شدد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم الأحد، على ضرورة اعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية خلال اكثر من 130 عاما من احتلال بلاده، مؤكدا أن الجزائر لن تغفر ولن تنسى.
وأوضح تبون، في خطاب موجه للأمة أمام أعضاء البرلمان بغرفتيه، أن الجزائر لا تسعى للحصول على تعويضات مالية، بل تطالب باعتراف صريح وواضح بتلك الجرائم التي وصفها بأنها "إبادة جماعية موثقة بالأدلة والشهادات".
واستدل تبون، بالجرائم البشعة التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي، وذكر قصف قبيلة بن شورة بالغاز، ووضع الناس في أكياس، إلى المجازر التي شهدتها منطقة الزعاطشة.
كما لفت إلى المجازر الجماعية، مثل أحداث مايو 1945، التي أودت بحياة أكثر من 45 ألف جزائري في شهر واحد فقط. وجرائم مروعة أخرى ارتكبتها فرنسا، منها الخنق بالدخان، وقطع رؤوس الشهداء.
ولا تزال الجزائر تطالب باستعادة جماجم 500 شهيد محتجزة في المتاحف الفرنسية، وقد تسلمت 24 جمجمة فقط حتى الآن.
وتناول الرئيس الجزائري الآثار الكارثية للتجارب النووية الفرنسية في الجنوب الجزائري في ستينيات القرن الماضي، التي خلفت أمراضًا وأضرارًا بيئية لا تزال قائمة إلى اليوم، حيث خاطب الفرنسيين بالقول: " لقد أرادوا الانضمام إلى نادي الدول النووية على حسابنا. لسنا بحاجة إلى أموالكم، تعالوا نظفوا ما تركتموه".
وفنّد تبون، الادعاءات الفرنسية التي زعمت أن الجزائر كانت أرضًا خاوية مليئة بالمستنقعات، وأكد أن بلاده كانت تزود روما بالقمح، وأنها كانت تضم شعبًا متعلمًا في الوقت الذي كان فيه الجنود الفرنسيون أميين.
واستطرد يقول: "عند بداية الاحتلال عام 1830، كان عدد سكان الجزائر أربعة ملايين. وعند الاستقلال، لم يتجاوز العدد تسعة ملايين. كيف يمكن تفسير هذا؟ إنه دليل واضح على وقوع إبادة جماعية".
واعتبر تبون أن الاعتراف بالجرائم الاستعمارية ضروري لبناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل مع فرنسا، منوها بأن الشباب الفرنسي ليسوا مسؤولين عن أفعال أجدادهم.
كما دعا فرنسا إلى اتخاذ خطوة رمزية ببناء تمثال للأمير عبد القادر ( مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة) كاعتراف بإرثه ومقاومته، مشددا " الجزائر لن تغفر ولن تنسى، وأنه لن يتخلى عن ملف الذاكرة".
كانت العلاقات بين فرنسا والجزائر قد شهد توترات في مطلع أكتوبر عام 2021 على خلفية التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والتي شكك فيها بوجود الأمة الجزائرية قبل الاستعمار الفرنسي للبلاد ،مما أثار حفيظة السلطات العليا بالجزائر.
وقد أصدرت الرئاسة الفرنسية بعدها بيانات أكدت فيه احترام ماكرون للأمة الجزائرية وتاريخ البلاد، بعد تصريحات غاضبة للرئيس عبد المجيد تبون.