أعلن مجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة، عقد اجتماع طارئ لأعضائه، بعد غد الأربعاء، لمناقشة مشروع القانون المقترح داخل مجلس النواب بشأن تعديل طريقة اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية وتوسيع سلطة رئيس الجمهورية بشأنها، مؤكداً أن "مجلس الإدارة سيظل في حالة انعقاد حتى التأكد من عدم إقرار هذا القانون المشبوه".
وقال المجلس في بيان له: "طالعنا ببالغ الاهتمام الاقتراح بقانون المقدم من أحد السادة نواب مجلس الأمة وأتخذ طريقه بسرعه مذهلة نحو الإقرار والاعتماد، وتضمن المشروع مضموناً وحيداً شمل كل من جهتي القضاء العادي والقضاء الإداري، وشمل أيضاً كل من هيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة".
وتابع: "كان ذلك في مادة مستقلة لكل من هذه الجهات والهيئات المشار إليها تنص على أن يعين رؤساء هذه الجهات بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاث من نوابهم ترشحهم مجالسهم العليا ، مع تعديل قوانين الجهات المشار إليها وإلغاء ما يتعارض مع أحكام مشروع القانون" .
وعدد المجلس من ملاحظاته على مشروع القانون المشار إليه، والتي جاء في مقدمتها مسألة انعدام الضرورة الملحة التي تقتضي إقرار مثل ذلك القانون، حيث أكد المجلس على أنه في الوقت الذي تحتاج فيه الأمه المصرية إلي الوحدة والتكاتف والتضامن والاصطفاف خلف قيادتها لمواجهة الأخطار الجسيمه التي تواجهها مصر ، يأتي هذا المشروع الذي نراه نواه لفتنه بالغه الخطورة لا تجني منها بلدنا الحبيب سوى المزيد من الانقسام وتفتت في عضدها وتوهن شراينها وتمس استقلال أهم مؤسساتها الوطنيه والقومية.
وأضاف أعضاء المجلس أنهم لاحظوا أيضا أنه في الوقت الذي تقدم فيه مجلس الدولة بمشروع قانون لتعديل قانونه وبتعديل اختصاصات كل من محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية بما يساهم في تحقيق العدالة الناجزة وسرعة الفصل في القضايا وهي مصلحة عامة يسعى إليها كل الوطن ، فإن هذا المشروع قد جرت مناقشته من مجلس النواب وتم إقراره بصوره نهائية من المجلس ، وقد فوجئنا بأن تعليمات مجهولة قد صدرت بوضع القانون الذي تم إقراره حبيساً في أدراج مجلس النواب والامتناع من إخطار السيد رئيس الجمهورية به لإصداره وهو ما ينطوي على تعطيل لإرادة مجلس النواب وابتداع وسيلة جديدة لتعطيل القوانين التي يقرها المجلس ويحتاج إليها الشعب المصري لمواجهة أزمة يتحدث عنها القاصي والداني بما يضر بمصالح المواطنين ويمس المصلحة العليا للدولة وفي الوقت الذي يظل فيه قانون معطلاً رغم حاجة الناس إليه ، نجد مشروعاً آخر يتضمن تفويض أهم ضمانات استقلال القضاء ودون وجود ثمة مصلحة حقيقية ترجى منه.
وأشار البيان إلى أن قضاة مجلس الدولة فوجئوا بهذا المشروع يجرى إعداده والانتهاء من عرضه على اللجان المختصه بالمجلس والإسراع في تجهيز جلسه لنظره بصورة مريبه ودون أن يكون لمجلس النواب ثمة موقف أو رد فعل بشأن سلب إرادة النواب وتعطيل صلاحياته بشأن الذي قام بإقراره ولا يزال حبيس الإدراج لأسباب مجهولة حتى الآن.
وفي ثالث ملاحظاته على مشروع القانون شدد المجلس هلى أن قضاة مصر انتفضوا للدفاع عن استقلاله في مواجهة الهجمة الشرسة في عهد رئيس جماعه الإخوان محمد مرسي العياط ، والآن يواجه قضاة مصر هجوماً بالغ الخطورة على استقلاله يتجاوز في خطورته هجوم جماعة الإخوان ، ونربأ بمجلس النواب وبالسيد رئيس الجمهورية الموافقة على هذا المشروع المشبوه.
وأكد البيان على تضمن مشروع القانون لمخالفات جسيمة وبالغه الخطورة لأحكام الدستور ، وهذه المخالفات الواضحه نرى أنها لم تكن تخفى على من أعدو هذا المشروع المشبوه ، وتتجلى هذه المخالفات فيما يلي:
1- أن المشروع يتضمن تغيير دور رئيس الجمهورية من مجرد الاعتماد والتوقيع على من اختاره قضاة مجلس الدولة رئيساً لمجلسهم ومحكمتهم العليا إلي منحه سلطة تقديرية في اختيار وتعيين رئيس مجلس الدولة – ورئيس المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى – وهو ما ينطوي على إخلال جسيم بنص المادة 94 من الدستور التي تنص على أن (استقلال القضاء وحصانته وحيدته ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات.
