ببساطة.. بشقاوة.. ببراءة.. نشأ جيل الثمانينيات على صوته الصادق المقنع..السعيد. جيل المرحلة الانتقالية.. التى عبرها بكل براءة وبغير استعداد..
لم يكن المطرب المفضل نجما بعد؛ ولم تكن الحفلات الصاخبة قد بدأت.. هكذا نشأ جيل الثمانينيات (وعدى...عدى.. ولا مال وهدى.. هدى.. ولا خد ولا إدى).. جيل لم يختر براءته.. بل كان حالما قليل الخبرة.. «ده باينه ملوش غالى.. الحلو أبو قلب خالى).
كان يبحث عن التجربة ويتطلع إليها.. (علمنى معنى الهوى.. معنى السهر بالليل.. قلبى لا عمره انكوى.. ولا عمره داق الويل).
هكذا تلقن هذا الجيل أبجديات الحب والفرح والحزن.. بصوته الدافئ أقنع الفنان محبيه بأن صوته هو صوتهم.. وأنه من بين الأصدقاء صديقهم.. وأصبحوا هم أهله وأصحابه.. (دوقنى طعم الندى من قلب كله خضار.. صوت الغريب ابتدا وبقاله أهل ودار).
كان مقنعا بالدرجة التى جعلته يغنى بجرأة أغنية أحمد منيب فجاءت نسخته فريدة فقط لأنها بصوته.. ووجدت صداها فى قلوب هذا الجيل (الحب ليه صاحب.. والكره ليه صاحب.. الفرح ليه صاحب.. والحزن ليه صاحب.. وأنا.. أنا عل الوعد متصاحب).
أصبح جمهوره ينتظر بشوق وترقب صدور ألبوماته ويتابع مشواره ونجاحه فى مجلة الشباب وبرنامج أمانى وأغانى.. محطتان الأولى شهرية والثانية يومية لرصد الترند الشبابى فى عصر كان فيه الإنترنت حلما من الخيال، فى التسعينيات كان الوطن مركز الكون بالنسبة له، السعادة كلها فى لحظات لقاء الأحبة والأصدقاء.. (على البساط تحلى اللمة.. إحنا وهم.. على البساط.. يحلا اللقا.. والانبسااااااط.. على البساط روق دمك.. يرحل همك).
أى هم كان يحمله هذا الجيل ببساطة الرحب وبساطة أحلامه الصغيرة حتى هم الوطن حمله هذا الجيل بسيطا مغلفا بمحبته الخالصة وبرضا وإيمان بأن غدا أفضل ما زال فى الإمكان.. (مطرح ما تودينى السكة وأيامى حبك بيرسينى وينادينى لأحلامى).
هذا الحب الذى تمناه جيل الثمانينيات حلا لكل المشكلات طالما لم نتفرق.. أو نفترق..(الحب بحر مالوش آخر.. وقلوبنا فى رحابه بواخر.. بتسعنا كلنا لو كنا بنلم بعض ونتاخر..).
بساطة الكلمات.. عذوبة الألحان وجمال الصوت كانت محل إعجاب جمهوره.. كان حبهم هادئا.. بغير صخب أو ضجيج.. لم يسرفوا فى التعبير عن نجوميته المستحقة ومشواره الفنى الراقى. بدا كما لو أن جمهوره غير موجود.. هذا الجيل الحلو الذى أحب فنانه بلطف ورقة بادله الفنان حبا بحب واحتراما باحترام.. (لازم أحبك أنا لازم يا حلو أكتر م اللازم.. وإن قالى لازم...تنسانى لازم حقوله لأ..لأ..لأ..لأ..لأ.. لأ..لأ..لأ..لأ..لأ..لأ لااااأ...مش لازم).
عبر هذا الجيل مرحلة طفولته وشبابه واختصرت معه كل المسافات.. فى الزمان والمكان، وفى الخيال والواقع شعور يعرفه جيدا كل مولود سنة ٨٠ فيأتى بعده جيل جديد تتغير معه الأبجديات والمعانى.. تتغير موسيقاه وألحانه.. تتسع له الآفاق ويصبح الكون بين يديه فى كل لحظة.
لم تصبح أغنيات علاء عبدالخالق مما يذاع فى الإذاعة أو التلفزيون
واندثر الكاسيت.. (اتغيرتى.. اتغيرتى.. وحاسس إنك إنت مش إنت
وكأنك لا دخلتى حياتى ولا يوم كنت..).
ورغم قسوة المراحل الانتقالية...استطاع هذا الجيل عبور المرحلة الانتقالية التى قدرت له بنجاح.. فهو الأقدر على استيعاب الماضى وفهم تحديات المستقبل.. وظل علاء عبدالخالق فى وجدان جمهوره فليس هناك أصدق من أغنياته تعبر عن حيرة هذا الجيل صاحب قلب «طيارة ورق.. قلبك طيرها لفوق..).
يعلم هذا الجيل ما يميزه عن الأجيال من بعده.. فالمعانى التى تربى عليها تختلف عن أجيال الأغنيات الديجيتال (أنا قلبى ماهوش دفتر مواعيد.. بيغير قلب بقلب جديد.. ويعيش ١٠٠ لون فى الساعة ويزيد.. ويبدل حب قديم بجديد).
وبغير احتفاء أو تكريم وبغير صخب أو ألقاب احتل علاء عبدالخالق مكانة فى القلوب لا تمحى وذكريات لا يعرفها إلا أصحاب هذا الجيل الأوفياء دائما..(مكتوب علينا إننا...أنا وإنت فى الحواديت.. تاخدنى فوق للسما عل النجم نبنى البيت.. قسمة ومتقسمة.. أنا شمس وإنت...شروق).
مترجمة وكاتبة مستقلة