في حال تولت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس منصب الرئيس، ستواجه العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية تحديات جديدة.
وتحت إدارة هاريس، قد تكون هناك تغييرات ملحوظة في السياسة الأمريكية تجاه بيونج يانج، مع التركيز على اتباع استراتيجيات أكثر استقلالية وتفكير استراتيجي بعيد المدى. وسيكون من الضروري مراقبة كيفية تعامل هاريس مع قضايا مثل نزع السلاح النووي والتوترات الإقليمية والتعاون الدولي في هذا السياق.
ويقول المحلل جاكوب بوجل في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" إنه حتى قبل انتخابه في عام 2016، كان الرئيس السابق دونالد ترامب يقدم آراءه حول كل موضوع تقريبا، بما في ذلك وجهات نظره حول كوريا الشمالية، مما وفر للجمهور دليلا كبيرا لاستنتاج سياساته المستقبلية.
أما نائبة الرئيس هاريس، فقد قضت معظم حياتها المهنية في المناصب المحلية وعلى مستوى الولايات قبل أن تخدم لمدة أربع سنوات في مجلس الشيوخ. وهناك، ركزت بشكل كبير على قضايا السياسة الداخلية مثل إصلاح العدالة الجنائية والهجرة واتهام ترامب بالتقصير وعزله.
وبصفتها نائبة للرئيس، كان دورها دعم الرئيس بايدن وسياساته، وليس رسم مسارها الخاص. وبالتالي، هناك ندرة في الآراء المتعلقة بالسياسة الخارجية التي يمكن نسبها إلى هاريس، مما يجعل من الصعب تكوين فكرة واضحة عن كيفية توجيهها للعلاقات المستقبلية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية إذا فازت بالرئاسة. وخلال زيارة لها إلى كوريا الجنوبية في عام 2022، أشارت هاريس إلى أن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية متحدتان في هدف "نزع السلاح النووي الكامل من شبه الجزيرة الكورية". لكن هذه كانت سياسة أمريكية ثابتة عبر إدارات متعددة.
وقد يفترض المرء أن إدارة هاريس من المحتمل أن تستمر في نهج بايدن "المدروس والعملي" تجاه بيونج يانج في البداية. ولكن مع تنامي العلاقة بين كوريا الشمالية وروسيا، قد لا تتمتع الرئيسة هاريس، إذا فازت في الانتخابات، برفاهية مواصلة إهمال بايدن الحميد للبلاد مع انفجار الأسلحة التي تنتجها كوريا الشمالية فوق ساحات القتال الأوكرانية.
وتشير مسيرة هاريس إلى أنها ليست خائفة من إزعاج الوضع الراهن أو العمل عبر الحزبين لتحقيق هدف معين. وهذه سمة ستكون ضرورية لها لإحداث تغيير في تفكير المجتمع الأمني والدبلوماسي الأمريكي من التصلب الذي يعاني منه. وقد استمرت الأساليب السابقة في تقديم سياسات مثل "الصبر الاستراتيجي" غير الفعالة، التي شهدت اختبار كوريا الشمالية للأسلحة النووية في عامي 2013 و2016 خلال فترة الرئيس الأسبق باراك أوباما. كما أن المجتمعات التي لم تتمكن أيضا من التكيف مع أساليب التفاعل الخاصة بالرئيس السابق ترامب مثل كوريا الشمالية، واصلت تطوير أسلحة الدمار الشامل والصواريخ طوال فترة ولايته.
ومن الإنصاف أن نلاحظ أن كلا الرئيسين ترامب وبايدن واجها تحديات صعبة للغاية، وكان الكثير من جهودهما مركزا على المشاكل الداخلية. وبغض النظر عمن سيفوز في انتخابات 2024، سيتعين على هاريس أو ترامب زيادة اهتمام إدارتهما بشبه الجزيرة الكورية.
وإذا ركزت هاريس على هذا الملف، فستظهر مجموعة واسعة من الخيارات تتجاوز المطالبة الكاملة والشاملة والقابلة للتحقق وغير القابلة للتراجع عن نزع السلاح النووي. وبدءا من تحديد الأسلحة ومنع بيونج يانج من نقل التكنولوجيا النووية إلى الخارج إلى القضاء على آليات التمويل غير المشروعة وإعادة الانخراط مع الصين لإعادة الاستقرار على حدودها، تتاح لهاريس فرصة لدفع الأمور إلى الأمام.
وقد نحصل على بعض الأفكار حول ما إذا كانت هاريس قد تتعامل مع بيونج يانج بشكل مختلف عن الرؤساء السابقين من خلال النظر إلى تصرفاتها وكلماتها في مجالات أخرى. وفيما يتعلق بالصراع بين إسرائيل وغزة، أثارت استعداداتها لإظهار اختلافها عن الرئيس بايدن جدلا في بعض الدوائر الحزبية. ومع ذلك، فإن ذلك يظهر أيضا أنها ستدافع عن معتقداتها الخاصة حتى وإن كانت تتعارض مع الآخرين.
وفي إطار مهمتها لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية، عملت هاريس مع قادة دول مثلث الشمال (السلفادور، هندوراس، وجواتيمالا) لوقف هذا التدفق. وعلى الرغم من أن معدل نجاحها قد نوقش، فإنها أظهرت استعدادها لبذل الجهد ومحاولة حل جذور الهجرة غير الشرعية، وليس مجرد التعامل مع أعراضها.
وهل ستكون الرئيسة هاريس قادرة على تكريس الوقت والجهد اللازمين لتحقيق تقدم بشأن كوريا الشمالية؟ إذا كان بإمكانها القيام بذلك، فستحتاج إلى اتباع مسار أكثر استقلالية من الأساليب التقليدية المتبعة. وستحتاج أيضا إلى فهم الأسباب الجذرية التي أوصلت العالم إلى هذه النقطة، بالإضافة إلى الاعتراف بأن بيونج يانج سترفض المطالب الغربية بالتخلص الفوري من الأسلحة النووية، وهو ما يتفق عليه خبراء كوريا الشمالية بشكل عام بأنه سبب فشل قمة هانوي في عام 2019.
وما هو مؤكد بشأن سياسة هاريس تجاه كوريا الشمالية هو أنه لن يتم تبادل أي "رسائل ود" مع كيم جونج أون.