2- تنص المادة 185 من الدستور على أن تكون كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها وليس من شك في أن تعيين رئيس المحكمة الإدارية العليا ورئيس محكمة الأحزاب (رئيس مجلس الدولة) هو من أخص وأهم شئون قضاء وقضاة مجلس الدولة ، ولا يجوز أن يكون لذي سلطة أخرى ثمة دور في اختيار أو تعيين رئيس أعلى المحاكم المصرية وسدنه قضاتها وشيخها وقاضي قضاة مجلس الدولة بما ينال من استقلاله أو حيدته ، بل أن الدستور جعل في المادة 184 منه التدخل في شئون العدالة أو القضايا جريمة لا تسقط بالتقادم ، مع ملاحظة أن لفظ (شئون العدالة) هو ذات ما ورد بالنص عليه بالمادة 185 بحسبان تعيين رئيس المحكمة الإدارية العليا ورئيس محكمة الأحزاب (رئيس مجلس الدولة) هو من أهم شئون العدالة في مجلس الدولة وتتساوى هذه الجريمة مع التدخل في القضايا التي تنظرها محاكم مجلس الدولة .
3- تنص المادة 186 من الدستور على أن القضاة مستقلون غير قابلين للعزل ، لا سلطان عليهم في عملهم لغير القانون ، وهم متساوون في الحقوق والواجبات .............. وذلك كله بما يحفظ استقلال القضاء والقضاة وحيدتهم ويحول دون تعارض المصالح ..)
وحيث أن مشروع القانون المعروض في مجلس النواب من شأنه أن يهدم ويقود استقلال القضاء وحيدة قضاته لأنه في أضعف الأحوال سيؤدي إلي انقسام القضاة وزرع بذور الفتنه بينهم في ترشيح ثلاثة من نواب رئيس مجلس الدولة دون التقيد بقيد الأقدمية – طبقاً لمشروع القانون – ثم المساس بحيدتهم في محاولة التقرب – سواء بالقول أو بالفعل أو الاتصال أو التقرب بأي صورة من الصور – لمؤسسة الرئاسة لنيل رضا وموافقة السيد الرئيس على اختياره وتعيينه رئيساً للمحكمة الإدارية العليا ورئيساً لمحكمة الأحزاب ورئيساً لمجلس الدولة ، وهو ما ينال من جوهر ضمانة استقلال القضاء والقضاة وحيدتهم .
4- أن مشروع القانون المعروض يتضمن – كما سلف القول – تخويل السيد رئيس الجمهورية سلطة اختيار وتعيين واحداً من بين ثلاث مرشحين ، ومن ثم يكون للرئيس أن يختار أحدث المرشحين الثلاثة ويصدر قراره بتعيينه ، وهذا القرار يتضمن عزلاً صريحاً للأثنين الآخرين الأقدم ممن جرى اختياره بغير الطريق التأديبي وذلك لاستحالة بقائهما وجعلهما مرؤوسين لمن هو أحدث منهما ، والقول ببقائهما ينطوي على إخلال جسيم بمبدأي المساواة والأقدمية وهما عماد وجوهر الوظائف القضائية التي تأبى أن يكون الأحدث رئيساً للأقدم فيما مجال العمل ومن ثم عدم جواز الانتقاص من حق الأقدم في تولي رئاسة المحكمة الإدارية العليا ومحكمة الأحزاب ورئاسة المجلس الخاص ورئاسة كافة أجهزة مجلس الدولة ، كما ينطوي المشروع على هدم لمبدأ التدرج الهرمي للوظائف القضائية بمجلس الدولة وعدم التقيد بمبدأ الأقدمية الذي أهدره المشروع المعروض.
5- أن المشروع المعروض يتضمن ازدواجية وتفرقه غير مبرره وإخلال بمبدأ المساواة ، إذ اقتصر مشروع القانون على تدخل في تعيين رئيسي محكمتي النقض والإدارية العليا ، وذلك دون المساس بالمحكمة الدستورية العليا التي تتمتع بذات الحصانة والاستقلال الذي يتمتع به جهتي القضاء العادي والإداري ، وإذا كان المشروع يحفظ للمحكمة الدستورية العليا استقلالها وحيدتها فإنه ليس هناك ثمة مبرر للتفرقة وجعل المساس باستقلال وحيده القضاء العادي والقضاء الإداري أمراً مباحاً ووجوب الالتزام بذات المبدأ بعدم جواز المساس باستقلال جميع جهات القضاء.