ثورة 25 يناير.. «لسه الأمانى ممكنة» - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
السبت 11 مايو 2024 10:12 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثورة 25 يناير.. «لسه الأمانى ممكنة»

نشر فى : الأحد 24 يناير 2016 - 11:45 م | آخر تحديث : الأحد 24 يناير 2016 - 11:45 م
(1)

لست من أولئك الذين يذرفون الدموع على ثورة 25 يناير.. ويقطعون بفشل تلك الملحمة التى سطرها الشعب المصرى بمختلف أطيافه وأعماره؛ لتقف جنبا إلى جنب مع أعظم حدثين فى تاريخ مصر الحديث: ثورة 1919 وحرب أكتوبر 1973.

دفوعى لعدم البكاء والنحيب على هذه الثورة المجيدة التى أطاحت بنظام فاشل مردها إلى أنها تسببت فى إحداث تغيير ملموس فى ذهنيات اللاعبين الرئيسيين على المسرح المصرى؛ فالشعب وهو اللاعب الأول لم يعد ذلك «القطيع المسالم» الذى يدع ما لقيصر لقيصر.. والاحتجاجات التى انطلقت ضد قانون الخدمة المدنية وغيره فى ظل قانون باطش للتظاهر يؤشر إلى أن الشعب أدرك جيدا حجم قوته، وأنه ما من قوة بإمكانها منعه من الاعتراض على ما يقتنع بأنه ضد مصالحه.

مرتبط ذلك بوجود جيل شاب له الأغلبية العددية فى هذا الشعب يرتفع سقف طموحه فيما يخص الحقوق والحريات بشكل لم يسبق له مثيل على ضفاف النيل.. ويدرك أنه صاحب المستقبل فى هذا البلد مهما قاتل أصحاب المصالح لتهميشه أو تشويهه، أو حتى احتكار الحديث باسمه فى مرات أخرى من قبل مجاميع بعينها.

فى نهاية المطاف سيقول هذا الجيل الأكثر تعليما وانفتاحا على العالم كلمته حتى بفعل عوامل التعرية والتحلل؛ فجيل المومياوات سيذهب حتما إلى الجحيم وإن ظل معروضا فى متاحف السياسة لفترة لن تطول!

(2)

اللاعب الثانى على المسرح هو السلطة، التى وإن بدت جانحة إلى التضييق والمحافظة إلا أن ما جرى لنظامين قبلها يمثل لها هاجسا تكاد تتلمسه فى كل قرار من قراراتها.. فأحيانا يقودها هذا الهاجس إلى عصبية مرضية؛ فتصاب بقصر نظر يدفعها إلى التصويب على وجوه بعينها تعتقد خطأ أنها وحدها القادرة على تحريك الشارع ضدها.. علما بأن المجهود الرئيسى للثوار فى 25 يناير كان من أولئك المحبطين الجالسين على المقاهى وغير المسيسين الحالمين بفرصة عمل وغد أفضل تتكافأ فيه الفرص.

هاجس يناير يدفع السلطة فى مرات أخرى للإنجاز أو السعى نحوه.. كما فى المشروعات التى تستهدف الشباب والفقراء (استصلاح 1.5 مليون فدان نموذجا).

(3)

الثورة فى أبسط تعريفاتها هى تغيير جذرى وسريع فى النظام السياسى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى.. ووفق ذلك المعيار فإن 25 يناير لم تحقق إنجازا له وزن بفعل مجرى الحوادث التى أعقبت تنحى حسنى مبارك، والتى انحرفت بعيدا عن كل ما له علاقة بتحقيق أهداف الثورة.

لم تتحقق هذه الأهداف كذلك بفعل تأثير ظروف إقليمية ضغطت على الأعصاب، وجعلت أى مقامرة بالاندفاع لانتزاع الحقوق بإمكانه تعريض الوجود المصرى كله للخطر؛ فأعمدة النار تحاصر الوطن من جميع اتجاهاته.. فى ليبيا غربا.. وسيناء شرقا.. وتهديدات مياه النيل وتدفق السلاح جنوبا، فضلا عن تعلق أعين المصريين بما آلت إليه أوضاع دول شقيقة مزقتها الفوضى وقادتها إلى المجهول.

(4)

وبالرغم من كل هذه المعطيات فإن المصريين أو على الأقل أصحاب المستقبل منهم لم ينسوا أمانيهم الكبرى التى دفعوا أثمانها مقدما فى الشوارع والميادين، وهو ما يحتم على نظام الرئيس عبدالفتاح السيسى القيام بتقديرات دقيقة للموقف.. يكون عمادها الأساسى الاقتناع بأن التغيير فى مصر صار حتميا.. وأنه لو لم يأخذ زمام المبادرة فيه قد يعرض الوطن لخطر داهم.. ومن هنا فعليه الإسراع بإعلان رؤية واضحة للمستقبل.. رؤية تنحاز لعموم الشعب لا لحفنة من رجال الأعمال على الصعيد الاقتصادى مهما كلفه ذلك من مواجهة..رؤية سياسية تقاوم شهوة الاستئثار والتفرد بالسلطة عند نخبة ثبت فشلها.. رؤية تطلق المياه فى قنوات السياسة التى جفت ــ أو كادت ــ عبر إدماج حقيقى لأصحاب المستقبل فى هذا البلد وهم الشباب؛ من خلال إتاحة الفرصة أمامهم لمشاركة حقيقية بعيدة عن الشعارات أو الإجراءات التى تعزز حضور شلة بعينها يجرى إعدادها فى حضانات خاصة!!، رؤية تنحاز للعدل الاجتماعى وإتاحة الفرصة لحراك طبقى طبيعى.. عبر كفالة نظام يؤمن للجميع تكافؤ الفرص عند تولى الوظائف العامة على أنقاض نظام «التوريث» المعمول به فى قطاعات حساسة ومهمة فى الدولة المصرية والذى يوصد الباب أمام كل متفوق.

(5)

وفى الختام.. سلام على أرواح الأبرار الذين سقطوا شهداء لرفعة هذا الوطن.. سواء بالذود عنه أو بالمطالبة بالمزيد من الحرية.

kaboubakr@shorouknews.com
التعليقات