ذكرت إذاعة "راديو فرانس" في تقرير لها اليوم السبت، أن 31 دولة اجتمعت في باريس أمس، دون الولايات المتحدة، لتنظيم دعمها لأوكرانيا في هذه الفترة الحساسة، وهو ما يمثل بادرة لمفهوم "الناتو الناعم" غير المسبوق في وقت تبتعد فيه واشنطن عن حلفائها.
وتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "الخروج من حالة القاصر الجيوسياسي"، مشيرًا إلى مرحلة جديدة في العلاقات الدولية.
وأضافت إذاعة "راديو فرانس" أن إيمانويل ماكرون استخدم تعبيرًا جريئًا وصف فيه الفترة الحالية في أوروبا، حيث قال إنها تمثل "الخروج من حالة القاصر الجيوسياسي"، هذا التصريح جاء في ختام اجتماع "تحالف المتطوعين" في باريس، حيث اجتمعت 31 دولة لدعم أوكرانيا في ظل الأوضاع الحالية، التي لا تزال غير مستقرة، وتحمل في طياتها العديد من المخاطر.
واعتبرت الإذاعة الفرنسية "أن الغياب الكبير في هذا الاجتماع كان الولايات المتحدة، وهي التي كانت تعد دائمًا ركيزة أساسية في التحالف الغربي".
ورأت أنه على ما يبدو أن الدول الأوروبية والأعضاء في الناتو غير الأوروبيين بدأت في اتخاذ خطوات أكثر استقلالية في ظل تراجع دور واشنطن، وهو ما يعكس تغيرًا جذريًا في موازين القوى الدولية.
وأوضحت "راديو فرانس" أن ما يوحد هذه الدول هو الوعي المتزايد بأن "قائد العالم الحر" تحول إلى قوة إمبريالية أنانية، مما جعل العديد من الحلفاء يشعرون بأنهم أصبحوا عرضة للتهديد في عالم معقد ومضطرب.
ووفقاً للإذاعة الفرنسية فإن أكثر ما يلفت الانتباه في هذا الاجتماع هو الغياب الكبير: الولايات المتحدة، جميع الدول الحاضرة هي حلفاء للولايات المتحدة.
وتابعت: "من هنا جاءت عبارة "الخروج من حالة القاصر الجيوسياسي"، في إشارة إلى نوع من التحرر والنضوج السياسي، موضحة أنه في الاجتماع، كان هناك نوع من إعادة تشكيل الغرب دون الأمريكيين: كان حاضراً معظم دول الاتحاد الأوروبي (باستثناء المجر تحت قيادة فيكتور أوربان، سلوفاكيا، النمسا ومالطا)، ودول الناتو غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل المملكة المتحدة والنرويج وكندا وتركيا، وحتى أستراليا من المحيط الهادئ البعيد".
كما اعتبرت الإذاعة الفرنسية أن غياب الأمريكيين كان واضحًا جدًا، ويُعد علامة على تغير الزمن".
وقالت الإذاعة الفرنسية إن ما يوحد هذه الدول هو الإدراك المؤلم أن "قائد العالم الحر"، كما كان يُسمى في أيام الحرب الباردة، أصبح فجأة قوة إمبريالية أنانية لا تعرف لا حلفاء ولا أصدقاء؛ وأن جميع الذين غفلوا طويلاً وهم يظنون أنهم محميون من "العم سام"، يجدون أنفسهم اليوم في موقف ضعيف في عالم مليء بالمخاطر.
وأضافت أن هذا "التحالف الطوعي"، الذي لا يزال مليئًا بالتناقضات، تم تنظيمه في بضعة أسابيع عندما أصبح واضحًا أن أوكرانيا قد تدفع ثمن هذا التحول.
ورأت الإذاعة الفرنسية أن مشهد إذلال فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي ربما هو الشرارة التي أثارت الوعي الكامل.
وتابعت أنه "في هذه الفوضى، ظهرت "التحالف الطوعي"، كنوع من "الناتو الناعم"، بتحديد اثنين من القادة المشتركين: فرنسا والمملكة المتحدة، وهما قوتان نوويتان، ويمتلكان جيوشًا أكثر خبرة من غيرهما، مشيرة إلي أن تواجد إيمانويل ماكرون وكير ستارمر في الصفوف الأمامية مع رؤساء أركانهما في تنسيق أكثر من ودّي.
-هل هذا تحالف جديد؟
ووفقاً للإذاعة الفرنسية، فإنه من السابق لأوانه القول بذلك، لأن هذا التحالف لا يزال يبحث عن تماسكه، موضحة أن ذلك يظهر في قضية "القوة الأوروبية للتطمين" التي تم الحديث عنها منذ أسابيع، والتي من المفترض أن تُرسل إلى أوكرانيا بعد وقف إطلاق النار.
وأشار إلي أن عدد قليل من الدول مستعدة للمشاركة في هذه القوة إلى جانب الفرنسيين والبريطانيين، وليس من المؤكد حتى أنها ستتحقق في غياب ضمانات أمريكية.
وأوضحت "راديو فرانس" أن هناك أيضًا أصوات مختلفة، مثل جورجيا ميلوني، التي أعربت أمس عن أملها في دعوة الولايات المتحدة إلى الاجتماع المقبل لـ "المتطوعين".
وأضافت أنه رغم التذبذب، يحدث شيء غير مسبوق بالفعل برؤية هؤلاء الحلفاء المخلصين للولايات المتحدة ينظمون أنفسهم بدونها، موضحة أنها لحظة تاريخية، حتى وإن كان يجب توخي الحذر في تقييم قدرتها على تغيير الوضع فعليًا.