمهم، وإتقان كل ما يتعلق بعلوم الحديث عموما، ثم حفظ كتب عبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح وهو في السادسة عشر من عمره.

وفي عام 210 هـ، خرج من بخارى راحلاً إلى الحج بصحبة والدته وأخيه أحمد، حتى إذا انتهت مناسك الحج رجعت أمه مع أخيه إلى بلدها، بينما تخلف البخاري لطلب الحديث والأخذ عن الشيوخ، فلبث في مكة مدة ثم رحل إلى المدينة النبوية، وهناك صنف كتاب التاريخ الكبير وعمره ثماني عشرة سنة.

رحلات طلب العلم

تعددت رحلات الإمام البخاري العلمية للأخذ عن الشيوخ، والرواية عن المحدثين، فزار أكثر البلدان والأمصار الإسلامية في ذلك الزمان للسماع من علمائها، وابتدأ طلبه للعلم في بلده بخارى بعد خروجه من الكتّاب، فسمع من شيوخ بلده.

ثم توسع ورحل إلى الأقاليم المجاورة ليسمع من شيوخها، فرحل إلى بلخ، ومرو، والريّ وهراة ونيسابور، ثم ارتحل إلى الحجاز فدخل مكة ثم رحل إلى المدينة النبوية، فاستقرّ بها مدة، ثم انطلق في الأمصار حتى شملت رحلاته أغلب الحواضر العلمية في وقته، فرحل بلاد الشام ومصر، وتوفي عام 256هـ.

مؤلفاته

صنف الإمام البخاري وألف كتبا كثيرة، وقد هيأه للتأليف والكتابة وأعانه عليها ذكاؤه الحاد وسعة حفظه، وذاكرته القوية، ومعرفته الواسعة بالحديث النبوي وأحوال رجاله من تعديل وتجريح، وخبرته التامة بالأسانيد من صحيح وضعيف.

ووصلتنا بعض كتبه وطبعت بينما لا يزال بعضها مفقودا، وجل مصنفاته وكتبه لا تخرج عن السُنّة والحديث وعلومه من رواية ودراية ورجال وعلل، ومن هذه المصنّفات:

1- الجامع الصحيح: والمشهور باسم "صحيح البخاري"، أشهر مصنفاته وأشهر كتب الحديث النبوي على الإطلاق عند أهل السنة والجماعة، ومكث في تصنيفه وترتيبه وتبويبه ستة عشر عاماً.

2- التاريخ الكبير: وهو موسوعة كبرى في التراجم، رتب فيه أسماء رواة الحديث على حروف المعجم، وقد اقترب فيه البخاري من استيعاب أسماء من رُوي عنهم الحديث من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى زمنه.

3- التاريخ الأوسط: بدأه بقصة الهجرة إلى الحبشة، وطرف من السيرة النبوية في المرحلتين المكية والمدنية وترجم لمن توفي من الصحابة في عهد النبي محمد، ثم المتوفين في عهد الخلفاء الراشدين، ثم تكلم على الرواة وأخبارهم ووفياتهم إلى زمنه.

4- التاريخ الصغير: وهو خاص بالصحابة، وهو أوّل مصنّف في ذلك.

محن في حياة الإمام

امتُحِن الإمام البخاري مرتين، الأولى كانت مع شيخه محمد بن يحيى الذهلي على رأس جماعة من الفقهاء والمحدثين في عصره، حيث اتهم البخاري بمسألة القول باللفظ بالقرآن وهل هو مخلوق، وكانت هذه المحنة واحدة من أسباب محنته الثانية مع حاكم بخارى خالد بن أحمد الذهلي.

ونشأت مسألة القول بخلق القرآن في أواخر عهد الخليفة العباسي المأمون، واستمرت طيلة عهد المعتصم والواثق، وبقيت في أوائل عهد المتوكل، وسببت فتنة عظيمة بين أهل السنة والمعتزلة، واندلعت نارها وعمّ خطرها، وشغلت هذه الفتنة المسلمين نحو خمس عشرة سنة إلى أن انتهت في زمن المتوكل.

وتمكن المعتزلة الذين برزوا في عهد المأمون، والتفوا حوله كبشر المريسي، وثمامة بن الأشرس، وأحمد بن أبي دؤاد، من إقناع الخليفة باعتناق الاعتزال، وحمله على القول برأيهم أن القرآن مخلوق، وتمكن القاضي أحمد بن أبي دؤاد أن يغري الخليفة بحمل الناس على هذا القول فكتب المأمون إلى أمراء الأمصار أن يمتحنوا علماء الأمة بهذه المسألة، فمن أجاب فقد سَلم من الأذى، ومن خالف كان جزاؤه الأذى والتنكيل.

اقرأ أيضا: أئمة الإسلام (4).. مالك بن أنس: كيف كانت إحدى فتاواه سببا في تعذيبه وغضب الناس من الدولة العباسية؟

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك