مصدر بقطاع الحديد: التعامل مع المستهلك النهائى قد يتحول أيضا للدولار
عادل: تعاملات التجار بالدولار تقفز بسعره فى السوق الموازية
سيطرت تحركات سعر الدولارفى السوق الموازية (السوداء) على تقييم السلع والمنتجات، وباتت تحدد قيمة التبادل بين التجار والمصنعين فى العديد من القطاعات، وفقا لعدد من التجار والمصنعين، الذين أكدوا أن بعض الموردين باتوا يطالبون بسداد قيمة البضائع بالدولار.
وأوضح تجار ومصنعون لـ «الشروق»، أن هذه الظاهرة دفعت التجار فى سوق التجزئة إلى إجبار المستهلكين بسداد قيمة السلع بسعر يعادل الدولار فى السوق السوداء، ما قفز بأسعار السلع والمنتجات فى الأسواق بنسبة قد تصل إلى 60% فى يناير الماضى.
وارتفع سعر الصرف بالسوق الموازية بنسبة 28% خلال النصف الثانى من شهر يناير الماضى، ليدور حول 74 جنيها، مقابل 58 جنيها فى منتصف الشهر، وفقا لمصادر تحدثوا مع «الشروق»، مرجعين ذلك إلى ارتفاع الطلب من جميع فئات المجتمع التجارى والصناعى بالسوق المحلية.
يقول أحمد نبيل عبدالله، نائب رئيس شعبة بيض المائدة باتحاد منتجى الدواجن، إن المنتجين يعانون بسبب البحث عن الدولار، مضيفا أن شركات الأعلاف تطالب أصحاب المزارع بدفع قيمة الشحنات بالعملة الخضراء.
وتابع: «إذا أردت الدفع بالجنيه ستنتظر حتى ينتهى جميع المتعاملين بالدولار من الحصول على شحناتهم»، مضيفا أن هذا التأخير قد يعرض حياة الدواجن للخطر، فيضطر المنتج بالنهاية إلى الشراء بالدولار.
وقال: «إن المنتج فى النهاية يريد شراء العلف بأى سعر، ومهما كانت طريقة الدفع حتى يستطيع أن يوفر الغذاء للدواجن، فقد يضطر إلى شراء الدولار بأى سعر، مضيفا: «هذه الآلية تضغط بشدة على سعر العملة وهو ما جعل سعر الدولار يصل إلى مستويات لم يتخيلها أحد من قبل».
ويرى نبيل أن تصرف تجار وشركات الأعلاف منطقى جدا فى ظل الظروف الحالية، موضحا بمثال: «التاجر الذى يبيع بضاعته اليوم بالسوق المحلية سيحتاج مبلغا إضافيا بعدما تحصل على ثمن البضاعة، حتى يستطيع توفير العملة الصعبة لكى يقوم باستيراد بضاعة جديدة، بسبب الزيادات المستمرة فى سعر الدولار».
وتابع أنه لا يوجد تاجر أو صاحب عمل سيقبل أن يتاجر بالخسارة، ولكنه يبحث عن حلول يحافظ بها على تجارته، وهذا الحل يكمن فى بيع السلعة بالدولار داخل السوق المحلية، حتى يستطيع استيراد أخرى من الخارج.
وقال نبيل: «يجب ألا نلوم من يقوم بمثل هذه التصرفات، بل علينا أن ننظر لسبب المشكلة»، مشيرا إلى أن هذه الإشكالية لا يوجد لها حلها سوى توفير الدولار للمستوردين بالأسعار الرسمية، مؤكدا أنه لا يشجع مثل هذه الممارسات كما أنه من أكبر المتضررين باعتباره صاحب إحدى مزارع بيض المائدة، ولكن لا أحد يستطيع السيطرة على السوق المحلية، إلا إذا توفر مبدأ «إتاحة» السلعة نفسها أو العملة الأمريكية.
من جانبه يقول صاحب أحد المصانع الكبرى فى قطاع الحديد والصلب بالسوق المحلية: إن التعاملات بين التجار والمصنعين محليا مرت بعدة مراحل خلال الأزمة الاقتصادية الحالية حتى وصلت للتعامل بالدولار.
وذكر المراحل التى مرت بها تعاملات التجار خلال عامين، قائلا: «بدأنا بإلغاء التعاملات الآجلة، ثم ألغيت التعاملات البنكية وأصبح الدفع نقديا فقط وقت شراء البضاعة، إلى أن وصلنا إلى التعامل بالدولار».
وأوضح أن تلك التعاملات فى قطاع الحديد تكون بين المصانع وموردى الخامات، والمصانع وتجار التجزئة، متابعا: «أخشى أن يبيع تاجر التجزئة للمستهلك النهائى بالدولار قريبا».
وأشار إلى أن هذه التعاملات جعلت السوق المحلية فى «حالة من الجنان» على حد وصفه، موضحا أن تاجر التجزئة إذا اشترى بضاعته بالدولار فإنه يضع هامش تحوط من ارتفاع سعر الصرف قد يزيد على الـ40%، حتى يتمكن من شراء البضاعة مرة أخرى.
ويقول محمد عادل، مدير إحدى شركات التوريدات، إن المستورد يحتسب سعر الدولار بسعر يفوق السوق الموازية بـ3 أو 4 جنيهات على الأقل، وذلك للتاجر أو المصنع الذى يريد شراء بضاعته بالعملة المحلية.
وأضاف: «عندما تحولت تعاملات التجار بالسوق المحلية إلى الدولار ارتفع سعره من 50 إلى 74 جنيها فى شهر واحد»، موضحا أن التجار والمصنعين سيشترون الدولار بأى طريقة وبأى سعر، حتى لا يتوقف عملهم وفى النهاية سيحمل تلك الأعباء على المستهلك النهائى.