أكدت صحيفة الجارديان البريطانية، في مقال افتتاحي اليوم السبت، أن أهوال الحرب في قطاع غزة وقرارات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حفزت التحول الحاسم في المواقف تجاه إسرائيل، حتى من أقوى حلفائها.
وأوضحت الصحيفة إن التصفيق الذي تلقاه نتنياهو في واشنطن بعد خطابه أمام جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ يوم الأربعاء الماضي، كان أجوفًا حتى في أذنيه، وذلك في أول رحلة له إلى الخارج منذ هجمات أكتوبر الماضي على القطاع.
وأضافت الصحيفة أن ما يقرب من نصف الديمقراطيين في مجلس النواب والشيوخ قاطعوا خطابه أمام الكونجرس، والتقى العديد منهم بدلا من ذلك بأقارب المحتجزين، الذين يشعرون بالغضب من نتنياهو لفشله في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار كما وصفت رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي خطابه بأنه الأسوأ على الإطلاق من قبل أي شخصية أجنبية في الكابيتول.
وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو اعتاد على عدم الشعبية في الداخل حيث يعتقد حوالي 70% من الإسرائيليين أنه لم يفعل ما يكفي لوقف إطلاق النار، وفي الوقت نفسه، هناك عدد مماثل يريده أن يستقيل. لكن في الخارج، يتحمل نتنياهو قدرا كبيرا من المسؤولية عن التحول الحاسم في المواقف تجاه بلاده وكذلك تجاه نفسه، حتى من أقوى حلفائها.
وتابعت الصحيفة أن كل يوم يحمل معه أخبارا عن أهوال جديدة من غزة، ورغم أن السلطات الصحية هناك تقول إن 39 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، لقوا حتفهم منذ بدء الحرب، فإن حتى هذه الأرقام لا تستطيع أن تلخص حجم الخسائر والمعاناة والرعب. وهناك أيضاً فهم متزايد بأن نتنياهو لا يسعى إلى إيجاد مخرج، كما يدعي ويتمنى البيت الأبيض، بل إلى إطالة أمد الحرب.
وأشارت الصحيفة إلى أن محكمة العدل الدولية قدمت هذا الشهر لائحة اتهام دامغة لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، حيث وجدت انتهاكات متعددة للقانون الدولي. وفي حين أن رأيها استشاري غير ملزم، فإنه أيضاً حكم تاريخي، وبيان قانوني موثوق ويشكل تحديا للدول التي انتقدت بناء المستوطنات، لكنها لم تفعل الكثير لوقفها حتى وقت قريب.
ونوهت الصحيفة أن التصعيد الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، دفع أستراليا ونيوزيلندا وكندا أمس الجمعة إلى دعوة إسرائيل إلى الاستجابة لحكم محكمة العدل الدولية، وإلى وقف إطلاق النار الفوري خاصة أن هناك استعدادا متزايدا للاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، كما فعلت إسبانيا والنرويج وأيرلندا هذا الربيع.
وفي واشنطن، وفقا للصحيفة، أبدت نائب الرئيس الأمريكي كامالا هاريس والمرشحة المحتملة للرئاسة الأمريكية، نغمة مختلفة تماما عن رئيسها جو بايدن، عندما أصرت على أنها "لن تظل صامتة" بشأن معاناة الفلسطينيين في غزة.
ورأت الصحيفة أن موقف هاريس غير واضح بشأن ما إذا كانت ستكون أكثر صرامة من حيث الموضوع والخطاب إذا فازت بالرئاسة عن بايدن أم لا ولهذا يعتمد نتنياهو على عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، رغم أنه قطع حتى جسور تلك العلاقة.
ولفتت إلى أن الاتجاه الأساسي في الرأي العام لن يتغير ما لم تتغير إسرائيل نفسها، ففي المملكة المتحدة، حيث كلفت اللامبالاة الملحوظة من جانب حزب العمال بحياة الفلسطينيين أصواتا ومقاعد في الانتخابات، هناك بالفعل تحرك، موضحة إن الحكومة الجديدة استأنفت تمويل الأونروا، وكالة الإغاثة الفلسطينية، بعد توقف فترة طويلة.
كما أسقطت بريطانيا معارضتها لإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب كما سيعلن ديفيد لامي، وزير الخارجية البريطاني، قريبا تعليمات جديدة بشأن توريد الأسلحة إلى إسرائيل حيث قالت مصادر للصحيفة إنه يستعد للإعلان عن حظر جزئي على بيع الأسلحة.
واختتمت الصحيفة مقالها الافتتاحي قائلة :" لقد هزتنا جميعًا الأحداث الأخيرة في إسرائيل وغزة بشدة، ويمثل هذا الصراع الأخير بداية فصل من المرجح أن يؤثر على ملايين الأرواح، سواء في الشرق الأوسط أو أبعد من ذلك، لسنوات مقبلة".