«الصفقة الحساسة» بين ميلونى وقيس سعيّد! - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 11:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الصفقة الحساسة» بين ميلونى وقيس سعيّد!

نشر فى : الثلاثاء 4 يوليه 2023 - 7:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 4 يوليه 2023 - 7:20 م

لا حديث فى أوروبا يعلو على موضوعين اثنين، الحرب الروسية الأوكرانية، ووقف الهجرة غير الشرعية، التى تعتبرها الحكومات أكبر تحدٍ يواجهها، فى ظل ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، للدرجة التى جعلت الدول الأوروبية تقايض علنا أى تعاون مع أى دولة من الدول التى تعد مصدرا للهجرة بالتوقيع على اتفاق يقضى بقبولها تسلم مواطنيها الذين تعيدهم أوروبا إليها بعد أن دخلوها بطرق غير شرعية، ذلك أن معظم الدول ترفض استقبالهم، وتنفى صلتها بهم، فيعودون إلى أوروبا مرة أخرى.
لم يقتصر الأمر على إعادة طالبى اللجوء المرفوضين فى أوروبا إلى بلدانهم الأصلية، بل إنه وصل إلى الدفع فى اتجاه ترحيلهم إلى «بلدان ثالثة آمنة»، أى بلدان غير أوروبية وليست موطنا لطالبى اللجوء، وهنا عملت زعيمة اليمين المتطرف فى إيطاليا التى صارت رئيسة للوزراء جورجيا ميلونى على اختيار تونس لتصبح «البلد الثالث الآمن» الذى يمكن لأوروبا وتحديدا إيطاليا إعادة طالبى اللجوء المرفوضين إليها خصوصا القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء والشرق الأوسط.
فى السادس من يونيو الماضى التقت ميلونى الرئيس التونسى قيس سعيّد فى قصر قرطاج الرئاسى، وأجرت معه محادثات لنحو ساعتين، منعت الرئاسة التونسية وسائل الإعلام المحلية من تغطية اللقاء، لكن ميلونى ــ التى وصلت إلى السلطة فى بلادها بتعهدها بوقف مراكب المهاجرين المتجهة إلى إيطاليا من شمال أفريقيا ــ أعلنت أنها رصدت 700 مليون يورو لمساعدة تونس التى تواجه صعوبات اقتصادية ومالية. كما أثار سعيد خلال اللقاء، موضوع «إلغاء الديون التى تثقل كاهل الدولة التونسية».
وقالت ميلونى إن إيطاليا تعمل أيضا على إنجاز اتفاق بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولى بشأن برنامج القرض المعلق بقيمة 1,9 مليار دولار بسبب الخلاف بشأن إصلاح نظام الدعم. معتبرة أن دول الاتحاد الأوروبى ترى أن القرض مهم لفتح الباب أمام تمويلات إضافية للشريك التونسى.
بعد ذلك اللقاء بثلاثة أيام فى التاسع من يونيو أعلن الاتحاد الأوروبى عن توصله لاتفاق يقضى بوجوب تقاسم أعباء المهاجرين وطالبى اللجوء الواصلين حديثا إليه، على أن تدفع الدول الرافضة للمشاركة فى تلك الآلية 20 ألف يورو عن كل مهاجر ترفض استقباله. كما اتفق وزراء داخلية التكتل على وجوب التسريع فى البت فى طلبات اللجوء، خاصة لمن هم غير مؤهلين للحصول على «حق اللجوء»، تمهيدا لترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية أو إلى «بلدان ثالثة آمنة مثل تونس أو ألبانيا»، وهكذا جرى ذكر تونس بالاسم فى غرف الاتحاد الأوروبى المغلقة، بحسب دبلوماسيين أوروبيين، لتصبح البلد الثالث الآمن الذى تسعى أوروبا لأن يكون مستودعا لكل طالبى اللجوء الذين تريد أوروبا ترحيلهم.
بعد يومين من هذا الاتفاق فى 11 يونيو عادت ميلونى إلى تونس، لكنها كانت مصحوبة هذه المرة برئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس الوزراء الهولندى مارك روته. وأعلنت رئيسة المفوضية عن «حزمة شاملة» لتونس ضمن «اتفاق شراكة»، يشمل منحها مساعدة مالية بقيمة 900 مليون يورو، ومساعدة بقيمة 150 مليونا يتم صرفها «فورا» فى الميزانية، وحزمة بقيمة 105 ملايين أخرى لتقوية خفر السواحل لمنع الهجرة عبر شواطئها.
يصف الاتحاد الاوروبى وتونس المفاوضات بينهما بـ«الحساسة»، ويحاول الأوروبيون أن يخففوا مرارة كون تونس ستتحول إلى مستودع لطالبى اللجوء الذين رفضتهم أوروبا بالتركيز إعلاميا على قطعة السكر التى يسمونها «الشراكة الشاملة»، عبر تعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون فى مجال الطاقة النظيفة.
رغم أن الرئيس سعيد يكرر منذ زيارة المسئولين الأوروبيين الثلاثة أن تونس لن تكون «حارسة لحدود أوروبا»، ولن تخضع لـ«إملاءات» صندوق النقد الدولى، إلا أن هناك تفاؤلا فى الأروقة الأوروبية بإنجاز الاتفاق معه، وبحسب دبلوماسيين غربيين فإن «الرجل يتشدد لزيادة المقابل الذى ستحصل عليه بلاده فى الصفقة»، وهو ما يتماشى مع تصريح رئيس وزراء هولندا، الذى قال فيه: «النقاشات مستمرة، وأتوقع نتيجة جيدة».. فهل يطلع الرئيس التونسى شعبه بحقيقة تلك الصفقة؟

التعليقات