ليبيا ستصبح قوة عظمى - روبرت فيسك - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 11:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليبيا ستصبح قوة عظمى

نشر فى : الأربعاء 24 أغسطس 2011 - 10:14 ص | آخر تحديث : الأربعاء 24 أغسطس 2011 - 10:14 ص

 المتبقون من الملوك والطغاة العرب أمضوا ليلة أخرى جافهم فيها النوم. ما مدى قرب انتقال عدوى ثوار طرابلس إلى دمشق وصنعاء والمنامة والرياض. بالطبع هذه الدول لا تعد حالات متشابهة على الإطلاق.

لقد أثبت الربيع والصيف والخريف العربى أن الحدود الاستعمارية القديمة ليست هى فقط التى تفقد حصانتها وقوتها، ولكن أيضا أن لكل ثورة عربية خصائصها التى تنفرد بها عن باقى الثورات. فحتى مع كون كل الثورات لديها هذا الميل الشديد فى الشهادة، إلا أن بعض الثوار كانوا اكثر عنفا من غيرهم.

وكما قال سيف الإسلام القذافى فى بداية سقوطه: «ليبيا ليست تونس، وليست مصر.. بل سيتحول الوضع فى ليبيا إلى حرب أهلية. وسيكون هناك حمام دماء فى الشوارع». وبالفعل كانت هناك دماء كثيرة.

وإذا تأملنا «البلورة السحرية» سنجدها تظهر أن ليبيا ستكون قوة عظمى فى الشرق الأوسط، ما لم يتم فرض احتلال اقتصادى عليها كثمن لقيام حلف الناتو بقصف (تحرير) ليبيا، وستبتعد تدريجيا عن أفريقيا وتقترب من العالم العربى، حيث ان هوس القذافى بأفريقيا سيكون قد اختفى.

كما سينسحب التأثير الديمقراطى لليبيا على المغرب والجزائر فى الجوار، وستكون دول الخليج هى الأخرى اكثر سعادة، حيث تعتبر معظم هذه الدول أن القذافى مختل عقليا، فضلا عن كونه مزعجا. لكن خلع الحكام العرب المستبدين يتحول إلى لعبة خطيرة عندما يدخل فيها الحكام العرب غير المنتخبين.
ومع الأخذ فى الاعتبار أن ليبيا تعانى مثل كل الدول الأخرى من سرطان الفساد المالى والأخلاقى، فهل سيكون المستقبل لديها مختلفا؟ حتى الآن أمضينا وقتا طويلا نثنى على شجاعة «المقاتلين الليبيين من اجل الحرية».

ومثلما تضم كل الحكومات الجديدة شخصيات من النظام السابق، مثل المالكى فى العراق، فيجب على ليبيا أن تتعلم كيف تستوعب قبائل القذافى وتتعامل معها. إن المشهد فى الساحة الخضراء بطرابلس بعد دخول الثوار كان مشابها لدرجة مؤلمة للمشهد الذى كانت فيه الساحة تعج بالمصفقين للقذافى منذ أسابيع قليلة.

ليس هذا كل شىء. إذ يجب أن نسأل: كم سيستغرق العالم من الوقت حتى يكتشف سر المقرحى، الذى كان من المفترض انه يحتضر، والمتهم بتنفيذ تفجير طائرة فوق لوكربى، إذا كان قد قام به بالفعل ــ وسر طول عمره ونشاطه فى الخدمة السرية للقذافى؟. كم سيستغرق محررو طرابلس من الوقت حتى تقع أيديهم على ملفات النفط الخاصة بالقذافى، وملفات وزارات الخارجية لمعرفة أسرار العلاقات القوية بين بلير وساركوزى وبرلسكونى مع مؤلف الكتاب الأخضر؟
كما يجب أن نسال أيضا عن الوقت الذى سيمر قبل أن تطلب شعوب أوروبا أن تعرف إذا ما كانت عمليات الناتو فى ليبيا قد نجحت مثلما يدعى كاميرون وأصدقاؤه؟ ولماذا لا يمكن استخدام هذه الضربات أيضا مع الأسد؟.

ولدى إسرائيل الكثير لتفكر فيه، حيث كانت غير ناضجة فى ردة فعلها على الصحوة العربية، وإلا فلماذا بدت اسرائيل غير مرحبة بالثورة المصرية ولم تفتح ذراعيها للمطالبين بالديمقراطية فى اسرائيل، وهى التى تفتخر دائما بأنها الدولة الديمقراطية.

لقد رحل بن على، ورحل مبارك، وصالح على وشك الرحيل، والقذافى تمت الإطاحة به، والأسد يعتبر فى خطر، وعبدالله فى الأردن مازال يواجه معارضة قوية، والنظام الحاكم الحاكم فى البحرين مازال يطمح فى ان يستمر فى الحكم إلى الأبد.

هناك أحداث تاريخية ضخمة تصرفت إسرائيل تجاههها بقدر كبير من العداء. ففى للحظة التى تقول فيها تل أبيب إن جيرانها العرب يسعون للديمقراطية التى حققتها هى منذ زمن، تبنى مزيدا من المستوطنات وتنزع الشرعية عن نفسها باستمرارها فى اتهام العالم بمحاولة تدميرها.

وفى مثل هذه اللحظة الحرجة لا يمكننا أن ننسى الإمبراطورية العثمانية، ففى ذروة قوتها كنت تستطيع السفر من المغرب إلى القسطنطينية دون أوراق رسمية. وبوجود الحرية فى سوريا والأردن، كنت تستطيع السفر من الجزائر إلى تركيا، وتتقدم إلى أن تصل إلى أوروبا دون تأشيرة. إن الإمبراطورية العثمانية تولد من جديد! ولكن بالنسبة للعرب سنحتاج بالطبع إلى تأشيرة دخول.
نستطيع القول إن العرب يفتقدون إلى الحكمة والبصيرة، فهم لا يفكرون سوى فى الـ24 ساعة القادمة.. هل ستكون هناك احتجاجات فى حماة (بسوريا) غدا؟ ماذا سيكون تصريح أوباما بشأن ما يحدث؟ ماذا سيقول كاميرون للعالم ؟.. إن الربيع العربى سيستمر لسنوات ويجب أن نؤمن بذلك. لا توجد نهاية للتاريخ.

التعليقات