في فلسطين كارثة إنسانية لا تنتظر التعاطف! - ساره راشد - بوابة الشروق
السبت 1 يونيو 2024 5:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في فلسطين كارثة إنسانية لا تنتظر التعاطف!

نشر فى : الأحد 5 نوفمبر 2023 - 8:50 م | آخر تحديث : الأحد 5 نوفمبر 2023 - 8:50 م
جاء إلىّ طفلى باكيا يحاورنى... شعر بأن العالم الذى جاء إليه قد فقد صوابه... وأن الكبار لم يعودوا محل ثقة... وأنه يتمنى لو كان له جسد أكبر يدفع به الموت عن آلاف الأطفال الذين قتلوا... وأن العالم ربما يحتاج أن يحصل على دهشة كدهشة الأطفال، إذ يرون ما يجرى، وإذ تدهشهم قدرة الكبار على اعتياد العجز وإعادة مضغ الكلام ذاته... أليس الإنسان أقوى من مثل هذا الضعف؟
هزنى تساؤله ودموعه... وألمه وتعاطفه الذى لا يغير واقعا على الأرض.. فصمت طويلا.. لم يكن ما حدث زلزلا ولا إعصارا فى غزة خلال الأسابيع الماضية... لم يكن غضب الطبيعة كما يقولون، ولم يكن عدوا خبيثا لا يرى بالعين كالذى فتك بالملايين حول العالم.
إنه عدو غاشم ظالم ومجرم ومعتدٍ، اتحد مع خطايا الشعوب العربية على مدى عقود حتى أصبح استئصاله غير ممكن بدون تحمل الألم وخوض المعاناة إجباريا!!
وها قد خضعت الأمة العربية لأول عملية وبدأ النزيف.. إنها دماء زكية تلك التى تسيل فى غزة على مدار الساعة... وإن ما نحتاج أن ننزعه هو جهل مركب، وتضليل متعمد، وإهدار لطاقات ومقدرات الشعوب التى كان حتما علينا رعايتها وتقويتها وتعاضدها بما يحدث طفرة للتحدى الدائم الذى نواجهه.. تحتاج الأمة إلى إنعاش للذاكرة التاريخية والجغرافية؛ تحتاج إلى التعافى الفكرى والمعرفى والثقافى؛ تحتاج للقوة.
يعرف صهاينة العالم حجم قوتنا قبل أن تصبح الصهيونية حركة عالمية بعقود من الزمان. واعتمدوا على التراكم المعرفى والعمل المتسلسل عبر الأجيال من أجل أن يتسع حجم المشروع الصهيونى ويتوغل فى جسد أمتنا. لم تمتلك الأمة مشروعا واحدا مماثلا يضاهى حجم المشروع الصهيونى ويعتمد مثله على التراكم عبر الأجيال إلا مشروع المقاومة.
المقاومة فكرة قبل أن تختصر فى حركة ضمها مكان واحد وبقعة واحدة مباركة بفضل تمسكها بهذا الإرث النبيل. وأرضنا التى بارك الله فيها رفعت راية الإسلام عالية عبر التاريخ نابذة للخنوع والاستسلام والتبعية، فكانت تلك الراية منبع قوتنا الذى لا ينضب.
الصهيونى يعلم ذلك جيدا منذ أن أصدر بلفور وعده الشهير. واليوم عندما تسيل الدماء، لا تعاطف يحتاجه منك جسد الأمة المصاب الجريح الدامى.. لا تتألم إنسانيا... فالجرح ينزف حتى تستأصل أشواك الجهل والتبعية والإذلال شوكة بعد أخرى.
طاقات وقدرات شبابنا المهدرة وطموحنا الذى انخفض سقفه عبر الزمن لم يحصل على النهضة فى أى اتجاه... وإنما رضى بمحاولات التنمية الحثيثة... فتباطأت الخطى... وفترت الهمة وضعفت العزائم... واخترق الجسد من هنا وهناك حتى اتسع الخرق على الراقع.
واليوم.. دع تعاطفك جانبا.. دع الزخارف والمبانى والقاعات الفخمة التى مات فيها الكلام. اليوم هو يوم شحذ الطاقة.. ونبذ الخلاف.. اليوم هو يوم أن ينهض جسد الأمة بذاته لا بمعونة أجنبية ولا بأهداف خفية.. هدفنا واحد.. استئصال المرض.
بهدوء تساءلت مذيعة البرنامج فى القناة الأجنبية وهى تحاور ضيوفها عن كيفية مقاومة «الإرهاب الإسلامى؟» وأنه على الرغم مما حل بكارثة لأطفال غزة نحتاج أن نفكر ماذا نفعل مع أطفالنا إذا ما رأوا إحدى الصور؟ فكانت الإجابة بحجب الصور وشرح ما يجرى فى حصص مدرسية.
ترى ماذا سيقولون لأطفالهم؟ عساه لا يكون ما سوف يحدد مستقبل أمتنا.. النصر لغزة.. الوحدة.. القوة.. المقاومة.
التعليقات