شهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية انتشارًا واسعًا لصور تم توليدها بواسطة الذكاء الاصطناعي عبر منصة "شات جي بي تي"، وجاءت هذه الصور بأسلوب الرسوم المتحركة الشهير الذي يميز استوديو "جيبلي" الياباني، المعروف بأعماله الكلاسيكية مثل "توتورو" و"الأميرة مونونوكي".

سارع كثيرون لاستخدام تلك الصور المعدلة كصور شخصية على فيسبوك وإنستجرام وتويتر، إلى جانب مشاركتها في تخيّل لأشهر الأفلام المصرية بأسلوب استوديو "جيبلي" الياباني من "الكيت كات" إلى "إسماعيلية رايح جاي"، حيث ظهرت الشخصيات في مشاهد بألوان دافئة وعيون واسعة كأنها خرجت من عالم ميازاكي، في تجربة بصرية جمعت بين النوستالجيا المصرية وسحر الأنمي الياباني.

والملفت أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة Open AI، انضم إلى الموجة وقام بتغيير صورته الشخصية على منصة "إكس" (تويتر سابقًا) إلى صورة مرسومة بنفس الأسلوب، وهو ما زاد من انتشار الظاهرة، لكنه في الوقت نفسه فتح الباب أمام تساؤلات قانونية حول حقوق النشر.

-الذكاء الاصطناعي والفن: علاقة متوترة

بمجرد إطلاق مولد الصور الجديد يوم الأربعاء، بدأ المستخدمون في نشر صور خيالية بأسلوب جيبلي لأشخاص ومشاهد شهيرة مثل إيلون ماسك والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ومشاهد من "سيد الخواتم"، بل وحتى صور تحاكي هجمات 11 سبتمبر.

وفي تطور لافت، نشر الحساب الرسمي للبيت الأبيض صورة بأسلوب جيبلي تظهر امرأة تبكي أثناء تقييدها من قبل ضابط هجرة قبل ترحيلها.

وعلى الرغم من أن الأداة كان من المقرر أن تكون متاحة مجانًا، إلا أن الإقبال الكبير على استخدامها دفع الشركة إلى قصرها مؤقتًا على المشتركين بنظام الدفع فقط.

ويُعد هذا الإصدار الجديد من شات جي بي تي – والمدعوم بنموذج GPT-4o – هو الأقوى حتى الآن، ويتميز بقدرته على توليد صور دقيقة من خلال أوامر بسيطة، وهو ما جذب ملايين المستخدمين في وقت قصير.

-ميازاكي يرفض الذكاء الاصطناعي

مع تصاعد الظاهرة، عاد للواجهة مقطع فيديو شهير يعود لعام 2016 يظهر فيه المخرج الياباني الكبير "هاياو ميازاكي"، أحد مؤسسي استوديو جيبلي، وهو يهاجم فكرة استخدام الذكاء الاصطناعي في الفن، وقال حينها: "لن أرغب أبدًا في دمج هذه التقنية في أعمالي، وأشعر أنها إهانة للحياة نفسها".

الفنانة والرسامة "جايد إيت كاسي" علّقت على الانتشار الواسع للصور قائلة: "هذا الأمر يبدو خبيثًا لأنه يتناقض تمامًا مع موقف ميازاكي المعروف من التكنولوجيا".

وأضافت: "في كل مرة، يكون هناك نوع من الاحتقار تجاه الفنانين الحقيقيين".

-"أوبن إيه آي" في مرمى القضايا

وتواجه شركة Open AI حاليًا العديد من الدعاوى القضائية المتعلقة بانتهاك حقوق النشر، أبرزها دعوى مقدمة من صحيفة نيويورك تايمز، إلى جانب شكاوى من فنانين وناشرين وموسيقيين.

وعند سؤالها عن مدى قانونية استخدام أسلوب جيبلي في الصور المنتشرة مؤخرًا، أوضحت الشركة أنها تواصل ضبط نموذجها لتقديم أفضل تجربة ممكنة للمستخدمين.

وقالت المتحدثة باسم الشركة: "هدفنا هو منح المستخدمين حرية إبداعية واسعة، ونحرص في الوقت نفسه على عدم السماح بتوليد صور بأسلوب فنانين ما زالوا على قيد الحياة".

وأضافت: "نسمح باستخدام الأساليب العامة للاستوديوهات، وقد شاهدنا المستخدمين يبتكرون أعمالًا ملهمة وجميلة."

-ضغوط تشريعية وتمويلات تاريخية

وتسعى الشركة حاليًا للضغط على البيت الأبيض والكونغرس من أجل تضمين استخدام المحتوى المحمي بحقوق النشر ضمن ما يُعرف بـ"الاستخدام العادل"، وهو مبدأ قانوني يتيح استخدام بعض المواد المحمية لأغراض تعليمية أو ساخرة أو بحثية دون إذن مسبق.

وتُطبق هذه القاعدة حاليًا على محركات البحث والميمات الساخرة المنتشرة على الإنترنت.

وفي سياق متصل، أفادت وكالة "بلومبرج" أن "أوبن إيه آي" تقترب من إتمام صفقة تمويل عملاقة بقيمة 40 مليار دولار، بقيادة مجموعة "سوفت بنك"، ما قد يجعلها أكبر صفقة تمويل في تاريخ الشركات الناشئة.

ومن المتوقع أن ترتفع إيرادات الشركة السنوية إلى 12.7 مليار دولار خلال عام 2025، مقارنة بـ3.7 مليار في العام الماضي.