الإسلاميون يربحون - سلامة كيلة - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 11:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإسلاميون يربحون

نشر فى : الثلاثاء 13 ديسمبر 2011 - 9:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 13 ديسمبر 2011 - 9:00 ص

فى تونس كما فى المغرب، وكما يبدو أنه سيحدث فى مصر، هو «انتصار الإسلاميين» فى الانتخابات التى جرت وتجرى. وربما ستكون النتيجة ذاتها فى البلدان الأخرى التى يمكن أن تجرى انتخابات فيها.

 

هل كان ذلك مفاجئا؟ أو هل سيكون مفاجئا فى الانتخابات القادمة فى أى من البلدان الأخرى؟

 

ربما فرضت الانتفاضات التى اجتاحت بلدان عربية عدة أن يجرى توقع انتصار أحزاب تعبّر عن مطالب الطبقات التى انتفضت، حيث يوضع الإسلاميون خارج الأحزاب التى يمكن أن تحقق مطالب هذه الطبقات، لأنها لا تقدّم حلولا سواء من زاوية الديمقراطية والدولة المدنية عبر ميلها لتطبيق الشريعة، أو من زاوية المطالب الاقتصادية كونها ليبرالية وأكثر من ليبرالية من حيث «تقديسها» للملكية الخاصة ودفاعها عن الربح والاقتصاد كتجارة خصوصا. وكل ذلك صحيح، لأنها تنطلق من أن التجارة هى الاقتصاد، ولهذا تقدّم كل التطمين لأسواق المال والطغم المالية الإمبريالية كما فعلت فى تونس والمغرب. وبالتالى تؤكد بقاء الوضع الاقتصادى كما صاغته الرأسمالية المافياوية التى كانت تحكم، والتى ستستمر تحكم عبر هذا الوافد الجديد. أى على الضد من مطالب الطبقات الشعبية التى انتفضت، وقام جزء منها بانتخاب هذه الأحزاب.

 

هنا لا بد من التمييز بين سياق الانتفاضات وسياق الانتخابات، فى الانتفاضات لم يكن للإسلاميين دور مهم، وكان الشباب «غير المسيس» فى الغالب هو الذى لعب الدور المحورى، لكن فى الانتخابات تبرز عناصر أخرى «أهم»، هى الوجود «التنظيمى» والدعم المالى، والإعلام الداعم. ولقد برز الإسلاميين فى السنوات السابقة لقوة معارضة للنظم، وحققوا وجودا مهما، ورمزية ضرورية لكى يظهروا كبديل عن النظم البائدة. يردفهم الليبراليون، بينما كان اليسار يتلاشى تقريبا، ويظهر كقوة عاجزة وملحقة تردد إما شعارات الإسلامين أو الليبراليين. وكان واضحا بأن المشرفين على المرحلة الانتقالية (أى قيادة الجيش) وبنى السلطة القديمة تميل إلى دعمهم لتوسيع قاعدتها السياسية مع الحفاظ على النمط الاقتصادى الذى شكّلته رأسمالية مافياوية كانوا التعبير عنها. وأيضا كانت الدول الإمبريالية تفتح الطريق لهم. كل ذلك من أجل بناء سلطة مستقرة تمتص الأزمة وتحافظ على النمط الاقتصادى الريعى.

 

بالتالى فإن الدور السابق هو الذى أهّل القوى الإسلامية لأن تكون هى المنتصرة، لكن بدعم من النظم وراعيها، وفى وضع لم تكن الانتفاضة قد أفرزت تعبيراتها السياسية. رغم أن التدقيق فى الأرقام يوضّح بأن المصوتين لهذه القوى ليسوا بالحجم «المخيف». فمثلا فى تونس حصدت حركة النهضة ما يقارب الـ40% من المقاعد، لكن هذا الرقم يساوى أقل من 18% من الأصوات التى يحق لها الانتخاب (أخذت 40% من 48% صوتت من الذين لهم حق الانتخاب). وفى المغرب الرقم أقل.

 

أقصد بأن هذا «الانتصار» كان طبيعيا، لكنه ليس بالضخامة التى تخيف. فقد تحصلت على استقطاب بعض الفئات الاجتماعية فى انتخابات كانت كل بنية السلطة الانتقالية تعمل لصالحها.

 

لكن هل هو نهاية الطريق، ومآل الانتفاضات؟

 

هنا نعود إلى سياق الانتفاضات، التى انطلقت بالتحديد من البطالة والإفقار والتهميش، وليس من أجل تغيير أشخاص وأحزاب، هل تستطيع القوى الإسلامية حل مشكلات البطالة والفقر والتهميش؟ بالتأكيد لا، هذا ليس من خوف أو تخوّف لأن الانتفاضات بدأت من أجل ذلك وستستمر إلى حين تحقيقها. وإذا كانت الانتخابات لم توصل من يحققها، فستكون الانتفاضات هى الطريق مرة أخرى. فليس لدى الطبقات الشعبية ما تخسره، بل ليس أمامها سوى أن تكسب حياتها فى نمط اقتصادى يضمن لها ذلك، وهو فى كل الأحوال ليس الرأسمالية، التى باتت مافياوية وريعية، وهمّشت كتلة كبيرة من المجتمع هى الطبقات الشعبية.

 

إذن الطبقات الشعبية سوف تتجاوز نتائج الانتخابات، رغم أن الإسلام السياسى هو فى قمة غروره.

سلامة كيلة  كاتب وناشط سياسي فلسطيني
التعليقات