تحل اليوم ذكرى رحيل الكاتب والروائي الكبير بهاء طاهر، والذي ولد في 13 يناير من عام 1935، ورحل عن عالمنا في 27 أكتوبر من عام 2022 عن عمر ناهز ال 87 عام.
يعد بهاء طاهر أحد أهم الكتاب في الأدب المصري والعربي بشكل عام، ولاقت أعماله صدى كبير في الأوساط الثقافية، وامتدت لكل الأوساط العامة، وفي ذكرى رحيله نسترجع معا روايتين من أهم ما كاتب طاهر في مسيرته الأدبية الحافلة، وهما رواية «خالتي صفية والدير»، ورواية «واحة الغروب».
ربما يكون لذلك التقدير عدة أسباب، فقد حصل بهاء طاهر على جائزة رفيعة لكل رواية منهم، وبجانب تفرد هاتين الروايتين رغم عدم وجود رابط بينهما، ولكنهما يتشاركان في شيء سيخلد اسم بهاء طاهر ليس فقط لدى القراء، بل لدى الناس كافة، ألا وهو تحويل العملان إلى أعمال مرئية.
تحولت رواية «خالتي صفية والدير» الفائزة بجائزة «جوزيبي اكيربي» الإيطالية عام 2000، إلى مسلسل تلفزيوني يحمل نفس الاسم عام 1994، من بطولة بوسي، ممدوح عبد العليم، وحمدي غيث، سيناريو وحوار يسر السيوي، ومن إخراج إسماعيل عبد الحافظ، ويعد المسلسل من أيقونات الدراما المصرية.
تحكي رواية «خالتي صفية والدير» عن صفية الفتاة القروية الجميلة والتي تقيم مع بعض أقاربها وتتطلع فى صمت لابن عمها مجازا حربي الشاب القوي، الوسيم، المليء بالحياة والكبرياء، ولكنه لا يدرك مدى حب صفيه له، بل يصل به الأمر أن يتوسط في زواجها من البك القنصل الغني، صاحب المقام العالي في القرية.
وهنا توافق صفية على الزواج من البك رغم فارق السن الكبير، ولكنها لا تغفر لحربي أبدا تجاهله لحبها، وتتوالى أحداث الرواية، وتنجب صفية الطفل حسان، وتحقق حلم البك الذى طال انتظاره، وتقع الكارثة وهي محاولة الاعتداء على الطفل حسان، وهنا تأتي فرصة صفية للانتقام من حربي، وتقنع البك أن حربي هو الفاعل وتتطور الأحداث فى تسلسل وانسيابية فى تصوير الحياة فى قرى مصر بنظرة شديدة الواقعية إلى أن نصل إلى نهاية الرواية.
فى هذه الرواية، تظهر قدرة بهاء طاهر في استخدام عبارات سهله ذات رؤيه عميقة يستطيع القاريء أن يفهمها، ويتعايش مع أبطالها كأنك جزء من الأحداث، ولن تستطيع أن تتركها إلى مع كلمة النهاية.
ترجع أهمية الرواية إلى أنها أحد الروايات القلائل التي صورت العلاقة بين المسلمين والمسيحيين وتعايشهم في قرية واحدة، وما بها من أحداث تجمعهم معا في صورة شديدة الواقعية للحياة كما هي دون مبالغة أو اقحام أحداث دون داع، فنجد من مشاهد الرواية الشيخ الأزهري يصحب ابنه إلى الدير ليهنىء الرهبان بأعيادهم، وطفل مسلم يحمل كحك العيد إلى جيرانهم المسيحيين، وقبطي يرشد الفلاحين إلى كيفية الزراعة الصحيحة، بالإضافة إلى شخصية المقدس بشاي، والذي كان أشهر أهل الدير في القرية وله دور رئيسي في سير الأحداث.
أما رواية «واحة الغروب»، والتي حققت نجاحا كبيرا على المستوى الجماهيري والنقدي، وفازت بالجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»، فقد تحولت هي الأخرى لمسلسل تلفزيوني عام 2017، المسلسل من بطولة خالد النبوي، منة شلبي، سيد رجب، أحمد كمال، ورشدي الشامي، سيناريو وحوار مريم نعوم وهالة الزغندي، ومن إخراج كاملة أبو ذكري، وحقق المسلسل نجاحا كبيرا.
في رواية «واحة الغروب»، يعود بهاء طاهر إلى نهايات القرن التاسع عشر، وبداية الإحتلال البريطاني لمصر؛ حيث يُرسل ضابط البوليس المصري محمود عبدالظاهر، والذي كان يعيش حياة لاهية بين الحانات وبنات الليل إلى واحة سيوة؛ لشك السلطات في تعاطفه مع الأفكار الثورية لجمال الدين الأفغاني وأحمد عرابي.
ويصطحب إلى الواحة زوجته الأيرلندية كاثرين الشغوفة بالآثار، والتي تبحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر، لينغمسا في عالم جديد شديد الثراء والخصوصية، مازجا بين الماضي والحاضر والذاتي والموضوعي والتاريخي، مقدما تجربة مشوقة للعلاقة بين الشرق والغرب على المستويين الإنساني والحضاري بما فيها من صراع وتوافق عبر مواجهة شجاعة للنفس في زمن اختلطت فيه الانتهازية والخيانة والرغبة بالحب والبطولة.