حظي اتفاق لوقف إطلاق النار، قد ينهي أكثر من عام من القتال عبر الحدود بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، بتأييد القيادات الإسرائيلية، مما أثار الأمل وأعاد طرح أسئلة صعبة في منطقة تعصف بها الصراعات.
كما أبدى قادة حزب الله دعما مؤقتا للاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، والذي يقدم للطرفين مخرجا من الأعمال العدائية التي أدت إلى نزوح أكثر من 2ر1 مليون لبناني و50 ألف إسرائيلي من منازلهم.
وأسفر الهجوم الجوي المكثف من قبل إسرائيل عن مقتل أكثر من 3800 شخص، كثير منهم من المدنيين، وفقا للمسؤولين اللبنانيين.
ومع أن الاتفاق، الذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ صباح اليوم الأربعاء، قد يسهم بشكل كبير في تهدئة التوترات التي اشتعلت في المنطقة، إلا أنه لا يقدم حلا مباشرا للحرب الأكثر دموية التي تدور في قطاع غزة منذ هجوم حماس على جنوب إسرائيل في أكتوبر 2023 والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص.
وكان حزب الله، الذي بدأ في إطلاق عشرات الصواريخ نحو إسرائيل في اليوم التالي دعما لحماس، قد أعلن في وقت سابق أنه سيستمر في القتال حتى يتوقف القتال في غزة.
وهذا ما يجب أن تعرفه عن اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت وتداعياته المحتملة.
بنود الاتفاق:
يتضمن الاتفاق، وفقا لتقارير، وقفا للقتال لمدة 60 يوما، حيث من المتوقع أن تنسحب القوات الإسرائيلية إلى الجانب الإسرائيلي من الحدود بينما يُطلب من حزب الله إنهاء وجوده المسلح في مساحة واسعة من جنوب لبنان.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الثلاثاء إن الاتفاق من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في الساعة 0400 صباحا بالتوقيت المحلي يوم الأربعاء (0200 بتوقيت جرينتش).
وبموجب الاتفاق، سيتم نشر آلاف الجنود اللبنانيين وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب نهر الليطاني. وستقوم لجنة دولية تقودها الولايات المتحدة بمراقبة التزام جميع الأطراف بالاتفاق. وقال بايدن إن الاتفاق "صُمم ليكون وقفا دائما للأعمال العدائية".
وطالبت إسرائيل بحرية العمل إذا انتهك حزب الله التزاماته، إلا أن المسؤولين اللبنانيين رفضوا إدراج ذلك في الاقتراح. وشدد وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، الثلاثاء على أن الجيش الإسرائيلي سيستهدف حزب الله إذا لم توفر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، المعروفة باسم "اليونيفيل"، "تنفيذا فعالا" للاتفاق.
شكوك مستمرة
قال أحد قادة حزب الله إن دعم الحزب للاتفاق يعتمد على وضوح أن إسرائيل لن تجدّد هجماتها.
وأضاف محمود قماطي، نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله، لشبكة الجزيرة القطرية: "بعد مراجعة الاتفاق الموقع من قبل حكومة العدو، سنرى إذا كان هناك تطابق بين ما ذكرناه وما تم الاتفاق عليه من قبل المسؤولين اللبنانيين".
وتابع قائلا: "نريد إنهاء العدوان بالطبع، ولكن ليس على حساب سيادة دولة لبنان".
وقال الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الثلاثاء، إن مخاوف إسرائيل الأمنية تم تناولها في الاتفاق الذي توسطت فيه فرنسا أيضا.
أين تركت المعارك الطرفين
بعد أشهر من القصف المتبادل عبر الحدود، يمكن لإسرائيل أن تدّعي انتصارات كبيرة، بما في ذلك قتل الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، ومعظم قادته العسكريين، وتدمير البنية التحتية الواسعة للجماعة المسلحة.
ما يُنسب إلى إسرائيل هجوم معقد في سبتمبر تضمن انفجار المئات من أجهزة الاتصال اللاسلكي وأجهزة "البيجر" التي كان يستخدمها حزب الله، مما يشير إلى اختراق ملحوظ للجماعة المسلحة.
ولا يقتصر الضرر الذي لحق بحزب الله على صفوفه فحسب، ولكن أيضا بسمعته التي بناها من خلال محاربته إسرائيل في حرب 2006. ومع ذلك، تمكن مقاتلوه من تقديم مقاومة شديدة على الأرض، مما أبطأ تقدم إسرائيل بينما واصلوا إطلاق العشرات من الصواريخ والقذائف والطائرات المسيرة عبر الحدود يوميا.
ويقدم وقف إطلاق النار فرصة لالتقاط الأنفاس للطرفين، إذ يمنح الجيش الإسرائيلي الذي يعاني من الضغط فرصة للراحة، ويتيح لقادة حزب الله الترويج لفعالية الجماعة في الحفاظ على مواقعها على الرغم من التفوق العسكري الهائل لإسرائيل. لكن من المرجح أن يواجه الحزب محاسبة، حيث يتهمه العديد من اللبنانيين بربط مصير بلادهم بمصير غزة خدمة لحليفها الرئيسي إيران، مما ألحق أضرارا كبيرة بالاقتصاد اللبناني الذي كان يعاني بالفعل من وضع صعب.
لا إجابات بشأن غزة
حتى الآن، أصر حزب الله على أنه لن يوقف هجماته على إسرائيل إلا عندما توافق على التوقف عن القتال في غزة. ومن المحتمل أن يرى البعض في المنطقة أن أي اتفاق بين الحزب وإسرائيل يعد استسلاما.
وفي غزة، حيث يقول مسؤولون إن الحرب أودت بحياة أكثر من 44 ألف فلسطيني، ألحقت إسرائيل خسائر كبيرة في صفوف حماس، بما في ذلك قتل كبار قادة الجماعة، لكن مقاتلي حماس ما زالوا يحتجزون عددا من الرهائن الإسرائيليين، مما يمنح الجماعة المسلحة ورقة تفاوضية في حال استؤنفت مفاوضات الهدنة غير المباشرة. ومن المحتمل أن تواصل حماس المطالبة بهدنة دائمة وانسحاب إسرائيلي كامل من غزة في أي اتفاق من هذا القبيل.
ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس الثلاثاء بتدخل دولي عاجل. وقال في خطاب ألقاه المندوب الفلسطيني في الأمم المتحدة: "الطريقة الوحيدة لوقف التصعيد الخطير الذي نشهده في المنطقة، والحفاظ على الاستقرار الإقليمي والدولي، والأمن والسلام، هي حل قضية فلسطين".